يعيش المغرب تناقضات ومفارقات عديدة ترسخ تلك المقولة الشهيرة التي تقسم البلاد إلى مغرب نافع ومغرب غير نافع،رغم محاولات نخبة من السياسيين ورجال الدولة المتملقين نفي هذا المعطى والتأكيد على شمولية التنمية والعناية السديدة. مناسبة هذا الإيحاء ما يعيشه “دوار لعري”الذي يدخل ضمن الامتداد الترابي للجماعة القروية أولاد أمغار،إقليم الدريوش،من معاناة ومأساة وبؤس اجتماعي وتهميش وعزلة،… في دوار لعري ما زالت الحياة بطيئة وكل وسائل الحياة والاتصال بالعالم الخارجي شبه منعدمة،أجواء قاسية كرست عزلة هذا الدوار ولا مبالاة السلطات المحلية وحكومة الرباط وجماعة أولاد أمغار،إزاء سكان هذه المنطقة البسطاء والذين يتشكلون في غالبيتهم من الفلاحين(رغم الطابع الجبلي الذي يتميز به هذا الدوار) ومربي الماشية وفئات مستضعفة لا حول ولا قوة لها. في قلب دوار لعري يمكن للزائر أن يرى كيف أن الفقر يتجول راجلا،وكيف أن الناس يبحثون وبشكل دائم عن أسباب الحياة التي تبدو قاسية وصعبة في غياب موارد طبيعية،وبرامج تنموية ترتقي بمستوى عيش مواطني هذه المنطقة، الذين يعيشون الحيف بكل تفاصيله يزيده قسوة الطبيعة خصوصا عند فصل الشتاء، حيث ينقطعون عن العالم الخارجي بشكل كامل،بفعل تموقع الدوار الجبلي خصوصا إذا عرفنا أن هذا الدوار لا يتوفر على أي مسلك طرقي يؤدي إليه،إلا تلك الطرق الصغيرة التي شيدتها أقدام البغال والأغنام على قمم الجبال،هكذا هم أبناء دوار لعري يعيشون ويواجهون مصيرهم بأنفسهم كما علمتهم الطبيعة ذلك. فالزائر لدوار”لعري”لن يمل أو يتعب من رؤية جمال طبيعة هذه المنطقة التي تصنع سحرها الخاص،جبال ساكنة ترسم ملامح جمال الريف في صمت وعظمة وشموخ،وعند دخول “لعري”وجوه تطل عليك وعلامات الفقر بادية على ملامحها،وبساطة غريبة في عيون الناس،حب متدفق وكرم ضيافة كبير،وطبيعة خلابة كما يراها الزائر وقاسية كما يرها سكان دوار “لعري” حيث الأطفال يركضون ويحاولون صنع حياة من اللاشيء،ونساء عدن على ظهورهن أكوام من الحطب غير مهتمات بشكل مطلق بقوانين نزهة صقلي،ولا بالحديث الفضفاض عن حقوق المرأة والشعارات الكبيرة المعنى والصغيرة في فهم عمق حاجيات المرأة المغربية في المناطق النائية. إن احتياجات سكان لعري لا حصر لها،بدءا بالبنيات الأساسية ومستلزمات الحياة،إذ تفتقر إلى أبسط المرافق،وتشكو من غياب تام لجل الخدمات الأساسية في الوقت الذي استدارت فيه الجهات الوصية ظهرها لهم،اللهم عند اقتراب مواعيد الاستحقاقات الانتخابية حيث تتفنن في رش السكان بالوعود المعسولة لطلب ودهم لضمان تسجيلهم وتصويتهم،إلا أن هذا الأسلوب لم يعد ينطلي على أحد. تلكم هي صورة مصغرة لحياة الناس في منطقة لم تصل لها قنوات دار البريهي ولا قناة عين السبع،ولم تطأها قدم أي وزير أو مسؤول لكي يطلع على حياة أناس فقراء،عاشوا فقراء،وعلى ما يبدو أنهم سيموتون على حالهم مؤمنين بقدرهم وبقول لا حول ولا قوة إلا بالله حينما يأتي أحد على ذكر اسم جماعة أولاد أمغار أو اسم لوزير في حكومة لا تعرف عنهم شيئا. بقلم: مراد دربوشي [email protected] إستعمل حساب الفايسبوك للتعليق على الموضوع