إنتابني شعور بالحسرة و أنا أشاهد مؤخرا نشرة للأخبار على إحدى القنوات التلفزية المغربية على إثر تدخل الوزير الجديد للشبيبة و الرياضة و الذي أوضح أن وزارته خصصت الملايين من الدراهم من أجل التسهيل على رواد دور الشباب إستعمال الأنترنيت ، هذا الأنترنت الذي ستزود به دور شباب الرباط و الدارالبيضاء و فاس و مراكش و طنجة و وجدة و أكادير و غيرها من كبريات المدن سوف لن تحظى به مدينتا على الأقل في الوقت الحالي ، لأنه و بكل بساطة لا نملك دارا للشباب . أعود بذاكرتي لأزيد من 10 سنين مضت و أتذكر كيف كانت دار الشباب التي كنا نملكها تأوي المئات بين الأطفال و الشباب تؤطرها جمعيات مختلفة ، حينها كانت داخل الناظور حركية ثقافية لا مثيل لها تختلف مشاهدها باختلاف أنواع الأنشطة بين ما هو فني ، تربوي ، ثقافي ، إجتماعي و تربوي ، كان أطفالنا و شبابنا آنذاك يجد على الأقل محيطا موازيا يملأ فيه وقته الثالث بدل الترامي بين المقاهي و تعلم أسوأ العادات ، و حيث أن آنذاك لم تكن هناك ظروف مواتية أو ملائمة لمثل تلك الأنشطة ، فما زلت أتذكر أننا كنا ننشط تحت سقف قاعات تقطر علينا أيام الشتاء ، و كانت دار الشباب عبارة عن قنبلة موقوتة يمكنها أن تؤدي بحياتنا في أي وقت ، مما إضطرنا و أنا لا زلت أتذكر أن نراسل و نستعطف عدد من المسؤولين و على رأسهم المسؤول الأول عن قطاع الشبيبة و الرياضة آنذاك و هو ليس بغريب عن المنطقة . لم نجد من يسمع صيحاتنا آنذاك ، إضطرننا أن نعيش أوقات فراغنا تحت الأخطار ، و ذلك إيمانا منا بضرورة ملأ تلك الأوقات بالعطاء في إطار جمعيات و منظمات ثقافية و تربوية ، مع ضرورة تكوين ناشئة يمكن الإعتماد عليها في حمل مشعل الثقافة بالمدينة مثلما تم تأطيرنا خلال أواخر الثمانينات و بداية التسعينات ، و إستمر الوضع إلى أن جاء اليوم الموعود ، يوم لم يعد لتلك البناية القديمة قوة أن تتحمل أي شخص يدوس فوقها ، ليتم إفراغها من كل محتواها و جمعياتها على أمل أن يتم إعادة ترميمها و بناءها قريبا. إنتظرنا سنين طويلة و لم نرى الجديد ، و بدأت الدماء تبرد في عروقنا ، فمنا من حاول أن يستمر بكل الطرق حيث إستمرت جمعيات في كراء شقق من أجل أنشطتها ، لكن إلى متى ؟ فبغياب الدعم المادي و المعنوي لا يمكن ضمان صمود طويل المدى . فشخصيا ، لا زلت أتذكر أسماء كثيرة كانت من رواد دار الشباب بالناظور و هي اليوم التي إستطاعت أن تعطي دينامية جديدة بالمدينة في مجالات العمل الإجتماعي و الثقافي و الإعلامي المختلف ، نفس الملاحظة يمكن تعميمها على الشباب النشط عبر الإقليم ليتضح لنا مدى أهمية التكوين الإجتماعي في حياة الشخص . فإذا كان هناك حقا إغتيالا ثقافيا و تربويا بالناظور، فإننا نتحمل جميعا مسؤوليته ، و ذلك عبر عدم مطالبتنا بتسريع وتيرة بناء دار الشباب الوحيدة بمدينة 300 ألف نسمة ، و إذا كانت اليوم بوادر إنتهاء أوراش البناء ظاهرة ، فيبقى هناك تساؤلات كثيرة تستلزم وقفة تأمل ، متى يمكننا إستغلال هذا الفضاء التربوي الجديد ؟ و كم يلزمنا من الوقت لبناء جيل جديد يمكنه أن يعيد قاطرة الناظور الثقافية إلى سكتها ؟ أم أننا حقا شعب لا يبالي بالثقافة و التربية ؟