بعد أربعة شهور من الهدنة التي فرضتها الإجراءات الصارمة في حركة التنقل منذ إعلان حالة الطوارئ والحجر الصحي في النصف الثاني من مارس الماضي، عادت عجلة الهجرة غير النظامية إلى الدوران من جديد من الناظور و سواحل شمال المغرب إلى جنوب إسبانيا، بحيث أن هذه العودة التدريجية لنشاط "الحريك" تزامنت من الرفع التدريجي للحجر الصحي. ولا تقتصر عودة الحريك على الشباب الآتين من إفريقيا جنوب الصحراء، بل حتى على المغاربة. وإذا كانت السلطات المغربية أجهضت ليلة الأحد-الاثنين محاولات للهجرة غير النظامية صوب الضفة الأخرى، فإن السلطات الإسبانية أعلنت وصول قارب موت على متنه 19 مغربيا يوم الاثنين الماضي إلى ساحل مدينة قاديس، مبرزة أن أعمار الشباب المغاربة تتراوح ما بين 20 و30 سنة. إذ جرى توقيف هؤلاء المغاربة من قبل عناصر الأمن الإسباني في شاطئ "كومبوستو" لإخضاعهم للإجراءات الأمنية والصحية التي فرضتها الحكومة الإسبانية منذ إعلان حالة الطوارئ، حيث جرى عزلهم وتزويدهم بالكِمامات والمعقمات، في انتظار نتائج اختبار "بسر" للكشف عن فيروس كورونا المستجد. إذ تنص الإجراءات التي اعتمدتها الحكومة الإسبانية على إخضاع كل من يصل إلى إسبانيا من الخارج بشكل قانوني أو غير قانوني، إلى البروتوكول الصحي المعمول به عينه، والقائم بالأساس على الخضوع لاختبار الكشف عن الفيروس. وفي ظل استمرار قرار إغلاق الحدود بين البلدين، لن يكون بإمكان الحكومة الإسبانية ترحيل المهاجرين المغاربة غير المرغوب فيهم، كما أنه لا يمكنها وضعهم مؤقتا في مراكز الاحتجاج المؤقت بعد إغلاق هذه المراكز في عز أزمة فيروس كورونا بالجارة الشمالية. وفي الجانب المغربي، تمكنت عناصر خفر السواحل التابعين للبحرية الملكية، ليلة الأحد الاثنين (19 و20 يوليوز)، من توقيف 107 مرشحين للهجرة غير الشرعية، ينحدرون من آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء، في عرض البحر الأبيض المتوسط، كانوا على متن قوارب. هؤلاء المرشحون، ومن بينهم 13 امرأة وأربعة قاصرين، تلقوا الإسعافات الأولية على متن وحدات خفر السواحل التابعة للبحرية الملكية قبل نقلهم سالمين إلى ميناءي طنجةوالناظور، وفق ما وردته وكالة المغرب العربي للأنباء نقلا عن مصدر عسكري. وتدرك إسبانيا والاتحاد الأوروبي أن تداعيات فيروس كورونا المستجد قد تُلهب تدفقات الهجرة غير النظامية الإفريقية وتنعش أرباح شبكات تهريب المهاجرين. فالمغرب معني بشكل كبير بهذه التحذيرات بحكم أنه بلد مصدر عبور المهاجرين. في سياق هذه التخوفات، عُقدت القمة المغاربية الأوروبية عن بعد على مستوى وزراء الداخلية بمشاركة المغرب، يوم 13 يوليوز الجاري، حيث أكد الاتحاد الأوروبي أنه يمكن للتعاون الوثيق أن يؤدي إلى تقليص تدفقات الهجرة غير النظامية وتدمير البنيات التحتية لشبكات تهريب البشر، مبرزا أن التعاون الأوروبي المغربي يبين أن التعاون "لا ينطلق من نقطة الصفر"، بل إن الشراكة الموقعة بين الرباط وبروكسيل سمحت، مثلا، بمنع "الهجرة غير القانونية ل70 ألف شخص في سنة فقط"، من العبور إلى أوروبا.