الرياض: مع بداية كل عام هجري يتكرر جدل بين المسلمين حول مشروعية التهنئة بالعام الهجري الجديد، فمن قائل أنها بدعة لا تجوز ولم تعرف عن السلف الصالح المبادأة بها، ومن قائل بأنها نوع من التهنئة المباحة، والتي تقوي الوشائج بين المسلم وأخيه المسلم، وتزيد في الألفة وتبث الروح الإسلامية في الأمل. وحول حكم التهنئة ببداية العام الهجري ، يقول شيخ الدكتور عمر بن عبد الله المقبل بالمملكة العربية السعودية ، أن الأصل في التهاني –والله أعلم- انها من باب العادات، ولكن الأولى هنا –أعني في التهنئة بالعام الجديد- ألاّ يبدأ بها الإنسان؛ لأن هذا ليس من السنة، وليست الغبطة بكثرة السنين، بل الغبطة بما أمضاه العبد منها في طاعة مولاه، فكثرة السنين خير لمن أمضاها في طاعة ربه، شر لمن أمضاها في معصية الله والتمرد على طاعته، وشر الناس من طال عمره وساء عمله –كما يقول شيخنا ابن عثيمين –رحمه الله تعالى- في ديوان خطبه ص (702). ولكن لو هُنِّئ الإنسان، فلا ينبغي له أن ينكر، بل ينبغي أن يجعل الرد بالدعاء، كأن يقول: جعل الله هذا العام عام عز ونصر للأمة الإسلامية، ونحو هذه الدعوات الطيبة. أما الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبدالله الخضير عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام فقد ايد الشيخ المقبل في عدم المبادأة فقال بحسب جريدة ” عكاظ ” السعودية ، الدعاء للمسلم بدعاء مطلق لا يتعبد الشخص بلفظه في المناسبات كالأعياد لا بأس به لا سيما إذا كان المقصود من هذه التهنئة التودّد، وإظهار السرور والبشر في وجه المسلم . قال الإمام أحمد رحمه الله : لا ابتدئ بالتهنئة فإن ابتدأني أحد أجبته لأن جواب التحية واجب وأما الابتداء بالتهنئة فليس سنة مأمورا بها ولا هو أيضا مما نهي عنه. ويرى الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة المشرف العام على موقع الإسلام اليوم ،إن التهنئة بالعام الهجري الجديد من المباحات، و أفضل ما يقال في شأنها أن من هنأك ترد عليه بكلام طيب من جنس كلامه، ولا تبدأ أحداً بها. وهذا بعينه ما روي عن أحمد في التهنئة بالعيد أنه من هنأه رد عليه، وإلا لم يبتدئه، ولا أعلم في التهنئة بالعيد شيئاً يثبت. وقد قال أصحابنا من الحنابلة: لا بأس بقوله لغيره: تقبل الله منا ومنك، فلا بأس بتهنئة الناس بعضهم بعضاً بما هو مستفيض بينهم، وقد يستدل لهذا من حيث العموم بمشروعية سجود الشكر، ومشروعية التعزية، وتبشير النبي –صلى الله عليه وسلم- بقدوم رمضان، انظر ما رواه النسائي (2106)، وتهنئة طلحة بن عبيد الله لكعب بن مالك، وبحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه، انظر ما رواه البخاري (4418) ومسلم (2769). قال ابن تيمية –رحمه الله-: قد روي عن طائفة من الصحابة أنهم كانوا يفعلونه، ورخص فيه الأئمة كأحمد وغيره. وذكر الحافظ ابن حجر مشروعيته، وثمة آثار عديدة في مثل ذلك. قال أحمد: لا أبتدئ به، فإن ابتدأني أحد أجبته. وذلك لأن جواب التحية واجب؛ لقوله تعالى: «وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها» الآية [النساء:86]. ولم يرد في مثل ذلك نهي. ولا يدخل مثل هذا في باب البدع؛ لأنه من محاسن العادات وطيب الأخلاق، ولا يقصد به محض التعبد، هذا ما يظهر لي.