الفارون من جحيم الحرب ببلاد الشام يحلمون بالوصول إلى أوربا عبر بوابة مليلية جمال بورفيسي كثفت السلطات الأمنية بالناظور، منذ أسابيع، إجراءاتها الأمنية في مداخل المدينة في محاولة للتصدي لتدفق عدد كبير من المهاجرين القادمين من سوريا. وشكل اعتقال مجموعة من السوريين، أخيرا، بالمدينة عن طريق الصدفة، إثر حادثة سير، منطلقا لتعزيز المراقبة الأمنية بالمدينة، تحسبا لنزوح أعداد متزايدة منهم على المدينة في المقبل من الأيام. وما يزيد قلق السلطات الأمنية من الظاهرة الجديدة، احتمال أن تكون وراءها شبكات منظمة للاتجار في البشر والتهجير السري، تنضاف إلى الشبكات القائمة التي تتولى تهجير مهاجرين غير قانونيين من بلدان إفريقية نحو شمال المغرب عبر الحدود الجزائرية. وتحولت الناظور، منذ أسابيع، إلى وجهة مفضلة للسوريين الفارين من الجحيم الدائر بين قوات بشار الأسد وفصائل مشتتة من المعارضة التي تسعى إلى قلب موازين القوى وترجيح كفة المعركة لصالحها. ودفعت الأوضاع الأمنية والمجتمعية غير المستقرة في بلاد الشام الآلاف من المهاجرين السوريين إلى مغادرة البلاد نحو تركيا أساسا، قبل أن تتحول وجهة المئات منهم نحو المغرب، وبالذات نحو الناظور، المتاخمة للحدود الوهمية مع مليلية المحتلة، وذلك على أمل أن يجدوا لهم ملاذا آمنا في مليلية، ويتم تنقيلهم بعد ذلك نحو إسبانيا. وتتوقع مصادر أمنية بالناظور أن يكون عدد السوريين الذين تمكنوا من الوصول إلى شرق المغرب والاستقرار مؤقتا بالناظور بنحو ألف شخص، لكن العدد مرشح للارتفاع في المقبل من الأيام، بسبب قوة الجذب الذي تمارسها المنطقة الحدودية مع المدينةالمحتلة (مليلية). وبحسب المصادر نفسها، فإن النازحين السوريين تكبدوا عناء التنقل إلى المغرب، مرورا بالمنطقة الحدودية الشرقية (الجزائر) التي يتدفق منها عدد من المهاجرين السريين من مختلف الجنسيات، في طريقهم نحو المغرب، يعانقون الأمل في الوصول إلى مليلية، ومنها إلى الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط. ودقت السلطات الأمنية بالناظور ناقوس الخطر حول حجم الهجرة السرية للسوريين، إثر اعتقال ستة مهاجرين غير قانونيين من أصول سورية كانوا يخططون لعبور المنطقة الحدودية مع مليلية ومنها إلى أوربا في إطار موجة جديدة من الهجرة غير القانونية. وتم اعتقال السوريين، الذين كان ضمنهم أربعة نساء بالصدفة، بعد حادثة سير وقعت بمدخل الناظور. وتتابع السلطات الأمنية بالناظور عن كثب تطورات الهجرة غير القانونية للسوريين، خاصة بعدما سعت، في الفترة الأخيرة، مجموعة منهم إلى اقتحام المعبر الحدودي لمليلية بالقوة. وفي سياق ذي صلة، أفادت وسائل إعلام إسبانية أنه جرى الخميس الماضي، إيقاف ثلاثة قوارب كانت تقل مهاجرين غير قانونيين انطلقت من الناظور، وتم إنقاذ 40 مهاجرا من قبل الحرس المدني. كانت السلطات المحلية بمليلية استعانت بمروحيات خاصة لمراقبة سواحل المدينة والتصدي لقوارب الموت التي تقل أعدادا متزايدة من المهاجرين السريين القادمين من بلدان افريقية جنوب الصحراء. وكان عبد المالك البركاني، مندوب الحكومة المحلية لمليلية المحتلة، دعا الاتحاد الأوربي، أخيرا، إلى الاهتمام بأزمة الهجرة السرية التي تواجهها المدنية، واتخاذ سلسلة من الإجراءات الرامية إلى الحد منها ودعم الحكومة المحلية في التصدي لها. وقال البركاني، الذي كان يتحدث إلى ممثلي وسائل الإعلام الإسبانية والمحلية، إن العناية التي أظهرها الاتحاد الأوربي لإشكالية الهجرة السرية نحو أوربا بعد الحادث المأساوي الذي شهدته جزيرة "لامبيدوزا" الإيطالية، أخيرا، والذي أودى بحياة مئات المهاجرين السريين الذين لقوا حتفهم غرقا بعد انقلاب القارب الذي كان يُقلهم نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط، ينبغي أن يوجه نحو مليلية التي تواجه الإشكال نفسه وبوتيرة متزايدة.