قامت الصحيفة المغربية ”المدللة” الصباح، بتوقيف مراسلها من بروكسيل “سعيد العمراني” بناءا على تقارير استخباراتية قدمته –أي سعيد العمراني- لمركز التحليل والتمحيص بالرباط على أنه “متطرف ريفي” لا لشيء إلا أنه واحد من بين الريفيين الأحرار الذين رفضوا الإنتحار تحت أقدام المخزن، وقبل هذا التوقيف البعيد كل البعد عن أخلاقيات مهنة “المتاعب” كانت نفس الجريدة قد حولت الكثير من مقالات مراسلها من بروكسيل “سعيد العمراني” إلى سلة المهملات لأن الجهات الرسمية لا يمكن أن تنظر بعين الرضى إلى تلك المقالات وهو ما يحول “الصباح” من رسالة إعلامية نبيلة مؤازرة لهموم الشعب ومدافعة عن قضاياه إلى حارسة من حراس المعبد القديم. فتوقيف الصحفي من طرف جريدة بحجم “الصباح” بقرارات “فوقية” أمر لا يمكن تبريره إطلاقا من طرف إدارة الجريدة التي ما فتئت ترفع شعارات الاستقلالية والمهنية وغيرها من الشعارات الرنانة التي تنكسر بسرعة على صخور الواقع وبالتالي تتحول هذه الجريدة من منبر إعلامي نبيل وإحدى مكونات السلطة الرابعة إلى إحدى الآليات في أيدي من يحنون إلى السنوات الداكنة التي تحولت فيها الكثير من شوارعنا إلى ثكنات عسكرية نزف فيها الدم بسخاء المقابر الجماعية التي كشف عن بعضها العهد الجديد. يذكر أن القرارات “الفوقية” هي التي ترسم الخط التحريري للكثير من المنابر الإعلامية الوطنية، وأنا شخصيا منعت الكثير من مقالاتي من النشر في الصحف الوطنية، ولما استفسرت القائمين على تلك الصحف قالو بالحرف الواحد : “التعليمات جاية من الفوق”، وكنت قد استفسرت يوما أحد صحافيي يومية وطنية حول السر في عدم تغطيته لأنشطة الحركة الأمازيغية بالريف –كما كان يفعل من قبل- أجاب ببرودة “التعليمات من الفوق أمولاي” وقبل هذا، كان الذراع الإعلامي ل “لادجيد” يومية المساء، قد نقلت تقريرا استخباراتيا –منفوخا فيه- عن اللقاء الذي نظمه “أكراو ن أريف ببروكسيل” – وهو الإطار الجمعوي الذي ينتمي إليه سعيد العمراني- حول موضوع “مستقبل الريف، جهوية أم حكم ذاتي” – يرجع مقالي حول الموضوع “المخابرات المغربية بالخارج تتعقب أنشطة الريفيين وعناصرها في صراع حول المناسب الحساسة” على الرابط التالي : http://www.nadorcity.com/——–_a3000.html كما أن الأجهزة السرية التابعة للسفارة المغربية ببروكسيل – التي يوجد على رأسها شخص نعت الريفيين بأقبح الأوصاف، وحمل لهم مسؤولية أحداث الشغب التي عرفتها بلدية “مولمبيك” في حواره مع المجلة البلجيكية لابيف اكسبريس، وهو زوج الصحفية المغربية المقربة من “بطل المخزن الجديد”- حاولت مرارا وتكرارا التضييق على أنشطة “أكراو ن أريف ببروكسيل” بل وخلقت إطارا جمعويا مضادا، “مواليا للمخزن” ومنحت له ما يكفي من الدعم المالي والمعنوي بهدف “إضعاف “أكراو ن أريف” وهذا الأول –أي إطار المخزن المضاد- للأسف تمت تسميته بإسم “الريف” وتكون مكتبه من “الأدوات الريفية في يد المخزن العروبي-، وتم تسخير العديد من الأقلام ، أحيانا تكتب بأسماء وهمية لا وجود لها، للتهجم على تحركات الريفيين بالخارج. كل هذا كنا نراه عاديا جدا، لأننا نعرف جيدا المخزن المغربي، ونعرف جيدا ضعفه وهشاشته كلما تعلق الأمر بمجابهته مع الرأي العام الوطني والدولي سواءا من خلال المقالات الصحفية أو من خلال الندوات التي تضع سؤال مستقبل الريف على المحك، لكن أن يصل به الأمر –أي المخزن- إلى التضييق على الجرائد لتوقيف مراسليها فهذا يعبر عن “انهزام المخزن” و “ضيق صدره”، فرغم أن للصباح “هيئة التحرير، ورئيس التحرير” تحذف كل المقالات وكل العبارات التي قد تغضب “أصحاب الحال”، ورغم خطها التحريري الأكثر من “مهادن” للسلطة، تم التضييق عليها “لإيقاف سعيد العمراني بسبب مواقفه التي لا يمررها عبر الجريدة” وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أن المخزن يلعب آخر أوراقه ضد النشطاء الريفيين الأحرار –ومن بينهم سعيد العمراني- الذين أحرجوه مع الرأي العام الدولي، وفضحوا خروقاته وقمعه المتواصل للأصوات الإحتجاجية…. إن هذه الخطوة التي أقدم عليها المخزن، لمحاولة إسكات صوت سعيد العمراني، هي طريقة أخرى من طرق الضرب تحت الحزام، فالمخزن يستعمل كل الطرق لإسكات الأصوات التي تعتبر –من وجهة نظره- مزعجة، وغير “مواكبة للتطورات الإيجابية” وهو –أي المخزن- يحاول قدر الإمكان الضغط على الريفيين لثنيهم عن مواصلة أنشطتهم التي تحرجه بشكل دائم في المنتظم الدولي. إن كان المخزن الإقصائي اللاديموقراطي، صاحب النظرة الأحادية لكل القضايا المصيرية للشعب المغربي، يستعمل كل الوسائل الممكنة لكبح نضال الشعب الريفي من أجل حقه في التنظيم السياسي الديمقراطي الحداثي، وتسايره للأسف المنابر الإعلامية التي تتغنى بالاستقلالية في حين أنها تشتغل تحت إمرة أصحاب الحال، والتي من المفروض أن تكون محايدة، وإن كانت الأحزاب السياسية قد “تمخزنت” أكثر من المخزن، وقادة هذه الأحزاب يعبرون عن ذلك بشكل صريح، وإن كانت الكثير من المنابر الإعلامية قد تحولت إلى أدوات في يد المخزن….. ومع كل هذا فإن المناضلين المستقلين، والجمعيات الديمقراطية المستقلة، والصحافة الحرة –التي يخنقها المخزن كل يوم أكثر- تستطيع فعل الكثير في هذا البلد. وأقول ل “ثاومات” سعيد العمراني : “إن هذه ضريبة النضال، ونحن مستعدون لأدائها”.