لم يكن أحد قبل اليوم، يتخيل أن تكون النهاية السياسية للسيد مصطفى المنصوري، الزعيم السابق لحزب التجمع الوطني للأحرار، والرئيس الأسبق للغرفة الأولى للبرلمان، في آخر معقل سياسي له ببلدية العروي، بهذا الشكل الدراماتيكي الحزين والمذل. الذي يمتزج فيه طعم الهزيمة المدوية، بمرارة خذلان الأصدقاء، وشماتة الخصوم والأعداء. فالرجل ظل يرأس البلدية المذكورة، منذ ما يقارب الربع قرن من الزمن )23 سنة(. محصنا بفريق مهلهل فاقد للمصداقية والشعبية من المستشارين الجماعيين، الذين ظلوا راسخين في مواقع مسؤولياتهم الجماعية سنين عدداً، مع رتوشات وتعديلات طفيفة، يأتي بها كل موعد انتخابي جماعي معين، لكن ثابتين أيضا في دعمهم وولائهم المطلق لرئيس البلدية. معظهم مدجج بالأمية والجهل المركب، جاء أغلبهم إلى موقع القرار الجماعي، بحثا عن فرص اغتناء وارتقاء مادي واجتماعي، ورغبة في حماية مصالحهم ومنافعهم الخاصة. اغتنى كثير منهم واعتاش على حساب تنمية المدينة، وتردي أوضاعها وأحوالها. مختبئين خلف هيبة الرجل، ونفوذه المعنوي والرمزي آنذاك. الرئيس الغائب أبدا، إلا لماما، خاصة في السنوات الأخيرة، عن مراقبة سير الأمور بالجماعة الحضرية عن قرب، ما جعل تدبير أمور المدينة وشأنها المحلي، يعرف ترديا وارتجالا وعشوائية غير مسبوقة. واليوم، تمت إزاحته عنها، في أجواء يخيم عليها الخذلان والنكران من طرف أصدقاء الأمس، أو من بقي منهم. أولئك الذين رافقوه في هذه الرحلة الطويلة من المسؤولية، بل كانوا يتمسحون بأعتابه وأهدابه في وقت ما، الذين أبلوا البلاء السيء، فيما عرفته المدينة من فساد وتردي. وساهموا بقسط وافر، في مراكمة هذا السخط والإحتقان الشعبي في المدينة ضده، بسبب سوء تدبيرهم للشأن المحلي للمدينة، خلال غيابه الطويل غير المبرر هذا، وسوء تواصلهم مع الساكنة، وانخراطهم في مسلسل الفساد بشكل فاضح. لقد بدأت مؤشرات السقوط السياسي للرجل، في آخر معقل له ببلدية العروي، في أعقاب انتفاضة 20 فبراير، حيث انتفض شباب المدينة ضده، وضد التدبير الأعرج لشؤونها. ونظموا تظاهرات ومسيرات واعتصامات كثيرة، تارة عند البوابة الخارجية لمقر البلدية، وطورا في باحتها الداخلية، منددة بالفساد المستشري في تدبير الشأن المحلي للمدينة، ومطالبة بالتغيير، ورحيل أعضاء المجلس وعلى رأسهم الرئيس. أطرتها العديد من الفعاليات النشيطة محليا، كجمعية الطلبة المعطلين، وطلبة أ.و.ط.م وبعض الأحزاب والجمعيات والنشطاء.. وقد كانت مواعيد انعقاد دورات المجلس، فرصا مثالية لمحاكمة القائمين على الشأن المحلي، بطريقة لا هوادة فيها، حتى أن نقاشات بعض شباب المدينة مع الرجل، كانت تخرج أحيانا عن اللياقة واللباقة اللازمة، وتستعمل أساليب عنيفة فظة، فيها قذف وإهانة للرجل. كانت رسالة شباب المدينة الغاضب وقتها، واضحة وقوية. لكن الدرس لم يتم استيعابه بشكل جيد، ولم يتم التعاطي معه بما يكفي من الجدية اللازمة. وظلت بلدية "لقمان" على حالها، على مستوى سوء التسيير والتدبير، والعبث بمصالح