عاشت مدينة زايو ومنذ عدة عقود على الفوضى في قطاع التعمير، حتى وصلت اليوم إلى طريق مسدود، فالعديد من الجماعات المجاورة وجدت طريقها نحو الرقي بمنظومتها العقارية بينما تبقى زايو عاجزة عن إيجاد حل لمشكل العقار. لم تكن زايو لتصل إلى ما وصلت إليه من فوضى وعشوائية في مجال العقار لولا وجود قبضة حديدية حمت ولا زالت تحمي لوبي العقار والتجزيء السري، أمام صمت السلطات المعنية وأجهزة الرقابة إن لم نتحدث عن التواطؤ. مؤخرا، وخلال فترة قصيرة كشرت فيها السلطات المحلية بزايو عن سواعدها لتوقف البناء العشوائي والتجزيء السري، كانت النتيجة أن توقفت الفوضى بشكل ملحوظ، لكن لم يدم فرض القانون إلا أياما قليلة حتى عاد كل شيء إلى نقطة الصفر. النموذج لدينا في هذا السياق هو ما يجري شرق مدينة زايو، حيث تنامى وارتفع نشاط لوبي التجزيء السري بشكل لافت، وأصبح باديا لكل عابر من زايو إلى رأس الماء، حيث تصطف العشوائية على طول هذه الطريق داخل المدار الحضري، بفعل نشاط مافيا تجمع مبالغ طائلة على حساب المواطنين من ساكنة هذه الحاضرة. زايو لم تخرج عن عادتها؛ اليوم نشاط دؤوب لمافيا العقار وغدا أموال الدولة تذهب لتأهيل الأحياء العشوائية، فيصير الكل خاسرا ما عدا المجزئين ومن يتلقون العمولات جراء التشجيع والتغاضي. مؤسسات الدولة لم تسلم من الفوضى، فثانوية زايو التأهيلية الواقعة بالمنطقة المذكورة أصبحت محاطة بطوق من البناء العشوائي، رغم أننا نعلم أن بناء المؤسسات العمومية يكون بغرض تأهيل المكان الذي توجد به هذه المؤسسة لا إغراقه في العشوائية. الأحياء المتواجدة بشارع الطريق المؤدية إلى رأس الماء صارت عنوانا للعشوائية والفوضى، ومرتعا لنشاط مافيا الجشع، ولكم أن تلجوا أحياء "لافيراي"، مارشال، أولاد خويا، أفراس، دوار الذبان... لتقفوا على حجم ما اقترفته أيادي العبث في هذه المدينة. الغريب أن السلطات الولائية والعاملية تتحرك عند كل خرق يهم العقار بعدة مدن وجماعات الجهة والإقليم لكنها ورغم حجم الكوارث العقارية بزايو تقف موقف المتفرج أمام هول ما يقع دون تحريك للمساطر والقوانين، ولا أحد عوقب بما يقع من خروقات واختلالات وكأن مقترف هذه الفوضى شبح لا يرى. والأكثر من هذا كله؛ فقد توصل عامل الإقليم وقبله زينب العدوي، الوالي المفتش العام لوزارة الداخلية، وجهات أخرى بتقارير مفصلة عما يجري داخل زايو من انتهاكات جسيمة للعقار، مرفوقة بالصور، لكن لليوم لم يتم تحريك المساطر لمعرفة ما يجري ومن المسؤول عنه. زايو؛ هذا الجزء من الوطن الحبيب، في حاجة لفتح تحقيق لمعرفة من سمح ببناء هذه العشوائيات، وكيف حصل أصحابها على هذه الوعاءات العقارية، سيما وأن هناك حديثا قويا يشير إلى أن التجزيء السري غزا عدة مناطق بالمدينة. كما أن الحديث يشير إلى وجود مافيا تضم أشخاصا نافذين داخل المدينة ومجزئين وأعوان سلطة، يشتبه في كونهم وراء بناء هذه العشوائيات.