الحلقة الثامنة شهر رمضان لم يكن من الممكن أن أتوجه إليكم بمذكراتي من داخل السجن دون الحديث عن شهر رمضان، هذا الشهر الذي شاءت الأقدار أن يمر وأنا داخل السجن، والحقيقة أنني لا أتمنى لأحد أن يبتليه الله بالسجن فحتى إن حدث لا أتمنى أن يكون في هذا الشهر.فشهر رمضان في السجن أصعب بكثير من باقي الأيام، صحيح انه مناسبة للصلح مع الله والتقرب إليه بالصلاة والدعاء، ولكن المعاناة في هذا الشهر هي أيضا أكثر بكثير مما قد يتصوره احدهم، إذ أن برنامج السجن والسجناء سيتغير رأسا على عقب فبعدما كنت اعتقد أن يكون هذا الشهر مناسبة كما قلت للتوبة والرجوع إلى الله وان تلك المشدات والصراعات سوف تقل، إلا أن العكس هو الذي حصل، فقد تضاعف كل ما هو سيئ ووصلت تلك الصراعات والمشدات إلى ذروتها في هذا الشهر المبارك، فبمجرد أن يستيقظ بعض السجناء من النوم خاصة أولئك المدمنين فعليك أن تستعد لمشاهدة معارك جديدة، بل أكثر من ذلك وبطريقة استفزازية تراهم يفطرون في رمضان علانية لا يكلفون أنفسهم حتى عناء التستر، فقد كان معي في نفس الغرفة أربعة من السجناء لايصومون ولا عذر لهم إلا تلك المصيبة التي يستعملونها، و كانت هذه المعارك لا تنتهي حدتها إلا مع آذان المغرب وعوض أن يبدؤوا بأكل ما تيسر إلا أنهم يبدؤون بالسجائر والمخدرات ليهدؤوا بعدها قليلا، وكانت كمية السجائر والمخدرات التي تستهلك في الليلة أكثر بكثير مما يستهلك في الأيام العادية، ومثل هذه الأمور كان لها أثر كبير علي خاصة في هذا الشهر المبارك فحتى عندما تقوم للصلاة أو قراءة القرآن لا تجد ذلك الجو الذي يستحق ما أنت فيه، فتخيلوا وأنت في الصلاة قد تسمع من يسب الله والعياذ بالله تسمع الكلام الفاحش ربما قد يصيبك احدهم بشيء رمى به في معركة بينه و بين سجين آخر.كما كان الحال مع صديقي ( زايو) عندما أصيب في رأسه ب”نيران صديقة” – كأس من زجاج- وهكذا.... كانت أيام شهر رمضان من أصعب الأيام وان كانت أيام السجن في الحقيقة كلها صعبة،ولكن كيف يمكن للسجن أن يكون مؤسسة لإعادة الإدماج والتربية وأهم جانب في ذلك مغيب تماما ألا وهو الجانب الديني خاصة في هذا الشهر المبارك. فلا تصدقوا ما ترونه في إعلامنا وما يحاولون أن يروجوا له عن مؤسسات السجن فالواقع بخلاف ذلك تماما. أنا أتحداهم أن يسمحوا لأي قناة أجنبية أن تدخل وتصور و تعطي الكلمة للسجين ليتحدث عن معاناته،فإذا حصل ذلك وهو أمر مستحيل فسيغلق السجن المحلي بالناظورمباشرة بعد يوم غد، قلت إن الجانب الديني مغيب تماما فرغم كون هذا السجن من أقدم السجون بالمغرب إلا انه لا يتوفر على مسجد للصلاة، وحتى إدارة السجن لم تكلف نفسها لتعطي هذا الشهر حقه الذي يستحق خاصة ليلة القدر فقد كنت اعتقد كما قيل لي هنا أن يتم إخراج السجناء في هذه الليلة المباركة إلى الساحة من اجل الصلاة جماعة وإحياء هذه الليلة، إلا أن لاشيء من هذا حصل، ولولا اجتهادنا لإعطاء هذا الشهر ولو قليلا مما يستحق لما فكر كثير من السجناء حتى في الصلاة، حيث تطوعت طيلة شهر رمضان للصلاة بهم داخل الغرفة صلاة التراويح عن طريق المصحف، في الحقيقة لقد استجاب كثير من السجناء وكانوا يحرصون على الصلاة جماعة وكان منهم من ينتظر صلاة التراويح على أحر من الجمر ،فلازلت أتذكر ذلك اليوم حينما لم استطع أن أصلي بهم ( انظر الحلقة الخامسة) كم كان أسفهم كبير، ولكن للأسف لم نتمكن من ختم القران كله حيث وصلنا فقط إلى الحزب الأربعين نسال الله القبول. وهنا لابد من توجيه دعوة إلى الجهات المسئولة للاهتمام بالجانب الديني داخل المؤسسات السجينة وان تقوم ببناء المساجد وإعطاء الدروس والمواعظ فلا شيء يمكنه أن يصلح من حال السجناء غير هذا الجانب فاللهم إني قد بلغت فاللهم فاشهد................. يتبع السبت المقبل رابط الحلقة الاولى رابط الحلقة الثانية رابط الحلقة الثالثة رابط الحلقة الربعة رابط الحلقة الخامسة رابط الحلقة السادسة رابط الحلقة السابعة