لما ترأس الملك محمد السادس بتطوان حفل إطلاق المشاريع الكبرى بإقليمالحسيمة يوم 17 أكتوبر 2015 بمقدار 6515 مليار درهم، تم أنذاك الأخذ بعين الإعتبارالخصاص المهول في البنيات التحتية و في الإمكانيات المنعدمة و الضعيفة بكل بلديات و جماعات و دواوير هذا الإقليم بدون استثناء مع تبيان مسؤولية و مساهمة كل قطاع حكومي في هذا المشروع الضخم، لكن لما التداول حول المخطط التنموي بإقليمالناظور 2016/2020 من قبل قادة جهة الشرق و هذا الإقليم يوم الخميس 26 نونبر المنصرم تم التركيز بالأساس على تهيئ المجال من أجل تسهيل الوصول لميناء غرب المتوسط لا أقل و لا أكثر كما جاء على لسان النائب البرلماني أبرشان في مداخلته السربة، إلى جانب حماية مدينة الناظور من الفيضانات التي تفضح المسؤولين كلما تساقطت بعض القطرات المطرية و كذا الاعتناء بفضاء لاكورنيش، فيما جاءت الحاجيات و البنيات الأساسية المنعدمة بمجموعة من الجماعات القروية الفقيرة و الأحياء الهامشية المتعايشة في محيط بعض البلديات في لائحة الانتظار. ففي الوقت الذي تعاني فيه ساكنة مهمة بالمناطق النائية و الدواوير الضاحوية بالجماعات القروية بإقليمالناظور على جميع الأصعدة و القطاعات و تطالب من أجل فك العزلة عنها بإعزانن و بني سيدال و بني شيكر و وكسان و أفسو و بني وكيل و حاسي بركان و تزطوطين و أولاد ستوت و البركانيين و أولاد داوود الزخانيين حيث تقتات جماعاتهم على موارد ضعيفة لا تسمن و لا تغني من جوع إذ لا تتعدى ميزانياتها 500 مليون سنتيم في السنة يتشكل التسعون في المائة من قيمتها من حقها في نسبة الضريبة على القيمة المضافة و تصرف 80 في المائة منها في أجور الموظفين، في هذا الوقت بالذات الذي يتطلب تكثيف الجهود و رصد جزء من الإمكانيات المتاحة إقليميا و جهويا لاحتضان ساكنة هذه المناطق و فك العزلة عنها بمسالك طرقية و وسائل نقل مناسبة و مراكز صحية و مؤسسات تعليمية ابتدائية و اعدادية و تأهيلية و تعميم الاستفادة من الكهرباء و الإنارة العمومية و الماء الصالح للشرب و ملاعب رياضية ...نجد أن ما تم نشره على صفحات المواقع الالكترونية من بعض التفاصيل التي جرت خلف الأبواب المغلقة حول المشاريع المقرر تنفيذها يكرس تهميش ساكنة جوانب إقليمالناظور و تكتيل جل الجهود و الإمكانيات المهمة لإعادة الكرة في مشاريع رصدت من أجلها الملايير في أكثر من مرة خصوصا وسط مدينة الناظور و على طول لا يتعدى الكيلومترين من فضاء لاكورنيش الذي ابتلع ميزانيات ضخمة منذ الشروع في إنشائه بداية الألفية الحالية و لايزال. و بإلقاء نظرة موجزة على هشاشة البنيات الأساسية ببني سيدال نجد أن القنطرة المقامة على واد كرت و المتممة للمسلك المتفرع عن الطريق الوطنية رقم 16 (الطريق الساحلية) و المؤدي لدوار الحمام ببني سيدال لوطا ثم دوار ماورو بجماعة أمجاو بإقليم الدريوش قد جرفتها الفيضانات سنة 2008 و لم يتم لحد الآن إعادة بناءها حيث لازالت ساكنة هذه المنطقة تعاني الويلات كلما همت بالمرور عبر مياه هذا الوادي خصوصا في الأيام الممطرة التي يرتفع خلالها منسوب واد كرت، مما يضطرون معه للعودة للوراء أو لتغيير المنحى في اتجاه دار الكبداني عبر الطريق الجهوية رقم 610 أو الطريق الساحلية و طريق أمجاو المحلية، وقد عاين هذا الإشكال مسؤولوا عمالة الناظور خلال مرورهم عبر هذا المسلك أثناء حضورهم مراسيم جنازة المرحومة أسماء واحود ضحية الطائرة الالمانية المنحوسة و التي أقيمت بمقبرة مدشرها الحمام خلال شهر يونيو المنصرم، و يتعلق الأمر بكل من الكاتب العام لعمالة الناظور و مدير ديوان السيد العامل و رئيس قسم الشؤون الداخلية و مجموعة من المسؤولين، فهل لم يحن الوقت بعد لبرمجة هذه القنطرة ضمن المشاريع التنموية الضرورية بالإقليم؟ مشروع آخر بقي عالقا و يتعلق الأمر بالطريق الرابطة بين مركز جماعة بني سيدال الجبل و جماعة إعزانن و المعروفة "بطريق بوحمزة" و التي كانت ستفك العزلة عن ساكنة مهمة في مجموعة من الدواوير المهمشة بجبال بني سيدال، و لازالت الأشغال متوقفة بهذا المشروع لما يزيد عن أربع سنوات عندما تسببت مندوبية التجهيز و النقل في توقيفها حيث كانت بداية انطلاقها من تراب جماعة إعزانن ليتم تعليقها في بداياتها نتيجة خلاف مع المقاولة المشرفة على تعبيد هذه الطريق و التي تعد المستفيدة الوحيدة من صفقة إحداث هذا المشروع بعدما حازت حكما قضائيا لصالحها ضد المندوبية المذكورة، في حين حصد آهالي المناطق النائية الريح بعدما تبخر حلمهم بربطهم بطريق معبدة، حيث لازالوا يرزحون تحت وطأة الأوحال التي تشكل عائقا أمام تنقلاتهم و تمنع الكثير من فلذات أكبادهم من الالتحاق بمقاعدهم الدراسية. فهل بدورها هذه الطريق الحيوية لا تستحق أن تبرمج ضمن المشاريع التنموية لإقليمالناظور خصوصا بعدما تلاشت وعود المصالح المختصة بقرب انطلاق اشغالها؟ أما فيما يتعلق بالمسالك الطرقية المحلية بدواوير جماعتي لوطا و الجبل ببني سيدال فحالة أغلبها كارثية، سواء تعلق الامر بدوار بروال او ثانوث نرمان أو أغيل امدغار او إيموساثن أو القضيا أو مضواع ...ببني سيدال الجبل، أو إلحيانا او ثارزاث او ثغزوث أو إفري نواغرارن أو ثريبيا ... ببني سيدال لوطا، هذه المسالك تتحول إلى خنادق و مجاري للمياه و لا من يكترث لحالها من غير مستعمليها الذين يحاولون بمجهوداتهم المتواضعة للتخفيف من سوء وضعها. و فيما يتعلق بالماء الصالح للشرب، فرغم توزيع شبكتها بتراب أغلبية الدواوير و بخاصة ببني سيدال لوطا منذ أزيد من أربع سنوات، إلا ان بعد الانابيب عن السكنيات يشكل عائقا أمام الأسر الفقيرة و المتواضعة للاستفادة من هذه المادة الحيوية لارتفاع تكاليف الربط و التي تتجاوز المليون سنتيم، مما يتحتم على مسؤولي الإقليم التدخل لإيجاد حل لهذه المعضلة. وفي المجال الصحي تتوفر بني سيدال على مستوصفين بتجهيزات متواضعة و بإمكانيات تمريضية هزيلة، و عوض اعتماد طبيبين بكل واحد منهما، تم الاقتصار على طبيبة واحدة تتنقل بين المركزين الصحيين ببني سيدال لوطا و بني سيدال الجبل لتقديم خدماتها لأزيد من 9000 نسمة، و ربما هي الأخرى لا تجد من يعوضها بعدما تتوصل بانتقالها في الأيام القليلة المقبلة. أما فيما يتعلق بميدان التربية و التعليم، فقد لعبت سياسة الفرعيات المدرسية بقاعة دراسية واحدة و أستاذ واحد بكل دوار دورا محوريا في وصول المستوى التعليمي للحضيض، حيث يتم العمل بالأقسام المشتركة إذ تجمع المستويات الست من الأولى إلى السادس ابتدائي في قسم واحد مما يفقد العملية التعليمية و التعلمية مفعوليتها، ليتم تصدير المنتوج التلاميذي للإعدادي بدون رصيد لغوي و لا معرفي يذكر. مما يتوجب التفكير في إحداث مدرسة جماعاتية خصوصا بجماعة بني سيدال لوطا على غرار ما تم إحداثه بجماعة أفسو لعل ذلك يحفظ ماء الوجه لقطاع التعليم. و في اتجاه الخصاص دائما فقد حرمت ساكنة بني سيدال لوطا من مشروع ثانوية إعدادية منذ أزيد من ثلاث سنوات مما جعل نسبة الهدر المدرسي مرتفعة جدا لدى الجنسين حيث تتوقف مسيرتهم عند مستوى السادس ابتدائي في غياب مرفق النقل المدرسي الذي طال انتظاره بهذه الجماعة رغم مرور عشر سنوات على المبادرة الوطنية التي ساهمت في توفير الحافلات بمختلف المداشير بربوع المملكة. و في المقابل لازال تلاميذ و تلميذات الثانوي التأهيلي ببني سيدال الجبل و بجماعة إعزانن يتنقلون على مسافة تتجاوز 30 كيلومترا بالنسبة للجماعة الاخيرة صوب مدينة ازغنغان لمتابعة دراستهم في الوقت الذي يتوجب فيه التفكير في إحداث ثانويتين أو ملحقتين أو نواتين بهاتين الجماعتين. هذا غيض من فيض الصعوبات و الإكراهات و من المشاريع و الخدمات الأساسية التي تحرم منها ساكنة بني سيدال بغض النظر عن كل ما هو ترفيهي من ملاعب و نوادي شبابية وغيرها، دون أن تجد من يدافع عنها في منتديات الكبار. لذلك يتوجب على القادة الإقليميين و الجهويين بأن يولوا الاهتمام الكافي للحد و التخفيف مما تعانيه ساكنة بني سيدال على مختلف المستويات، و لا يمكن ترك الامور على عواهنها و تذكر هذه المنطقة فقط عند حلول موسم الصيد البري حيث تتكالب و تتكاثف غارات القنص العشوائي و المؤجر على اراضي الفلاحين من كل جانب.