منذ طفولتها رسمت السيدة مليكة العبدلاوي الألمانية ذات الأصولالناظورية ، أولى خطواتها نحو إرساء ثقافة الحوار بين الأديان في ألمانيا، وتلمست طريق هذه الثقافة بتحدي كونها أنثى مسلمة قادمة من بلد مغاير وثقافة مختلفة. السيدة مليكة، واحدة من النساء المغربيات المميزات في ألمانيا اللواتي حققن نجاحات في مجالات مختلفة كالطب والهندسة والإعلام والفنون والبحث العلمي وعلم الاجتماع والاقتصاد، إذ جمعت بين دراسة علم النفس والاهتمام بالشأن الديني. تمكنت، السيدة مليكة، من الوصول إلى رئاسة المجلس الأعلى للمسلمين في فرعه بولاية راينلاند بفالتس (غرب) ، لتشكل الاستثناء، بفضل نشاطها ودفاعها عن حقوق المسلمين في بيئة مختلفة، سعيا لتحقيق التكامل والتعايش. وفي سياق حديثها لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن رحلتها الدراسية والمهنية واهتماماتها، أشارت السيدة مليكة المنحدرة من مدينة الناظور، إلى أنها حققت جزءا من حلمها بالانخراط في ثقافة الحوار بين الأديان والبحث عن قيم إنسانية مشتركة، عبر نسج علاقات تحترم الاختلاف وتعتبره قيمة مضافة. فالسيدة مليكة القادمة إلى ألمانيا رفقة أسرتها الريفية وعمرها لا يتجاوز سن 12 سنة، التحقت بالمدرسة حيث بدأ مسلسل مساءلتها حول الإسلام سواء من قبل المدرسين أو التلاميذ زملاءها في الصف وهي طفلة. وتقول " الأسئلة لم تتوقف، فقد رافقتني في مختلف مراحل دراستي، وكان علي الإجابة وعدم ترك البياض، الأمر جعلني أكرس جزءا من وقتي للبحث وتعميق مفاهيمي "، وكمسلمة، تقول " كان علي الإجابة والتصدي لكل ما يمس الاسلام، ذلك حفزني كثيرا لأواظب على القراءة ". دخلت السيدة مليكة الجامعة، بقسم شعبة علم النفس التي تعد ضمن أصعب الشعب في ألمانيا، بفضل تفوقها وحصولها على مؤهلات علمية جيدة، فلاحقتها الأسئلة عن الاسلام خاصة في مادة التاريخ، إذ شكلت أسبابا لمواصلتها البحث، فكان أساتذتها يستعينون بمعلوماتها. وقبل التخرج، أصبحت السيدة مليكة، أما مسئولة عن أسرة وعضوة نشيطة في جمعيات تعنى بالحوار الاسلامي وبالعمل الاجتماعي التطوعي، فلم تمنعها التزاماتها الأسرية والدراسية، من تطوير مداركها والتفاعل مع المعطيات المحيطة بها بجدية. راكمت رصيدا معرفيا عن الإسلام، حولها من مسلمة تقتصر على القيام بواجباتها الدينية، إلى مشاركة نشيطة في رصد واقع المسلمين وثقافتهم وحضارتهم وإبراز قيمهم، فوسعت من دائرة مشاركاتها وتسجيل حضورها في لقاءات سواء في الجامعة أو بجمعيات بالكنائس والمساجد وجمعيات المجتمع المدني. ولأسباب ذاتية وأخرى موضوعية، جعلت السيدة مليكة، من الدفاع عن الاسلام قضيتها، بحكم عيشها في بلد أغلب مواطنيه مسيحيون، ولا تعمل فقط من أجل تشجيع الحوار بين الأديان، لكن هدفها أيضا يروم إدماج المسلمين في المجتمع الألماني. وترى أن السلطات الألمانية مدعوة للاعتراف بجميع حقوق المواطنين الألمان المسلمين والأخذ بعين الاعتبار خصوصياتهم وتفهم مشاكلهم، كما هو الشأن بالنسبة لمعتنقي المسيحية واليهودية ، لكن ، بالمقابل ، فإن المسلمين مطالبين بالقيام بواجباتهم وتقوية موقعهم لتكون لكلمتهم تأثير إيجابي في المجتمع الألماني ، كمواطنين وليس كضيوف. ومن خلال ممارستها للعلاج النفسي وخبرتها في الشأن الديني، أصدرت السيدة مليكة العبدلاوي رفقة زوجها ابراهيم روشوف ، الذي يعمل في نفس التخصص ، كتابين الأول " دليل المسلمين عند الأزمات العقلية والنفسية والاجتماعية " ، والثاني " التعامل مع المرضى المسلمين معلومات أساسية". ويقدم الإصداران معلومات للممارسين في ألمانيا في مجال الرعاية النفسية والاجتماعية ، حول طرق التعامل مع المسلمين خاصة المرضى النفسيين ، والمحتاجين إلى مساعدات تختلف في طبيعتها. وتقول السيدة مليكة إن دورها كرئيسة للمجلس الأعلى للمسلمين بولاية راينلاند بفالتس ، تحرص على التواصل باستمرار مع الحكومة المحلية دفاعا عن قضايا المسلمين في شموليتها ، كالاهتمام بالنساء ومساعدة المرضى والسجناء ، وبإدماج مادة التربية الاسلامية في المزيد من المدارس على مستوى الولاية.