جميل جدا أن تجد أكثر من ستة عشرفرقة و مجموعة غرناطية محلية، تتنافس فيما بينها ضمن فعاليات الطبعة السادسة و العشرين من مهرجان الطرب الغرناطي المنظم هذه السنة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ،واحتفاء بوجدة عاصمة الثقافة العربية لسنة 2018 ،من لدن وزارة الثقافة و الإتصال-قطاع الثقافة-و عدد من الشركاء الآخرين،في الفترة الممتدة ما بين 24و 26نونبر الجاري بوجدة. حدث ثقافي وفني هام،الهدف منه تحقيق إشعاع ثقافي وفني لمدينة يزيد على تأسيسها عن ألف سنة،و التعريف بالغنى التراثي لفن الطرب الغرناطي،الموسيقى التي تميز عاصمة المملكة في جهة الشرق،كما أن المهرجان يلعب دورا مهما في الحفاظ على هذا الطرب الأصيل،وكذا الحرص الحثيث على دعمه واحتضان الفرق و المجموعات المهتمة به،وهو بذلك يصبح واجهة ثقافية تنخرط في المسار التنموي لمدينة وجدة و جهة الشرق عموما من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياحية.. هذا،وعرف اليوم الثاني للمهرجان بفضاء المركب الثقافي البلدي بوجدة،سهرات غرناطية مغاربية أدت فقراتها فرق و مجموعات غنائية غرناطية من المغرب والجزائر و تونس ،و ذالك لربط الشرق بالغرب ،و تبادل الثقافات فيما يخص هذا النمط الغنائي الأصيل على المستوى التجديد في الكلمات الشعرية والانشاذ و العزف. وقد استهلت السهرة الأولى جمعية ابن الخطيب للفن الأصيل من وجدة بقيادة الشيخ أحمد الطانطاوي الذي اتحف الجمهور الحاضر بامداح و إنشاذ في مدح خير البرية محمد صلى الله عليه وسلم،لتزامن الحفل وعيد المولد النبوي الشريف،من خلال نوبات غرناطية من قبيل الرهاوي في المديح النبوي، بالإضافة لشذرات غرناطية أخرى. وبالمناسبة،قدمت الجمعية الثقافية الراشيدية بمدينة شرشال(90كلم عن الجزائر العاصمة )من الشقيقة الجزائر،بقيادة الشيخ كمال سباغ توشيات من فن السيكا والمزموم و طبع الرصد ،لتختتم سهرتها بسلسلة من لخلاصات من طبع المزموم،وهي الفقرة الغرناطية التي تفاعل معها الجمهور بشكل لافت، خاصة عندما قدمت في الأخير نوبة مرتجلة تدعو إلى فتح الحدود بين المغرب و الجزائر وتوحيد الرؤى المستقبلية امام الشعبين الشقيقين،وهي من الجمعيات الرائدة في فن الغرناطي بالجزائر،والتي تأسست عام 1976،على أيدي المهتمين بالموسيقى الكلاسيكية الأندلسية وعلى رأسهم الشيخ القدير إسماعيل حاكم. ومن جهة أخرى ، قدمت جمعية التلاقي للتراث الأندلسي شذرات من نوبة السيكا،باشراف سيكا،مقلب سيكا…،لتختتم سهرة اليوم الثاني بالمركب الثقافي البلدي بوجدة، بمفاجأة السهرة، والمتمثلة في “فيزيون “مع ثلاث جمعيات غرناطية دفعة واحدة،انابت فيها عن فرقة المعهد الموسيقي لصفاقص بتونس التي قدمت سهرتها بفضاء مسرح محمد السادس في وجدة، و هذه الفرق والجمعيات المشاركة التي ضمت قرابة أربعين عازفا و منشدا ذكورا و اناثا،ابانوا عن علو كعبهم في العزف والانشاذ والأداء الجماعي والفردي،تتقدمهم جمعية رياض غرناطة للطرب الأصيل ،جمعية أمجاد للموسيقى و الفن، وجمعية أجيال للطرب الغرناطي وجميعهم من وجدة،أبدعوا وامتعوا في معزوفاتهم المشتركة التي تنم عن حس احترافي راق، وتعاون موسيقي شبابي مفعم بالمسؤولية والاحترام المتبادل. والرائع في الدورة السادسة والعشرين من مهرجان الطرب الغرناطي بوجدة،التنظيم المحكم لجميع الفقرات، بالرغم من العدد الكبير للجمعيات والفرق المشاركة من المغرب والجزائروتونس بالإضافة للفرق والمجموعات المحلية، الذي يبرز بجلاء قيمة هذا الفن الأصيل لدى ساكنة المدينة الألفية خصوصا وجهة الشرق عموما،و ذلك بمشاركة فاعلة لأكثر من 300منشد وعازف، صغارا وشبابا وكبارا من الذكور والإناث،والأجمل في ذلك، هو التأطير المستمر للشيوخ و الأساتذة إتجاه الأطفال واليافعين،حتى يبقى هذا الفن الأصيل محصنا في وجه العولمة وانتشار وسائل التواصل المختلفة ، فكل الاجلال والتقدير لهؤلاء الشيوخ و الأساتذة الصامدون أمام رياح العصرنة الموحشة، وهنيئا لمدينة الألف سنة بجمعياتها الرائدة والفتية التي لا تزال تحافظ على هذا الموروث الأصيل..