وأسفرت عملية الحجز التي تمت بمنازل الموقوفين عن العثور على بصمات تنظيم القاعدة تتجسد في راية تحمل شعار التوحيد، وهي الراية السوداء التي تتقاسمها كل تنظيمات القاعدة، كما تم حجز سكاكين من الحجم الكبير وسواطير وعصي، بالإضافة إلى عدة وثائق تدعو إلى العنف وتكفير الحكام وتصف الأنظمة الديمقراطية بالبدع. وعُثر بمنزل إدريس زيدان، الذي يعتبر منظر الخلية والطالب بكلية الشريعة بفاس، عن مجموعة من الوثائق والتسجيلات الصوتية المتشددة من إنجاز هذا الأخير في مجملها، يتهم فيها السلفيين الجهاديين بموالاتهم لما سماه بالطاغوت، بالإضافة إلى عدة كتب تدعو إلى تدمير المؤسسات والقيام بأعمال إرهابية. كما تم حجز عدة أشرطة فيديو تتضمن كيفية صنع المتفجرات وتفخيخ السيارات، بالإضافة إلى مقاطع فيديو حول تنفيذ عمليات انتحارية وتداريب "المجاهدين"، وكذا مقاطع أخرى تحرض الشباب على الالتحاق ببؤر التوتر وتُحِلّ التصفية الجسدية للعسكريين وموظفي الشرطة والاستخبارات بصفتهم داعمي "الطاغوت". إن خطورة هذا التنظيم الإرهابي تتجلي عبر العلاقة الوطيدة التي نسجها زعيمها، الإسباني ذو الأصل المغربي، جمال ألكالا ضمير (عريف سابق خلال الفترة ما بين 1998 و2005 بوحدة للجيش الإسباني متمركزة بمدينة مليلية المحتلة)، مع أحد منظري هذا التنظيم، زيدان الدريسي، المذكور سابقا. وقام جمال ألكالا ضمير، بعد تشبعه بالفكر التكفيري، بتقديم استقالته من الجيش الإسباني، خاصة بعد اطلاعه على فتوى صادرة عن الإمام الإسباني ذي الأصل المغربي، مصطفى علال محمد، أمير التيار التكفيري "التوحيد" بمدينة مليلية المحتلة، قبل أن يشكل إلى جانب المدعو محمد البالي (اعتقل في شهر شتنبر 2013 بعد تفكيك خليتي "التوحيد" و"الموحدين" بمدينة الناظور) الدائرة المقربة إلى الإمام مصطفى علال محمد. و استقر جمال ألكالا ضمير بمدينة الناظور، بعد اعتقال المدعو محمد البالي المذكور سابقا، وعمل على تحقيق حلمه بأن يصبح متزعما لتنظيم جهادي، وذلك عن طريق استقطاب وتجنيد متطرفين أغلبهم ممن كانت لهم علاقات سابقة بخليتي "التوحيد" و"الموحدين". وقام جمال ألكالا ضمير، إلى جانب شريكه زيدان الدريسي، بتشكيل أداة لشرعنة مخططهما "الجهادي"، وخاصة أنهما يتقاسمان نفس الأفكار الهدامة، حيث إن زيدان الدريسي كان طرفا في المخطط الإرهابي لعبد الفتاح أبوحفص، المعروف باسم "أبوحفص المغربي" (عسكري سابق في صفوف القوات الملكية الجوية، قبل أن ينضم إلى تنظيم إرهابي ينشط شمال مالي يدعى "حركة التوحيد والجهاد في غرب إفريقيا)، وذلك خلال شهر يونيو 2012، حيث قام في بداية سنة الماضية، بتهديد المملكة مباشرة في حالة مشاركتها في العملية العسكرية الفرنسية، والذي يهدف أساسا إلى تشكيل تنظيم يعمل على ارتكاب عمليات انتحارية ضد مؤسسات الدولة واغتيال كبار المسؤولين العسكريين والأمنيين واستهداف المصالح الغربية بالمملكة وخاصة الأمريكية منها. وتماشيا مع اتفاقهما الإجرامي، كان جمال ألكالا ضمير ومساعده الأيمن زيدان الدريسي، يعقدان اجتماعات سرية يقومان خلالها بالتأطير الإديولوجي لأتباعهما عبر خلق نقاشات محورها تكفير السلطات العمومية ودراسة مؤلفات تشكل المرجعية الفكرية للتنظيمات الجهادية، ككتاب "إعجاز الإسلام" لزعيم تنظيم القاعدة، أيمن الظواهري، وكذا مشاهدة أشرطة مسجلة تحث على "الجهاد"، خاصة باستعمال عمليات انتحارية تستهدف اليهود وأتباعهم. وقام زعيم الخلية الإرهابية، بمساعدة شريكه الأول، بتجنيد العديد من الأتباع والمتعاطفين في مختلف مدن المملكة، على أساس أن يقوموا "للجهاد" متى توفرت لهم الظروف الملائمة لذلك. ومن أجل حشد المزيد من أتباع هذه الخلية، تمكن زيدان الدريسي الذي أحدث موقعين إلكترونيين ينشط من خلالهما دروسا في الجهاد، تمكن من نسج علاقات مع المعتقلين الإسلاميين الذين طلبوا منه مدهم "بفتاوى" حول شرعية "الجهاد". ولتحقيق هذه الأهداف الإجرامية، قام جمال ألكالا ضمير ومساعده زيدان الدريسي، بتسطير برنامج للعمل يعتمد على نشر الفكر الجهادي على نطاق واسع مع تكثير الأتباع وإعداد قاعدة خلفية بمنطقة جبلية حيث يكون سكانها متعاطفين مع أهدافهم. وفي هذا الإطار قام زيدان الدريسي باختيار المنطقة الجبلية بتازة حيث يمكن لجمال ألكالا ضمير أن يستغل تجربته العسكرية التي راكمها في صفوف الجيش الإسباني، لكي يلقن دروسا شبه-عسكرية لأتباع هذه الخلية الإرهابية بعد أن يتم إرساء قواعدها. وسطر بعد ذلك أولوية تأهيل العنصر البشري لخليتهم من خلال التدريبات الشبه عسكرية، وذلك لتقوية القدرات القتالية لأتباعهم لمواجهة المصالح الأمنية وكذا لتوفير الموارد المادية الكافية لتحقيق الأهداف الإجرامية. وفي هذا الصدد، قام أعضاء هذه الخلية الإرهابية بالتخطيط لشن هجمات مدروسة ضد المؤسسات البنكية قصد توفير الأموال الضرورية لتغطية مصاريف مخططاتهم الإرهابية، بالإضافة إلى التخطيط لضرب ثكنات عسكرية ومقرات المصالح الأمنية، وذلك قصد الحصول على الأسلحة قبل الشروع في إعلان "الجهاد" ضد المصالح الأمنية وخصوصا الشخصيات العسكرية والأمنية والاستخباراتية بالإضافة إلى استهداف كبار المسؤولين عن القطاعات العمومية الحيوية الذين يصفونهم ب"الكفار" و"حماة الطغاة" وبالدين أقسموا على حمايتهم. وحتى يوضح جمال ألكالا ضمير رفضه للنظام المؤسساتي، رفض التوقيع على المحاضر المنجزة من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية المتعلقة بمحضر إيقافه ومحاضر الحجز الخاصة به، كما تخلى عن حقه في تكليف محامٍ ينوب عنه، وأبعد من ذلك أنه قام بتحرير مقال بخط يده ينفي فيه اعترافه بمؤسسات وإدارات الدولة وخصوصا وزارة العدل.