انطلقت مؤخرا بالواجهة المتوسطية للمغرب العملية البحرية (دلفيس 2010) التي تروم جرد الثدييات البحرية بالمنطقة وإحصاء عدد الحيتان والدلافين المنتمية إلى فصيلة الثدييات البحرية العابرة لمضيق جبل طارق، ومعرفة مخزونات الثدييات البحرية المشاهدة من طرف فرق الجرد، وتحليل أنواع النفايات المنتشرة بمياه المضيق، وأخذ عينات من مياه البحر لتحليل تواجد الكائنات المجهرية (البلانكتون)، الذي يعتبر العنصر الأول في السلسلة الغذائية البحرية، وجرد تواجد قناديل البحر التي تدل على غنى الحياة البحرية بالمنطقة. ويشرف على تنظيم هذه المبادرة العلمية البحرية المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري، بتعاون مع جمعية (أجيرا) للتدبير المندمج للموارد وجمعية المحمية الدولية البحرية بغرب المتوسط والمندوبية الإقليمية للفلاحة والصيد البحري بالحسيمة وتعاونية المتوسط للصيد التقليدي. ويشارك فيها نحو مائة باحث في علم الأحياء إلى جانب طلبة المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية بالحسيمة وعدد من الفاعلين والخبراء في مجال علوم البحار. وتعرف عملية دلفس 2010 التي تتم بشكل متزامن في العديد من دول البحر الأبيض المتوسط من بينها فرنسا وإيطاليا ومصر والمغرب وتونس مشاركة 8 وحدات بحرية من بينها البحرية الملكية بالحسيمة وتجري العملية على طول الشريط الساحلي الذي يربط بين عمالة الدريوش بإقليم الناظور، وجماعة الجبهة بإقليم شفشاون مرورا بالمنتزه الوطني بإقليم الحسيمة، وستتوسع هذه البنية لتمتد إلى ميناءي طنجة والفنيدق في أفق أن تشمل العملية الواجهة المتوسطية للمغرب (من السعيدية إلى طنجة) خلال السنة المقبلة. وقامت هذه الوحدات بدراسة مساحة 700 كيلومتر مربع، تمثل نصف المساحة المدروسة خلال عملية دلفس 2009، من طرف الأسطول الفرنسي الذي شارك ب 112 وحدة، علما أن المغرب تبوأ المرتبة الثانية بعد فرنسا في هذه العملية، حيث قام بإحصاء مئات من الدلافين بأنواعها الثلاثة المتواجدة بالمجال البحري بالمنتزه الوطني بالحسيمة. وتتوخى عملية دلفس التي تم إحداثها سنة 1996 من طرف جمعية المحمية البحرية الدولية للبحر الأبيض المتوسط الغربي، على الخصوص حماية الحيوانات البحرية الموجودة بالبحر الأبيض المتوسط ، وكذا توقيف عملية القتل الممنهج الذي تتعرض له الدلافين عن طريق الشباك العائمة. وتشكل هذه العملية البحرية أهمية قصوى سواء على المستوى البيئي أو الاجتماعي أو الاقتصادي. ويشدد العديد من الفاعلين في مجال علمي البحار والبيئة على ضرورة تكاثف الجهود من أجل حماية البحر الأبيض المتوسط من التدهور المتزايد الذي يتعرض له بفعل مختلف الأنشطة، والخطر الكبير الذي يتهدده بفعل تعرضه لاستنزاف مستمر، الأمر الذي يتطلب تدخلات جماعية ومنظمة لضمان استمرارية الحياة فيه. ويعد البحر الأبيض المتوسط أول قبلة سياحية في العالم، حيث يستقبل مليون ونصف من الزوارق الترفيهية على مستوى الملاحة البحرية العالمية، وتنفذ منه 38 بالمائة من السفن الناقلة للنفط، علما بأنه يمثل أقل من 1 في المائة من مساحة البحار والمحيطات في العالم. ويشار كذلك إلى أن مياه البحر الأبيض المتوسط كانت تتجدد خلال أقل من نصف قرن وأصبحت تتجدد خلال أكثر من قرن، وذلك بفعل الأنشطة المختلفة التي تتركز فيه. محمد طارق حيون