يكتسي التدبير القانوني للمساكن المخزنية المخصصة لموظفي الإدارات العمومية أهمية قصوى في ضمان استمرارية المرفق العمومي. وأمام إصرار بعض المستفيدين على الاستمرار في شغلها بعد فقدان الحق في ذلك، تجد الإدارة نفسها في وضع يلزمها بالتدخل لإيجاد الحلول الناجعة لتجاوزه. وفي هذا الصدد، وبهدف تدبير محكم للملك العام، تم استحداث عدة تدابير في مواجهة ظاهرة احتلال المساكن المخزنية بدون سند قانوني، ومن أبرزها منشور السيد الوزير الأول عدد 94/16/د المؤرخ في 21/09/1994 في شأن الاستمرار في شغل المساكن الإدارية من طرف الموظفين بعد الانقطاع عن العمل، والذي حدد الأسباب الموجبة لفقدان الحق في الاستمرار في شغل المساكن المخزنية . وعلى مستوى قطاع التربية الوطنية، فقد تم اتخاذ عدة إجراءات بهدف وضع ضوابط تنظيمية لعملية إسناد وتدبير وإفراغ المساكن الإدارية والوظيفية المخصصة لقطاع التربية الوطنية، تضمنتها المذكرة الوزارية 40 المؤرخة في 10 مايو 2004. وفي إطار دعم نهج اللامركزية واللاتمركز في تدبير الشأن العام، فقد تم تمكين الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين من تحريك مسطرة الإفراغ في حق المتمادين في احتلال المساكن الإدارية والوظيفية الواقعة في دائرة نفوذها الترابي، وذلك بمقتضى المذكرة الوزارية رقم 67 المؤرخة في 23 يونيو 2004.. كما تم مؤخراً تفويض المديرين الإقليميين داخل الجهة حق توكيل محام ليتولى الترافع مباشرة في قضايا الإفراغ التي ترفعها المديريات الإقليمية التي يتولون تدبيرها ضد محتلي السكنيات التابعة لها، مقابل 2000 درهم كحق أتعاب في كل قضية أو ملف دعوى إفراغ يتولى محامي المديرية الترافع فيها. وقبل ذلك، أصدرت وزارة التربية الوطنية مذكرة تحمل رقم 136/17 مؤرخة في 8 دجنبر 2017 ، أقرت بكون عدد مهم من هاته المساكن ما يزال محتلا من طرف المعفيين من مهامهم أو المنتقلين للعمل بجهات أخرى، أو المحالين على التقاعد أو من طرف الورثة المتوفين منهم“. ومن “أجل تدارك الوضع وفي إطار تحسين الحكامة الادارية والتدبيرية في هذا المجال” دعت مذكرة الوزارة، التي وقعها يوسف بلقاسمي الكاتب العام للوزارة، مديري الأكاديميات لتطبيق القانون وإفراغ محتلي السكنيات، وموافاة الوزارة بالإجراءات المتخذة في أقرب الآجال“. وبمديرية التعليم بالناظور، وعقب توصل الوزارة الوصية على القطاع بعدد من التظلمات والشكايات بشأن تدبير ملف السكنيات الإدارية والوظيفية، حلت لجنة مركزية بهذه المديرية منتصف شهر يونيو 2019، والتي وقفت على عدد من الاختلالات والخروقات الجسيمة المسجلة على مستوى تدبير هذا الملف، من حيث اعتماد منطق الانتقائية والزبونية في إسناد هذه السكنيات لبعض المقربين، ولبعض أعوان الشركات الخاصة دون احترام المساطر المنظمة لعملية الإسناد، من المذكرة 40، والمذكرة رقم 5083 بتاريخ 24 دجنبر 2012, والتي تنص على منع إسناد أي سكن إداري أو وظيفي، الا بعد موافقة وزير التربية الوطنية. وكذا الكيل بمكيالين في تطبيق مساطر الإفراغ على بعض صغار الموظفين من الدرجات الدنيا الذين لم يمض على تقاعدهم سوى شهورا معدودة، في حين يُستثنى بعض الصناديد من ذوي الجاه والنفوذ، الذين مضى على احتلالهم لهذه السكنيات أزيد من ربع قرن أو أكثر دون أن يقض مضجعهم مفوض قضائي أو دعوى قضائية تلزمهم بالإفراغ. لكن الخطير في الأمر، هو لجوء مسؤولي المديرية المشرفين على تدبير ملف السكنيات إلى التدليس في البيانات التي أمدوا بها اللجنة الوزارية، واستغباء عناصر هذه اللجنة، حيث تم التشطيب على البيانات الخاصة بالسكن الإداري الكائن بثانوية الفطواكي، والمحتل من طرف المكلف بتدبير المديرية سابقاً، وحذفه من لائحة السكنيات المحتلة، وتقديمه إلى اللجنة باعتباره سكناً تم إفراغه، وفي وضعية عادية، رغم أن السكن لا يزال محتلاً من طرف المعني بالأمر الذي أحيل على التقاعد منذ زمن غير يسير، والذي حوله لحظيرة لتربية مختلف الدواجن فقط، دون أن يقيم فيه، باعتباره يملك سكناً شخصياً آخر، عبارة عن فيلا ثلاثية الواجهات بتجزئة العمران ببلدة سلوان، كل ذلك في تواطئ من لدن المسؤولين الحاليين بالمديرية، الذين تعاموا عن تفعيل مسطرة الإفراغ في حقه.