الساكنة، وجمود الفعل التنموي بها، وانعدام التواصل مع فعالياتها المختلفة. لكن إرهاصات السقوط السياسي العام للرجل، وبداية توالي النكبات المتعددة عليه بشكل مزلزل، كانت بداياتها الفعلية سنة 2009 وتحديدا خلال شهر أكتوبر، يوم انقلاب رفاقه في الحزب، بزعامة صلاح الدين مزوار عليه، حين كان رئيسا للتجمع الوطني للأحرار، بعد تأسيسهم لحركة تصحيحية داخل الحزب، أعقبتها الدعوة إلى انعقاد المجلس الوطني، وانتخاب قيادة جديدة للحزب. مدعومين في ذلك بمتدخلين وعناصر قيادية من الأصالة والمعاصرة، التي كان قد أزعجها آنذاك فك السيد المنصوري الإرتباط مع فريقها في البرلمان، وحدوث تقارب بينه وبين حزب العدالة والتنمية وقتها، لتبدأ المواجهة معه من يومها. وبرغم المحاولة اليائسة التي قام بها الرجل للإمساك بزمام الأمور، حين دعوته لانعقاد المجلس الوطني للحزب، أو ما تبقى من أعضائه المساندين له بالرباط، موازاة مع انعقاد المجلس الوطني التصحيحي بمراكش. لكن الأمور كانت قد حُسمت، وجرت بما لا يشتهيه السيد المنصوري، وجاءت البرقية الملكية المهنئة لمزوار، بمناسبة انتخابه زعيما جديدا للحزب، كي تقصم ظهر البعير، وتحسم الأمور لصالح التيار التصحيحي، وتدفع المنصوري إلى القبول بالأمر الواقع على مضض. ومن يومها أصبحت عضويته في الحزب وهياكله باهتة، أقرب إلى الجمود منها إلى الفعالية والديناميكية، وزادها غيابه المستمر والطويل عن الإجتماعات التنظيمية سوءا. ولم تتوقف المصائب السياسية التي حلت بالرجل عند هذا الحد، بل حاقت به كارثة أخرى، وضربة موجعة من رفاقه/خصومه في الحزب، حين تمت الإطاحة به من رئاسة الغرفة الأولى بالبرلمان، في إطار التوافقات السياسة والحزبية الجديدة لمزوار مع حلفائه في الأغلبية الحكومية لعباس الفاسي، والتي قادت الإستقلالي كريم غلاب إلى خلافته في رئاسة مجلس النواب. منذئذ دخل الرجل مرحلة سُبات سياسي طويل، على مختلف واجهات مسؤولياته السياسية، الحزبية منها والإنتخابية، أو ما تبقى منها. وخاصة منها عضويته في مجلس النواب، التي شهدت غيابه الطويل وغير المبرر عن جلساته، التي لم يعد إليها، سوى قبل بضعة أشهر بشكل مفاجئ، بعد انسحاب شباط وحزب الإستقلال من النسخة الأولى لحكومة بنكيران، وانضمام حزب الأحرار إلى الأغلبية الحكومية في نسختها الثانية، ربما طمعا في استعادة رئاسته لمجلس النواب، بعد الإطاحة بكريم غلاب، خاصة وأنه كان يحظى بدعم شخصي كبير من بنكيران. لكن محاولاته في هذا الإتجاه باءت بالفشل، على يد خصومه القدامى في الحزب، وعلى رأسهم مزوار، الذين زكوا كفة رشيد الطالبي العلمي لرئاسة الغرفة الأولى. وتلقى بذلك الرجل ضربة موجعة أخرى، أجهضت كل محاولاته استعادة بريقه ونفوذه السياسي في الحزب. كما شهدت رئاسته لبلدية العروي أيضا، غيابا طويلا عن متابعته تدبير الشأن المحلي للمدينة، التي أصبح نوابه في ظل هذا الواقع الجديد، يسرحون فيها ويمرحون، ويسيئون تدبير الأمور، خاصة في ظل انعدام وجود معارضة حقيقية بالمجلس، بإمكانها