[email protected] أطلت علينا وسائل الإعلام بالخبر الفاجعة الذي هز إسبانيا مؤخراً، وهو خبر مقتل شابة مغربية -طالبة بكلية الصيدلة- بغرناطة على يد عنصري إسباني يبلغ من العمر 52 عاماً. وشهدت الجامعة تظاهرة طلابية منددة يوم الجمعة... الحادثة تعود بي إلى جزر الخالدات من جديد، حيث أتذكر حوادث مشابهة إلى حد ما كقتل مغاربة على أيدي إسبان. فقد توفي أكثر من شاب مغربي في المدة الأخيرة (الأربع سنوات) على أيدي عنصريين في شجارات مختلفة واعتداءات ممنهجة أيضاً، وكذلك انتحار أحد المغاربة بسبب أزمة أخلاقية تعرضت لها زوجته. أما في فرنسا أو أوربا بأكملها فحدث ولا حرج. الوضع باختصار مأساوي. لم أستغرب لما حدث بلاس بالماس مؤخراً حينما أقدم مراهق مغربي على استدعاء والده لدى مكاتب البوليس كي يوقع محضراً للتعهد بعدم التدخل في شؤونه. هذا الإبن الذي يقطن معه في نفس الشقة. ولم أستغرب كذلك حينما أقدمت امرأة من بني انصار تقطن بنفس المنطقة (لاس بالماس) بدعوة زوجها حتى تقدم السلطات بمنعه من الإلتحاق ببيته ولا على بعد 500 متر. ولم يكن من الغريب أيضاً أن تغادر إحدى بنات العائلة المنحدرة من نواحي الناظور بيت أهلها هناك كي تتسكع مع المفسدين في الأرض، ولا يملك والداها ولا حقاً في منعها وإن فعلا دخلا السجن. ديمقراطية أوربية لعقلية مغربية، تناقض عجيب، أليس كذلك؟ حينما تنعدم التربية، ويهبط المستوى الأخلاقي إلى الحضيض، ويغيب الوازع الديني إلى ما لا مكان، وتجد نفسك في الآن نفسه أمام مجموعة من القوانين والحقوق(!!) التي تسمح إلى حد ما أن يعبر كل واحد عن مكبوتاته، خصوصاً إذا كان قادماً من بلدان يكثر فيها البهتان إلى العالم المضيء بأوروبا، فإن عواقب ذلك وللأسف الشديد تكون وخيمة. لقد فتح لنا مقتل الفتاة لمياء ملفاً كبيراً حول إقدام مجموعة من العائلات المغربية على إرسال بناتهم للدراسة بالخارج بمفردهن، وزعماً أن تلك البلاد بلاد أمن وأمان وحرية ومستقبل زاهر، في الوقت الذي تشاهد في إسبانيا مثلاً مؤشر ناقوس الخطر على مستوى حوادث العنف ضد النساء الإسبانيات، وما بالك المهاجرة المغربية المقيمة بمفردها في شقة بإسبانيا (!!). الذوبان الذي تحدثنا عنه في العمود الماضي أيضاً، ذوبان أسر بأكملهافي متابعات الإنحلال وفقدان اللسان الأمازيغي أو العربي والإنسياق وراء ثقافة الغير بكل ما تأتي به، ثم بعد ذلك تنكر مجموعة من الأبناء لآبائهم الذين يشكلون لهم في بعض الأحيان عائقاً أمام مسايرة حياتهم الجديدة في الفردوس المفقود... إن الأسرة المغربية بالخارج دفعت ضريبة أكبر مما ربحته في رحلة الهجرة التي عادت بهم بسيارات فاخرة أو غير فاخرة وبشهرية محترمة أو ب Bendakas والحلوى التي يضعونها في فم إخوانهم هنا حتى لا يطالبوهم بالمزيد.. ولعل أصعب تلك الضرائب هي ما رأيته بأم عيني في فرنسا خلال زيارتي الأخيرة للجالية هناك... (التفاصيل في العمود القادم)