نظمت جامعة محمد الأول بوجدة والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة بالجهة الشرقية يوما دراسيا حول موضوع:” الشأن الثقافي بالجهة الشرقية من راهنية الوضع إلى استشراف آفاق التدبير” ، يوم الخميس :25/03/2010 بقاعة “نداء السلام “بكلية الآداب والعلوم الإنسانية . شاركت فيه مجموعة من الباحثين والفاعلين الثقافيين.استهل اليوم الدراسي الذي حضره السيد والي الجهة وعامل إقليموجدة ومرافقوه بآيات بينات من الذكر الحكيم للطالب”بنعيسى ياسين” ثم كلمة السيد رئيس الجامعة الأستاذ محمد الفارسي الذي رحب بالجمهور والمشاركين مثمنا مثل هذه المبادرات الثقافية الباحثة في الشأن الثقافي بالمنطقة .ثم أعقبته كلمة السيد المدير الجهوي لوزارة الثقافة بالجهة الشرقية الذي نوه بالحاضرين والمشاركين في هذا اليوم الدراسي وكل المساهمين في إنجاحه شاكرا السيد الوالي على دعمه لمثل هذه التظاهرات من خلال التتبع والتصور والتنفيذ مما يبرهن على أن الفعل الثقافي يحتل حيزا لائقا في مشاغله بالجهة. وما يبرهن على ذلك المنجزات التحتية المتتالية التي يشهدها الإقليم والمنطقة. كما يبرهن على أن الشأن الثقافي ذو حضور وازن ومتميز مما يستوجب البحث عن السبل الكفيلة لاستمراريته والرقي به.ثم شكر رئيس الجامعة والطلبة بمختلف أسلاكهم الذين تقاطروا على القاعة لمتابعة أطوارها. وبعدئذ ألقى الأستاذ مصطفى المرابط مداخلة عامة بعنوان:” سؤال الثقافة في زمن العولمة” التي عرف فيها مفهومي الثقافة والعولمة معبرا عن انشغاله بالسؤال الثقافي والعولمة مركزا على ثلاث مفارقات أفاض في شرحها وتفصيلها وهي: 1 الثقافة والعولمة نفسيا. 2 النموذج الواحد وانفجار الهويات. 3 كيفية الجمع بين المحلي والعالمي. ثم ختم مداخلته بمجموعة من الأسئلة مع التأكيد على أن العولمة استطاعت أن تعيد للمخاييل الفردية والجماعية دورها مؤكدا أن الحاسوب الذي يمكن أن يفعل كل شيء مستقبلا لن يستطيع أن يصنع شاعرا أو متدينا ... وبعد استراحة شاي على شرف الضيوف والمشاركين والحاضرين استأنفت الجلسة الأولى بمداخلة للأستاذ يحيى عمارة رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بوجدة وأستاذ بالكلية المتعددة التخصصات بسلوان تحت عنوان :” السؤال الثقافي والجهوية”. استعرض فيها مكانة الثقافة في المنطقة الشرقية وعلاقتها بالشأن الثقافي الوطني ،ومفهوم الجهوية، معتبرا أن التفكير التنموي ينصب دائما على الجانب الاجتماعي والاقتصادي والسياسي من دون مراعاة الجانب الثقافي الذي يعد دعامة أساسية لكل نمو حقيقي... ثم تحدث عن مجموعة من السمات السلبية التي تميز الثقافة بالجهة الشرقية( تدني القراءة، أزمة الصناعة الثقافية، ضعف حضور المنتوج الثقافي للمنطقة في السوق العالمية، غياب البنيات التحتية...) معتبرا أن الثقافة الجهوية ضرورة محلية ووطنية وأن أية نهضة اجتماعية واقتصادية لا تتحقق إلا عن طريق الاهتمام بجهاته.ولذا فتأمل الثقافة الجهوية هو في جوهره تأمل للثقافة الوطنية.