مراقبة الأوضاع، وإعادة الأمور إلى نصابها. ما أنتج احتقانا وسخطا شعبيا عارما ومتراكما على أداء المجلس البلدي، وتحديدا على رئيسه الغائب الكبير عن المشهد المحلي، والذي اتخذ شكل احتجاجات واعتصامات ووقفات متعددة، وهو ما كان ينذر بانفلات القبضة الإنتخابية الطويلة، التي كان يُحكمها الرجل على المدينة، وبالتالي تعرض نفوذه السياسي المحلي للإرتجاج والإهتزاز وربما السقوط. وخلال الإنتخابات الجماعية الأخيرة، بدت معالم الهزيمة واضحة في صفوف أنصاره منذ البداية، فقد انفضت من حوله الجموع والوفود المعهودة، التي طالما كانت تغص بها مختلف جنبات منزله، والطرق المجاورة له. عارضة خدماتها ومساهماتها في جميع حملات المحطات الإنتخابية المختلفة. سوى من أفراد قبيلته وعائلته الممتدة، وبعض المخلصين له. وهي الطقوس الإنتخابية التي كان قد سئمها وملها شباب المدينة التواق إلى التغيير. كما تجلت معالم الهزيمة أيضا، في التجمع الباهت الذي نظمه في الملعب البلدي، قياسا مع تجمعاته المعهودة السابقة، والذي نشطته فعاليات عديمة الخبرة والتجربة، محدودة الشعبية والإشعاع والإمتداد. التجمع الذي بدا على غير العادة، شاحبا منحسرا محدود الحضور والأنصار. وهو الذي طالما كانت تجمعاته الإنتخابية ضخمة، تحج إليها الوفود والشخصيات السياسية الوازنة من كل حدب وصوب. وهذا في وقت قد دخلت فيه على خط التنافس والمواجهة الإنتخابية المحلية، لوائح انتخابية جديدة، تمكن بعضها من حشد الدعم والأنصار بشكل كبير، موظفة أعطاب ومزالق المجلس السابق، التي لا تحد ولا تعد، وحصيلته الشاحبة، والغياب المستمر للرئيس عن ممارسة مسؤولياته الرئاسية. ورافعة لشعارات التغيير التي كانت تتوق إليها ساكنة المدينة. انتهت المعركة الإنتخابية الجماعية الأخيرة، بنتائج مدوية، أتت على ما تبقى للرجل من نفوذ في معقله الإنتخابي الأخير بالعروي. وأضافت حلقة أخرى إلى سلسلة نكبات الرجل السياسية، المتعاقبة والمتلاحقة في السنوات القليلة الماضية. وقد كان لفقدان الرجل لموقع المسؤولية في معقله الإنتخابي الأخير هذا، طعم مرير، ربما أكثر وأشد مرارة من خذلان رفاقه وأصدقائه له في الحزب، بعد انقلابهم عليه، وإزاحته من جميع مواقع القرار الحزبي والسياسي. بالنظر إلى أن هزيمته تلك، وفقدانه لرئاسة بلدية العروي، يمثل اجتثاثا سياسيا من الأصل والمنبع، مع ما رافق ذلك من إذلال كبير، وإهانة غير مسبوقة، واتهام بأقدح التهم، وأبشع النعوت من ساكنة مدينته الأم. إن المتأمل في المسار السياسي للرجل على الصعيد الوطني، يخلص إلى أنه كانت تعوزه الحنكة والدهاء، بل والماكيافيلية والمكر السياسي، الذي تستوجبه عادة مواقع القرار الحزبي والسياسي، في التعاطي مع الخصوم والأنصار على حد سواء، والقدرة على تدبير المعارك الداخلية، لتفادي المؤامرات والخيانات والإنقلابات التي يُحتمل أن تحدث. خاصة أنه كان ينفرد في اتخاذ بعض القرارات، التي يمكن أن تؤلب عليه رفاقه، خاصة ما يتعلق باختيار الأسماء المقترحة للإستوزار، أو