الكثيرين يعتبرون أن دستور 1962 الذي انتقده الأمير الريفي مولاي موحند واصفا إياه بالممنوح، السبب المباشر وراء كل المصائب التي أصابت المغرب، فرغم التعديلات الشكلية التي همته و التي تتجنب دائما الخوض في جوهر المشكل و لبه، فقد جعل هذا الدستور من الأحزاب السياسية دكاكين فارغة تتحرك وفق إملاءات عليا و توجيهات “سامية”، شخصيا عبرت في أكثر من مناسبة عن عدم جدوى دخول اللعبة السياسية تحت ظل الواقع الدستوري الحالي، و المخزن المغربي يحدد قواعدها و يرسم خطوطها الحمراء، لأن الملك بكل بساطة يتحكم في الشادة و الفادة، باعتبار أن المؤسسة الملكية- حسب عبد اللطيف حسني – تحتكر” القرار في القضايا السياسية و حتى الغير السياسية ذات الأهمية و عديمة الأهمية، في الأخير تبقى في يد الملك الذي يجعل منه الدستور رئيسا لمجلس الوزراء، كما يخول له حق تعيين الحكومة و إنهاء مهامها،وحق حل البرلمان، وحق اللجوء إلى الاستفتاء و حق العفو و حق التعيين في الوظائف المدنية و العسكرية ، كما يترأس المجلس الأعلى للقضاء ، يمارس التشريع وفق تقنية الظهير متجاوزا ذلك البرلمان، شخصه مقدس، لا تنتهك حرمته ، لا يسُأل عما يفعل” إذا ماذا تبقى من الكعكة السياسية للبرلمان الذي يختاره الشعب؟ و للحكومة التي يختارها الشعب ؟ ما فائدة تواجدها أصلا و الملك يعتبر الفاعل السياسي الأول . لا أرى أي فائدة من الانضمام إلى أي حزب و أمناءه العامون حطموا كل الأرقام القياسية في مدة التعمير على الكراسي ، في تناقض واضح لمبدأ الديمقراطية الذي يتبجحون به ، معبرين عن حنين للأنظمة الديكتاتورية البوليسية الشبيهة بنظام القذافي و الأسد . سبب هذا الإحساس المجاعة المفرطة في ممارسة السلطة . هذا يجعلنا نسأل مرة أخرى حول ما الفائدة من الدخول في اللعبة السياسية و معالمها البارزة مرسومة أصلا ؟؟؟ لكن في الحقيقة جوهر المشكل أعمق بذلك بكثير، فكل حزب سياسي خرج عن القاعدة سيكون مصيره الحل، و لعل الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي لخير دليل على ما أقوله، فهذا الحزب الذي قاطع إنتخابات 2007، و أسس لديبلوماسية شعبية شرح فيها القضية الأمازيغية لبرلمان الإتحاد الأوروبي ، و تحركاته الأخرى عجلت من وزارة شكيب بن موسى آنذاك لرفع دعوة قضائية لحله. الأحداث الأخيرة التي طفت على السطح، جعلتنا نتأكد بالملموس أن التوصيات التي رفعتها هيئة الإنصاف و المصالحة و التي نلخصها فيما يلي : ضمان عدم تكرار سنوات الرصاص، و إقرار إستراتيجية و طنية لمناهضة الإفلات من العقاب و الحكامة الأمنية و تقوية القضاء و إستقلاله، و إعادة تأهيل السياسة و التشريع الجنائيين، أصبحت كل هذه التوصيات في حقيقة الأمر مجرد حبر على ورق، و لا تتعدى أن تكون سوى خطة لطي صفحة الماضي الأسود للنظام الحسني بأقل الخسائر، إذا علمنا أن الهيئة تأسست وراء ثلاث أيام من الدعوى القضائية التي رفعها المعارض الريفي محمد البطيوي على الحسن الثاني. أكثر من عشر سنوات من الإنتقال الديمقراطي، طبعها شطط في إستعمال السلطة، و إهدار للحقوق الهوياتية لإيمازيغن، و استمرار لتجاهل مطلب الحركة الأمازيغية القاضي برسمية الغة و الهوية الامازيغية لضمان حماية دستورية لهما، في ظل دستور ديمقراطي شكلا و مضمونا بالإضافة إلى فساد ينخر واقع المغرب… عشر سنوات من اعتقالات غير مبررة، ذهب ضحيتها شكيب الخياري و أعضوش حميد و مصطفى اوسايا القابعين لحد الأن بسجن تولال بمكناس و أخرون، ذنب هؤلاء أنهم يحلمون بواقع أفضل لبني جلدتهم … عشر سنوات من قمع رهيب للصحافة المكتوبة خصوصا، فأصبح المغرب أول بلد يعتقل مدونا، و مشهورا بحكم قضائي غريب و عجيب يقضي بمنع علي لمرابط ذو الأصول الريفية عشر سنوات من الكتابة… عشر سنوات من “الحكامة” الأمنية، في قمع الحركات الاحتجاجية التي يعج بها بلدنا ، أسفرت عن اعتقالات و تعذيب و ما خفي أعظم كما أسفر عن معتقل سري جديد ( معتقل تمارة) في عهد محمد السادس… فعلى ما يبدوا لا زلنا بعيدين عن دولة ديمقراطية حداثية، و أصبحنا نحن كالحالمين بيوتوبيا أفلاطون، الحلم الذي يتكسر أمام أبسط امتحان لحقوق الإنسان. ملحوظة جد مهمة في تقرير قامت به إيناس دال لفائدة لوموند ديبلوماتيك، أفادت أن” الملك يعتبر أكبر مالك للأرض الفلاحية الخصبة جدا، تقدر مساحته ب 12 ألف هكتار، قرر الملك دون استشارة أحد تمديد امتياز الإعفاء الضريبي الى غاية 2014، الذي استفاد منه الفلاحون خلال 30 سنة” لهذا يمكن تفسير الثروة الهائلة للملك فحسب ما أوردته المجلة الأمريكية فوربس فقد ” تضاعفت ثروة محمد السادس خمس مرات بين سنتي 2000 و 2009 لتتجاوز 2.5 مليار دولار” ( حسبوها بالعملة المغربية شحال غادي تجيب )