وخلص في الأخير إلى مجموعة من الاقتراحات : العمل بالحكامة الجيدة للشؤون العامة في المنطقة الشرقية. تطبيق الإستراتيجية الثقافية للجهة. الرفع من جودة الخدمات الثقافية. القيام بتشخيص تشاركي دراسي شبيه بهذا اليوم الدراسي. ضرورة تفعيل المجلس الجهوي للثقافة. ضرورة وضع مخططات استعجالية للنهوض بالوضع الثقافي. تخصيص يوم جهوي للثقافة الشرقية. العمل على التعريف بالثقافة الجهوية وأعلامها من طرف ممثلي الدولة والمنتخبين.. تبني الدبلوماسية الثقافية. الاهتمام بثقافة الجهة بالخارج.... أما المداخلة الموالية فكانت بعنوان:”الشأن الثقافي بالجهة الشرقية ( الريف نموذجا) ” التي قدمها الأستاذ الباحث جميل حمداوي الذي وضح مميزات الثقافة بمنطقة الريف؛ من حيث مراحل تطورها التاريخي، واللغة ،والأجناس الأدبية والفنية(المسرح ، السينما، التشكيل، الغناء، السرد، الشعر..) .وقد توقف عند كل كل جنس وفن ليبرز خصائصه والمشاكل التي تعترضه ليخلص في النهاية إلى طرح مجموعة من الحلول للارتقاء به: إنشاء معهد للدراسات المسرحية والسينمائية لتكوين المخرجين والممثلين... إنشاء قاعة للعروض المسرحية. تنظيم الورشات التكوينية في مختلف المجالات الفنية والأدبية. إصلاح المركب الثقافي وصيانته بشكل مستمر. الدعم المادي للفرق المسرحية والسينمائيين والتشكيليين. إقامة متحف للفنون التشكيلية. إنشاء رواق لاحتضان المعارض التشكيلية...إلخ أما المداخلة الثالثة التي قدمها الأستاذ صديق الزريوحي مفتش منسق جهوي بالأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين ،والمعنونة ب:” الحضور الثقافي في منظومة التربية والتكوين بالجهة الشرقية”فقد ركزت على ثلاثة عناصر: 1 مفهوم الثقافة وإشكالية التعريف. 2 العلاقة بين المنظومة الثقافية والمنظومة التربوية 3 آليات تعزيز الحضور الثقافي في المنظومة التربوية. أوضح في البداية أن هناك صعوبة في إيجاد تعريف قار لمفهوم الثقافة في النظرية الأنتربولوجية لسببين هما : تعدد التعاريف وتنوعها ثم تداخل مفهوم الثقافة مع غيره من المفاهيم المجاورة كالحضارة والعلم والمعرفة...معتبرا أن الثقافة هي التي ميزت الإنسان عن الحيوان.وبعد شرح مستفيض استنتج أن هناك ثلاثة عناصر تشكل الحقل الدلالي للثقافة: الانتاج ، التواصل،والمؤسسة. ثم بين أن الثقافة قابلة للتعلم، وهو ما يشكل الخيط الرابط بينها وبين المنظومة التربوية مبرزا مدى وعي الميثاق الوطني للتعليم والمخطط الاستعجالي لأهمية الثقافة وضرورة حضورها فيهما مما يتطلب تلانتقال بها من وضع التلقي إلى وضع الإبداع منبها أن الثقافة المعولمة أصبحت تشكل تهديدا للثقافة الوطنية الأمر الذي يتطلب الإبداع والتجديد لتعزيز هذه الأخيرة في المنظومة التربوية. وأخيرا اقترح مجموعة من الآليات مثل: إعادة النظر في مفهوم المدرسة وتوسيع وظائفها. تعزيز موقع الحياة المدرسية في المحيط الاجتماعي. الاهتمام بعنصر القيم في المناهج التربوية والمقررات. اعتماد مقاربات بيداغوجية جديدة مركزة على الكفاءات والمهارات. اعتماد التنشيط الثقافي . الدعوة إلى توسيع المدرسة للانفتاح على مختلف الفاعلين والفضاء الخارجي والمجتمع المدني.... وأكد في الأخير أن الرهان الوحيد هو إبداع البشر وهذا ما حقق للمدرسة المغربية النجاح سابقا. أما الجلسة الثانية التي استهلها الأستاذ مصطفى الرمضاني من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة بإلقاء مداخلة تحت عنوان :” راهن الإبداع الشعبي بالجهة الشرقية وآفاقه” ،والتي جاءت حافلة بمجموعة من الأفكار التي بين فيها مدى الإهمال الذي يتعرض له الإبداع الشعبي في المنطقة من طرف المؤسسات والقطاعات المهتمة بالمجال الثقافي حيث بدأت تندثر بعض مكوناته المهمة وتصبح مجهولة وغير مفهومة عند الكثير من الناس مستدلا بمجموعة من النماذج ..