غياب المراقبة والإطار القانوني المنظم وراء “التهريب القانوني” تشكل مواد التجميل إحدى أهم السلع التي تدخل عبر مختلف الحدود المغربية، وتتنوع مصادرها بين دول شرق آسيا والدول الأوربية، وأخرى تستورد من الدول العربية. وحسب بوعزة الخراطي، رئيس الجمعية المغربية لحماية وتوجيه المستهلك، فإن الكثير من مواد التجميل التي تدخل المغرب، تشكل خطرا حقيقيا على صحة المستهلك، حتى تلك المستوردة بطريقة قانونية. ويتمثل الخطر، حسب الخراطي، في غياب مصالح خاصة بمراقبة هذه المواد التجميلية، ذلك أنها كانت تخضع لمراقبة مصالح قمع الغش التابعة لوزارة الفلاحة والصيد البحري، لكن، منذ إنشاء مكتب السلامة الغذائية، تم حذفها من قائمة المواد الخاضعة للمراقبة، إذ يهتم المكتب فقط بمراقبة المواد النباتية والحيوانية، وبالتالي أصبحت مواد ومستحضرات التجميل معفية من أي مراقبة، ويمكن لأي تاجر أو أي مستورد إدخال مواد تجميل من أي بلد في العالم عبر الحدود المغربية بطرق قانونية دون أية مراقبة. وتدخل أغلب مواد التجميل الأجنبية إلى المغرب عن طريق ميناء الدارالبيضاء بطرق قانونية مشروعة، وتستورد أغلبها من دول شرق آسيا وبشكل خاص الصين. وتتميز هذه المواد بسعرها المتدني مقارنة مع الماركات الأوربية التي تباع في المحلات الكبرى المعتمدة، وأيضا جودتها المشكوك فيها والتي لا تخضع إلى أية مراقبة طبية. أما مواد التجميل المهربة، فتدخل إلى الأسواق المغربية عن طريق المناطق الحدودية ; و خاصة من مليلية الى الناظور و من هناك للمدن الاخرى، قبل أن يتم توزيعها في مختلف أنحاء المغرب عن طريق شبكات تجارية خاصة. وتختلف مصادر هذه المواد حسب مناطق دخولها، إذ عادة ما تنتشر في الأسواق الشرقية مواد التجميل المصنعة في الجزائر، أو المصنعة في دول أخرى وتمر عبر الجزائر قبل دخولها إلى المغرب، بالإضافة إلى مواد التجميل الاسبانية التي تلج الأسواق المغربية من مدينة مليلية، وهي مواد التجميل نفسها التي نجدها في الأسواق الشمالية الغربية للمملكة، في المناطق المجاورة لمدينة سبتةالمحتلة، وتكون مصنعة في اسبانيا أو دول أوربية أخرى. وكما المواد الغذائية، فإن مستحضرات التجميل هاته تدخل الأسواق بطرق غير قانونية وفي ظروف غير صحية مثل الحرارة التي تؤثر على التركيبة الكيماوية لبعض المستحضرات، ويتم أحيانا تزوير تواريخ انتهاء صلاحيتها. وبالإضافة إلى مواد التجميل الفاسدة، تطرح أيضا إشكالية التقليد، التي تطول الملابس والأدوات الالكترونية وحتى مواد التجميل والعطور، ويمكن أن تسبب مخاطر صحية كبيرة. وفي ظل غياب إطار قانوني ينظم المسألة، فإن الكثير من مواد ومستحضرات التجميل المقلدة تدخل إلى المغرب وتباع في مختلف المحلات دون أن يتمكن المستهلك من التمييز بينها وبين المستحضر الأصلي، طالما أن صاحب العلامة الأصلية لم يتقدم بدعوى للسلطات من أجل الحيلولة دون دخول مستحضرات الشركة المقلدة عبر الحدود. ويؤكد الخراطي أن الكثير من هذه المواد ومستحضرات التجميل هي ذات جودة رديئة، وفي أحيان كثيرة قد تكون خطيرة على صحة مستعملها، ومسرطنة في أحيان كثيرة، خصوصا تلك التي تحتوي على نسبة عالية من مادة “البرابين” التي ثبت خطرها على الصحة، إذ يرصد أطباء الجلد العديد من الإصابات الجلدية التي تتسبب فيها المواد المقلدة والتي تباع بدون ترخيص، مضيفا أن الجمعية توصلت بحالات عديدة من الإصابات الناتجة عن مثل هذا النوع من المستحضرات. ويكمن المشكل في غياب إمكانية المتابعة القانونية للشركات المصنعة لهذه المواد، ذلك أن العنوان الموجود على العلب عادة ما يكون وهميا وبالتالي، يكون قد تم خداع المستهلك والمستورد أيضا، الباحث عن مواد تجميلية بأسعار زهيدة. صفاء النوينو