في خضم الحديث عن الحسيمة ومنارتها التي سجل لها أنها أطاحت بوزراء وبدزينة من المسؤولين الكبار، كل في مجال تخصصه، وفي خضم التساؤلات عن نوعية المشاريع ومعدلات إنجازها، أفادنا مصدر رسمي أن المشاريع المنجزة أو التي هي قيد الإنجاز، تكاد تكون بعدد سكان الحسيمة. وإذا كانت هذه حقيقة مسلمة، فإن الحقيقة المغيبة تتعلق بالصعوبات التي تواجه الجهود المبذولة لتوفير فرص الشغل لعاطلي المدينة والإقليم. فإذا كانت الدولة قد اضطلعت بدورها الكامل، فإن الغياب التام لأثرياء الحسيمة، فضلا عن كونه يشكل وصمة عار في جبينهم، فإنه يضرب في الصميم المخطط التنموي الذي يرعاه صاحب الجلالة عن كثب، إذ لا فائدة من إنجاز مشاريع مهيكلة تستجيب لحاجيات المدينة والإقليم، ولكنها لا تنتج مناصب شغل للعاطلين الذين يتزايد عددهم يوما بعد يوم. والخوف كل الخوف من أن يتحول الحراك الشعبي من مساءلة الحكومة إلى مساءلة الأثرياء الفارين من مدينتهم إلى مدن أخرى حيث يستثمرون حلالهم و”حرامهم” تاركين مدينتهم وإقليمهم في مواجهة الفقر والبطالة. والأدهى والأمر أن الهروب من مواجهة الحراك الشعبي الذي دام قرابة سنة، توسع ليشمل نواب -أو بالأحرى نوام- الأمة الذي افتقروا لشجاعة المواجهة مع المحتجين وهم منهم وإليهم.