منح التزكيات، وكذا علاقات الحزب وتحالفاته مع باقي مكونات المشهد السياسي. فالرجل كانت تميزه التلقائية والعفوية في اتخاذ القرارات، والإستكانة إلى الثقة الزائدة العمياء في مكونات محيطه الحزبي. ما جعله لقمة سائغة في يد خصومه داخل الحزب، الذين عملوا على إنهاء مستقبله السياسي بشكل لا هوادة فيه.. أما ما يتعلق بالشق المحلي لهذا المسار السياسي للرجل، وخاصة منه التمثيل البرلماني للمنطقة، ورئاسة بلدية العروي، فيلاحظ أنه مسار اكتنفته أخطاء كثيرة، وشابته أعطاب عديدة. سواء على مستوى ضعف وانعدام التواصل مع الساكنة، وغياب الإنصات لصوتها ونبضها، وعدم إشراكها في مختلف القرارات المحلية، إضافة إلى توزيع الوهم الإنتخابي عليها في كثير من المحطات، من خلال الإغداق في منح الوعود والعهود، التي لم يرى كثير منها النور. ناهيك عن الغياب الطويل وغير المبرر، فيما يخص مباشرة مسؤولية الرئاسة، والإشراف على تسيير وتدبير شؤون المدينة عن قرب وبشكل فعلي. والإكتفاء بمتابعة أمورها من بعيد بواسطة جهاز التحكم عن بعد. وبالتالي، ترك مسؤولية إدارة شؤون الساكنة في أياد غير أمينة، تفتقر إلى الكفاءة اللازمة، وينقصها حسن التدبير، وتعوزها أدوات التواصل البناءة مع الساكنة، وخاصة منها الشباب. وتحركها المنافع والمصالح. أساءت التعاطي مع هموم الساكنة ومشاكلها، وهمشت مطالبها وانتظاراتها بشكل كبير. في وقت أصبحت فيه ساكنة المدينة في السنوات الأخيرة، وخاصة شبابها، تشهد ارتقاءا ونضجا في وعيها السياسي، وقدرة متنامية على تحليل الوضع السياسي والإنتخابي القائم، وبالتالي القدرة على وضع الأصبع على مكامن العطب والخلل، ما ساهم في تنامي انتقاد تجربة التدبير المحلي للمدينة بشكل كبير، والتمرد على رئيسها الذي ظل مطمئنا إلى أغلبيته المهلهلة الهشة، المكونة من عناصر تنتمي إلى عصر آخر، دون أن يعمل على استيعاب رسالة الشباب، وخصوصية الدينامية والحراك الذي تشهده المدينة. لقد ظل المسار السياسي للرجل على المستوى المحلي يستند بشكل شبه كامل، على فريق ضعيف من المستشارين الجماعيين، أغلبهم من الأميين والغوغائيين وفاقدي المصداقية، ويطمئن، كما جرت العادة في السابق، إلى قدرتهم على كسب الرهان، وتوفير الأغلبية المريحة لاستمرار الرجل في رئاسة البلدية. مستشارين يجهل أغلبهم، بل ربما كلهم، أبجديات ممارسة المسؤولية الإنتخابية، وأسرار روح التدبير الجماعي، ووسائله وآلياته جهلا كليا. أساؤوا السيرة، واغتنى كثير منهم من مزاولة هذه المسؤولية. حتى أنهم قدّموا على مر سنوات بقائهم جاثمين على صدور الساكنة في هذا المجال، القدوة السيئة، التي حفزت على مر المحطات الإنتخابية المتعددة، التي شهدتها المدينة، حثالة المدينة من السماسرة والمهربين وأصحاب السوابق، بل وحتى المعطلين وعديمي الشغل، من الباحثين في أركان البلدية عن موقع قدم، أو فرصة إثبات الذات، وبالتالي تحقيق المكاسب والمنافع المختلفة، على جرأة الترشح للمسؤولية الجماعية، بدون خجل أو رادع سياسي أو أخلاقي أو