[email protected] ليس سرا أن مدينة الناظور تعد قطبا ماليا هاما بفضل تراكم الثروات المشروعة والغير المشروعة، كما لم يعد سرا أن الوضع المزري الذي تخبطت فيه ناتج بتسلط عدد من الانتهازيين المنعدمي الضمائر وتعاقبهم على مقاليدها منذ ما يقارب ربع قرن من الزمان، فعطلوا عجلة تطورها وخيبوا آمال أهلها وانصرفوا إلى تحقيق نزواتهم الفردية ضدا على مصالح السكان. لعل أهم ما ميز تدبير الشان العام بالاقليم في العقد الأخير من القرن الماضي هو إقدام السلطات المسؤولة عن قطاع الطاقة على إغلاق مناجم الحديد بايكسان بتواطيء سافر مع شركة (سيف الريف) التي لم يربطها بالواقع إلا الاسم، وترتب عن ذلك حدوث أزمة معيشية مست أزيد من 300 عائلة كانت تقتات في رزقها على المخصصات المالية التي كانت تصرفها لمستخدميها، ثم صارت بين عشية وضحاها تتخبط في فقر مدقع وبدأت الشركة تتجه نحو الإفلاس النهائي بعد أن تكالبت عليها عناصر مشبوهة وساهمت أيادي خفية في خنق أنفاسها وأردتها جثة جامدة فانقض على بقاياها المتربصون يقتسمون فيما بينهم الممتلكات ويبيعون آلاتها وعرباتها إلى آخر قطار لنقل المعادن، بل وإلى آخر سكة كانت رابطة بذلك الجبل العرين، همهم في ذلك محو الموقع من خريطة النمو لاقليم الناظور. ومما يحكى عن هذه الشركة التي تأسست قبل أزيد من قرن من الزمان على يد الأخوين : مانسمان (الالمانيي الجنسية)، وانتقلت ملكيتها إلى الإسبان إبان المفاوضات الاستعمارية بين الدول الأوروبية، أنه غداة الاستقلال أخذ العمال يهتفون بنشيد : اعملوا تنالوا... واهتفوا وقولوا... ولما أدرك مسيروا الأوراش المعدنية من الاسبان أن ترجمته تعني إلى لغتهم trabaja gana أبدوا ارتياحا عميقا لكون الأمانة ستنتقل إلى أيادي آمنة لمواصلة المسير والحفاظ على المشعل متوقد، لكن أملهم خاب حين بدأوا يصادفون في مدنهم الإسبانية بعد عودتهم إلى ديارهم ذات الوجوه التي كانت ترفع نشيد العمال بحماس شديد. عندئذ أدركوا أن لا أمل يرجى من أولئك الذين أسندت إليهم أمور تسيير هذه الشركة، وأن الفساد والنهب هو الذي كان يعشعش في عقولهم، لقد تأكد بصورة قطعية أن التنمية هي آخر ما يمكن شغل فكر الذين وضعت مقاليد الأمور في أيديهم فتركوا الحبل على الضارب، ولم يعد من المستساغ الانخراط في عملية الدفع إلى الوراء والاختباء خلف وشاح الصمت المريب لتكريس الأساليب الشوفينية القائمة على مبدأ : أنا... ومن بعدي الطوفان. والبقية تأتي مع نهب دكاكين المركب التجاري بمدينة الناظور في عقد الثمانينات.