و أكد أنه غالبا ما يُسأل عن بعض فنون الإبداع الشعبي باعتباره باحثا في المجال من طرف مؤسسات يفترض أن تكون هي الساهرة على ذلك وعلى أرشفته لتتعرف عليه الأجيال القادمة. وآنئذ أعطى مجموعة من الاقتراحات أهمها أرشفة هذا الإبداع وتدوينه والاحتفاء بأعلامه والتعريف به..إلخ أما مداخلة الأستاذ محمد يحيى القاسمي من نفس الكلية فقد عنون مداخلته ب :”راهنالإبداع الأدبي بالجهة الشرقية وآفاقه” . قدم دراسة بيبوغرافية للتعريف بمدى الزخم الإبداعي في مختلف الأجناس الأدبية من شعر وقصة ورواية ومسرح مؤكدا أن النسب المئوية العالية سواء في مجال عدد الاصدارات أو عدد الجوائز التي نالها المبدعون والمبدعات تنتمي إلى الجهة الشرقية...كما أدلى بمجموعة من الملاحظات على عملية النشر التي يقوم بها أصحابها على نفقاتهم الخاصة إلا في حالات نادرة تعد على رؤوس الأصابع. داعيا إلى تبني آليات للتعريف بهذا الإبداع وتحمل الجهات المسؤولة دورها في ذلك مع جعل النقد ميزانا حقيقيا للفصل بين الجيد والغث حتى تتضح الأصوات المبدعة وتنال حضورها الوازن...الخ أما المداخلة الأخيرة فكانت من نصيب الأستاذ جمال أزراغيد رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالناظور التي جاءت تحت عنوان :”الجمعيات الثقافية بالجهة الشرقية (الناظور نموذجا)” . عرف فيها بالأدوار والوظائف التي يقدمها العمل الجمعوي داخل المحيط السوسيوثقافي . كما عرف بمفهوم الجمعيات الثقافية والأهداف التي تتحكم في قانونها الأساسي، ليعرج على عدد الجمعيات العاملة داخل الإقليم ابتداء من جمعية المشعل المسرحي سنة 1961إلى جمعية جسور البحث في الثقافة والفن سنة2010، مستخلصا مجموعة من الملاحظات و المعيقات الذاتية والموضوعية التي تعترض عملها وممارساتها الثقافية اعتمادا على التشخيص والمعاينة الذاتية والموضوعية كفاعل جمعوي مهتم. ليخلص في الأخير إلى طرح مجموعة من الآليات والسبل الكفيلة بتطوير العمل الجمعوي بالإقليم : تخصيص دعم تحفيزي للجمعيات الثقافية من طرف وزارة الثقافة . اعتبار العمل الثقافي من “ثورات المدن” وليس مضيعة للوقت وتزجيته. تخصيص نسبة مئوية قارة من مداخيل الجماعات المحلية لدعم الجمعيات الثقافية. مساهمة وكالة تنمية الأقاليم الشرقية في الدعم للجمعيات الثقافية. ترسيخ مبدأ الشراكات مع الفاعلين والمؤسسات الثقافية. ضرورة صياغة ميثاق وطني للمسألة الثقافية تكون فيه الجهة الشرقية أحد مكوناتها الأساس. العمل على تأسيس مهرجان جهوي يراعي خصوصيات المنطقة تتناوب فعالياته على مدنها...إلخ وأخيرا طالب بإنجازدراسات وأبحاث سوسيولوجية حول القطاع الثقافي والجمعوي بالإقليم لمعرفة واقعه وهمومه، وتجاوز معيقاته ومثبطاته بغية ترسيخ فعل ثقافي جاد وطموح.