شعبي. بينما ظلت النخبة المتنورة للمدينة طوال هذه السنوات، تراقب الوضع بامتعاض وتقزز، وتتفرج على سخافة المشهد وبؤسه. هي أخطاء قاتلة كلفت الرجل ثمنا غاليا، كلفته فقدان موقع الرئاسة التي شغلها لما يقارب ربع قرن من الزمن، والأسوأ من هذا، كلفته فقدان احترام الساكنة، وخسارة النفوذ والهيبة، التي طالما كان يتمتع بهما في إدارة أمور المدينة. وربما البقية تأتي.. إنه برغم هذه التجربة المحلية المثقلة بالأخطاء، والحصيلة الضعيفة البائسة، ومن باب عدم تبخيس الناس أشياءهم، حتى وإن كنا نختلف معهم اختلافا جذريا، يمكن القول أنه بقدرما كانت للرجل أخطاؤه وأعطابه وتقصيره، في تدبير الشأن المحلي للمدينة، بقدرما كانت له بصماته الإيجابية أيضا، وبعض إنجازاته المضيئة، التي لا يمكن أن ينكرها سوى جاحد. فقد قدم الشيء الكثير لمدينة العروي في مجالات تنموية مختلفة، مستثمرا نفوذه السياسي لجلب الكثير من المكاسب والمنافع لها. فطالما رافقته الوفود الوزارية من المستوى الرفيع، للقيام بتدشين عدد من المرافق المتعددة بالمدينة، التي يستفيد منها الساكنة اليوم. ولا زالت مختلف المرافق والتجهيزات التي أنجزها، تشهد على ما قدم لهذه المدينة من مجهودات. وعليه، فلم يكن من المناسب، بعد كل الضربات الموجعة التي تلقاها الرجل على يد رفاقه في الحزب، والتي كلفته غاليا، وكانت في الواقع سببا مباشرا في انحساره وانطوائه، وعزوفه عن تحمل المسؤولية بشكل مباشر، بل وتجميد نشاطه السياسي تقريبا بشكل كامل، ولمدة طويلة. لم يكن من المناسب إهانته أيضا في عقر داره، ومن طرف أبناء جلدته، وساكنة مدينته، بتلك الفظاظة والقسوة، وتوديعه بذلك الشكل المهين من طرف بعض المندفعين خلف حماسهم الزائد. فلئنْ كان قانون التطور، ومنطق التغيير، وسنة الحياة، تقضي بأن دوام الحال من المحال، خاصة في مجال السياسة، فإن الرجل قد حان موعد رحيله عن موقع المسؤولية، بإرادة من الساكنة، بعد كل هذه التجربة في التسيير بخيرها وشرها، وهذا أمر طبيعي وعادي جدا. ولكن ما لم يكن طبيعي ولا عادي، هو تلك الطريقة المذلة التي تم توديعه بها، والتي تفتقر إلى اللباقة واللياقة والإحترام. وتتميز بكثير من الإسفاف والغوغائية والخذلان والنكران. ولا عجب، فحينما يقع الثور أرضا، تكثر السكاكين، وترتفع معلنة بداية الوليمة، وليمة الطعن والذبح والتقطيع، أو بالأحرى تبدأ آلة الهتك والفتك والتدمير عملها بلا هوادة !! أيها السادة ! إن أخلاق الإختلاف، كما هو معروف، تقضي بأن نحترم خصومنا حتى في أحلك الظروف، وأن نصون كرامتهم وشخصيتهم، بعد أن نخوض معهم مواجهات ومعارك نظيفة. ومتى ما انتصرنا، فلا ينبغي أن يتحول انتصارنا إلى تسلط وعنجهية وغرور ومباهاة، بل إلى حكمة ورزانة وبُعد نظر. فالسياسة حال وأحوال، وهي إن رفعتك وأعزتك اليوم، فلربما أطاحت بك وأذلتك غدا.. وعليه أقول لبعض الساكنة المندفعة خلف حماسها الزائد، في شأن تعريض الرئيس المنصرف لصنوف الإهانة والإذلال والنعوت المشينة والنكران : إرحموا عزيز قوم..