مسار محمد جلماد من ضابط في الاستعلامات إلى عميد إقليمي في مارس الماضي، أي قبل ثلاثة أسابيع أنهى قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، التحقيق التفصيلي مع 35 متهما في ملف نجيب زعيمي ومن معه، وأحال ملفهم على غرفة الجنايات الابتدائية، لمحاكمتهم طبقا للقانون، بعد أن تابعهم بتهم مختلفة من بينها تكوين عصابة إجرامية والاتجار الدولي في المخدرات والارتشاء والقتل العمد والاحتجاز والتعذيب وجناية الارتشاء وجنح إخفاء آثار الجريمة وانتحال هوية شخص آخر ونقل وتصدير المخدرات، وبين المتهمين عناصر تنتمي إلى الأجهزة ألأمنية، من شرطة ودرك ومخازنية. وكانت التهم التي وجهها القاضي نفسه إلى العميد جلماد بعد انتهاء التحقيق، هي جناية محاولة الارتشاء طبقا للفصلين 114 و248 من القانون الجنائي. بعد إيقاف نجيب زعيمي وشركائه في تهريب المخدرات، والشروع في البحث معهم حول ما نسب إليهم من جرائم من بينها تعذيب شخص وقتله ودفن جثته، تعرض هاتف بارون المخدرات زعيمي للتفتيش، فضبط في مفكرته رقم سجل عليه اسم العميد جلماد، واجري بحث معه لتبرير وجود الرقم سالف الذكر وعلاقته برئيس المنطقة الأمنية، ما دفع عناصر الفرقة الوطنية بعد ذلك إلى استدعاء جلماد لاستفساره عن الأمر وتحرير محضر بذلك. وقد أنجزت الضابطة القضائية ثلاثة محاضر استماع للعميد رفض توقيع أحدها. يتحدر العميد الإقليمي جلماد من مدينة خنيفرة، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه الوطنية في شعبة العلوم السياسية والقانون الدستوري. أنهى تعليمه الابتدائي بمسقط رأسه قبل أن يتابع مساره التعليمي بمدينة تازة إلى أن حصل على الباكالوريا، لينتقل إلى مدينة فاس حيث تابع تعليمه الجامعي ليحصل على الإجازة سنة 1990 في شعبة القانون العام، وهي السنة نفسها التي اجتاز فيها مباراة ضباط الشرطة نظمتها المديرية العامة للأمن الوطني آنذاك، ليتخرج من المعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة، ويلتحق بالعمل في مدينة وجدة بمصلحة الاستعلامات العامة سنة 1991، وفي بحر سنة 1992 انتقل إلى مدينة فاس ليعمل في المصلحة نفسها، بعدها أدمج في فرقة الأبحاث والتحريات بمصلحة الأمن العمومي بالمدينة نفسها. سنة 1993 أصبح رئيس مصلحة بمطار سانية الرمل بتطوان، وبعد مرور سنة ونصف من شغله هذا المنصب التحق بالإدارة العامة للأمن الوطني ليشغل منصب رئيس مصلحة الدراسات المرحلية والتوقعات إلى سنة 1998، حيث انتقل للعمل في مصلحة الاستعلامات العامة بمكناس، وبالمدينة نفسها تنقل للعمل رئيسا للدائرة السادسة للشرطة وبعدها الدائرة السابعة. كان جلماد طيلة مساره المهني يتنقل بين مجموعة من المناصب إلى أن توج ذلك بمنصب رئيس الاستعلامات العامة بمدينة مكناس ثم شغل المنصب نفسه في مدينة تيزنيت سنة 2001، ليعود مرة أخرى إلى مدينة مكناس رئيسا للمصلحة الولائية للاستعلامات العامة. ترقى جلماد بعد ذلك ليشغل منصب رئيس المنطقة الأمنية بسلا، حيث استقر إلى حدود سنة 2008، حين تم إعفاؤه من مهامه وانقطع عن العمل مدة ثمانية أشهر، قبل أن يعين في شتنبر من سنة 2009 رئيسا للمنطقة الأمنية بالناظور، وهي المنطقة التي لم يشتغل بها إلا حوالي سبعة أشهر، حتى طفت على السطح قضية حجز أزيد من سبعة اطنان من المخدرات، التي جرته إلى المساءلة بعد ضبط رقمه الثانوي في مفكرة هاتف بارون المخدرات نجيب زعيمي صاحب المنزل الذي حجزت فيه المخدرات سالفة الذكر. صرح العميد أثناء الاستماع إليه أنه منذ التحاقه للعمل بمدينة الناظور ركز اهتمامه على إعادة تنظيم عمل الشرطة داخل المدينة، مع تنظيم حملات تطهيرية والتركيز على تحسين العلاقة بين المواطن وأجهزة الشرطة، وأوضح أن عمله بالدرجة الأولى كان تربويا مع الاهتمام أكثر بمحاربة الظواهر الإجرامية، وبالخصوص ضبط وإيقاف مروجي المخدرات القوية، واعتبر أنه رغم الفترة القصيرة التي قضاها على رأس المنطقة الأمنية بالناظور استطاع إعادة التوازن الأمني والتنسيق بين مختلف المصالح الأمنية، وحرس على أن تكون علاقاته محدودة جدا مع أعيان المنطقة. المصطفى صفر