ما أجمل أن ترى الربيع و تعيشه و تسعد به من خلال جيل جديد، يبتسم بهم ثغر الحاضر و المستقبل، و يخضر بهم وجه واقعنا و حياتنا ، و تزدهبر بهم الأزاهير و الأماني، و تملأ ألحانها الحلوة، و أريجها الطيب منطقتنا و وطننا . يا أيها الربيع نشتاق إليك، نشتاق إلى شمسك و دفئك ، و نفحاتك و بسماتك، و إلى الحياة تنبثق من كل مكان، و النشاط يدب في كل مخلوق، نشتاق إليك يا ربيع التميز و الإستقلالية، يا ربيع الوطن و الوطنية، يا ربيع الحب و الإنسانية . يا من يبعث في نفوسنا كوامن الشجون و الأشواق، و أرق العواطف و المشاعر و توحي إلينا أعمق المعاني و الخواطر و تنقلنا إلى آفاق رحبة . ما أعظمك من ربيع ! و ما أعظمك من مثل ! ****** في الحقيقة كلما هممت أن أتحدث عن واقعنا أو أن أكتب عنه إلا و شعرت بقلبي ينبض لأن صورته صورة ... لا يكاد يوجد فيها ما يطمئن القلب. إن هذه الصورة كان يمكن أن تكون صورة أخرى، كان يمكن أن تكون باسمة و مشرقة و مشرفة . قال لي أصدقائي كل من حولنا يثبط الهمم، فأين نجد الحافز للعمل، قلت لأصدقائي إن لم تجدوا هذا الحافز في نفوسكم فلن تجدوه في مكان آخر. حوافزنا يجب أن تنبثق من أنفسنا: من إيماننا بربنا، و ولائنا لإسلامنا و لوطننا، و محبتنا للناس أجمعين، و شعورنا بالمسؤولية، يجب أن تنبع حوافزنا من أعماق قلوبنا، و أن تفيض عنا، كما تفيض عنا كما تفيض مياه الينابيع المنعشة في فصل الربيع، فتحي قلوب أماتها الإحباط و الفقر و البطالة و التخلف و الحهل، و تولد آمال جديدة لنا و لوطننا و لمجتمعنا، و إلا فلن يبقى لوجودنا أي معنى. هيا بنا أيها الأصدقاء نحيا و يحيا بنا هذا الوطن الحبيب. قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ” إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة، فإن إستطاع ألا تقوم حتى يغرسها فليغرسها “. و الساعة لم تقم بعد، و في أيدينا ألف نبتة و نبتة، إن العمل الإيجابي هو الطريق الوحيد إلى التقدم و إلى بناء وطننا على الوجه المنشود . ****** إننا لو بقينا أياما و شهورا و سنوات نذكر تخلفنا لما زال هذا التخلف، و لو بقينا أياما و شهورا و سنوات نتحدث عن التقدم، لما تحقق لنا التقدم . بعض الأشخاص في واقعنا يزكون أنفسهم بالنقد الدائم لكل شيء، و بالمواقف السلبية وحدها، لا بالعمل الإيجابي المنتج . إنهم يحاسبون غيرهم أعسر حساب، لم لم يعملوا و ينهضوا بواحد في المائة من الواجب ؟! إنهم لا يرضون عن شيء، و يطالبون بكل شيء و لا يعملون أي شيء ... هؤلاء أدوات تهديم لوطننا لا أدوات بناء . و إن من هؤلاء لمن يقصد الإساءة خدمة لجهات. و إن من هؤلاء لمن يقعد به الكسل، و إن من هؤلاء من تطويه على جانبيه الإنتهازية و المصلحة الشخصية الضيقة، أو غير ذلك من أشباه هذه الأسباب . فالعمل الإيجابي هو السبيل الوحيد إلى التقدم خاصة إذا إقترن به العلم و الوعي و الإخلاص . ****** سألني صديق كريم و نحن نتذاكر، هل هناك قصص تحكي عن أبطال الريف ؟ هل هناك قصص عن الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي أو عن شيخه الشريف سيدي محمد أمزيان ندفعها إلى أبنائنا و إخواننا الصغار يتعلمون منها تاريخ منطقتهم و هم يستمتعون، تربطهم بتاريخهم ربطا عاطفيا ؟ لم أستطع مع الأسف أن اقول شيئا ولا أن اقدم للصديق السائل شيئا. و هذا كله في جانب صغير من الجوانب الأدبية، فكيف في بقية الجوانب ؟ الحق الحق أن نقصنا نقص كبير، و قصورنا قصور كبير. لا شك أن كثيرا من اللوم يقع على المسؤولين ولكن لا شك أيضا بأن كثيرا من اللوم يقع علينا نحن أيضاً. ****** لا تكاد تلتقي أحدا هذه الأيام إلا و تسمع منه مر الشكوى مما آلت إليه حالنا من الفقر و البطالة و غلاء المعيشة و العجز و التخلف و الجهل و الفساد بكل أنواعه . الكبار يشتكون و الصغار يشتكون . المثقفون يشتكون و العوام يشتكون كل من تلقه يشتكي كل من تسمعه يشتكي كلهم كلهم يشتكون، فمن هم المسؤول عما يشتكى منه هذه الأيام ؟ يروى أن العالم الزاهد مالك بن دينار فقد مصحفه في مجلسه الذي كان يعظ الناس فيه، فرفع رأسه متسائلا عن مصحفه المسروق، فرأى الناس كلهم يبكون من التأثر و الخشوع، فقال لهم : ” كلكم يبكي فمن سرق المصحف ؟! “ و نحن كلنا يبكي و يشتكي مما آلت إليه حالنا فمن المسؤول يا ترى ؟ و من هو المسؤول عما نعانيه من الفشل و الفقر و التخلف ؟ كل منا يلقي المسؤولية على سواه . و لا يكاد يعترف بذنب أو قصور . نحن جميعا شركاء في المسؤولية، شركاء في المسؤولية عن الصورة القبيحة التي ترسم لواقعنا، يجب أن نعرف ذلك و نعترف به يجب ألا نهرب من أنفسنا و من واقعنا بإلقاء التبعات كل التبعات على الآخرين و إن كان كثيرا من هؤلاء يحملون كثيرا من التبعات ... في هذا البلد رغم كل ما ظهرفي أرضه، و هطل من سمائه، و نبت في ترابه، و دخل إليه بأسباب مختلفة من ثروات كبيرة وفيرة ... ما يزال فيه الجهل، و المرض، و الفقر ، و المعيشة المتدنية، هذا الواقع الذي يناقض مطامحنا و آمالنا لمستقبلنا . و لن يتغير ما نحن عليه إلا بتغير ما بأنفسنا و بالعمل الإيجابي المنتج، ثم إننا بإمكاننا أن نصنع كثيرا لوطننا الحبيب إذا قام كل منا بواجبه على أفضل ما يستطيع و نهض كل مسؤول على أفضل ما يستطيع، و لعل من تصله هذه الكلمات يفكر فيها ...