السبت 05 أكتوبر 2013 بعد سلسلة من القضايا التي نكحت واغتصبت بالفعل الشعب المغربي في عقر داره و أمام كل أفراد أسره، والمتمثلة خصوصا في أضحوكة ومهزلة الدستور الممنوح الذي يتسارع البعض من المواليين لسياسات النظام المخزني التفقيرية والتهميشية والقمعية والإقصائية…الخ، وكذا المطبلين له في مختلف المنابر المسموحة لهم بذلك إلى "تنزيل" مضامين ومقتضيات فصول هذه الوثيقة الممنوحة، و ربما جاهلين لمفهوم المخزن بالمغرب، ولمختلف الآليات المعروفة لدى العامة و غير المعروفة التي يشتغل بها و يشرعن من خلالها أنساقه السياسية، أو ربما تعمدوا فعل ذلك، لأنه أصبحنا اليوم نرى أناسا ملكيين أكثر من" الملك"، وأناسا يعشقون الاستعباد والخضوع والخنوع وتقبيل اليد، وربما لو سمحت لهم الفرصة والظروف لقاموا بتقبيل أشياء أخرى. ما يوحي بالمراهقة السياسية لدى ثلة من المغاربة وكذلك الذين يسمون أنفسهم فئات مثقفة وطبقة أنتجلنسية، هو ذلك التفاعل الميكانيكي مع الأحداث مع الجهل بالتاريخ الدموي لهذه (((الدولة))) التي شرعنت وقننت ممارستها بالقتل وسفك الدماء وتخريب كل ما يوحي بالحضارة الأصلية التي حكمت هذه البلاد وكانت نموذجا للتلاقح الثقافي والتعايش بين مختلف الأجناس من مختلف القارات، كل هذا لأنهم آمنوا بمعنى التعايش والتآخي والتسامح، كقيم إنسانية وأسمى ما وصلت إليه الحضارات الإنسانية، وليس كشعارات رنانة يروج لها في الإعلام، والجرائد والمجلات…الخ. بعد قضية البيدوفيل دانييل الذي عرى مختلف فئات الشعب المغربي (التعرية الجسدية والفكرية) وكشف عن وهم النخبة الذي يحوم حول مؤسسة المخزن لحمايتها من كل مواطن ثائر يتوق إلى الانعتاق والحرية من هذا الاستبداد الذي أخذ تلاوين عدة وأصبح يسكن لا وعي الانسان. وأصبح العديد من رجال التعليم المنضوين تحت لواء منظومة التربية والتكوين يدرسونه لمختلف المستويات، ويحثونهم على طاعة المستبد والامتثال لأوامره. لكن ما يثير الاشمئزاز من كل هذا هو تحوير مضمون القضية مما هو سياسي محض إلى ما هو حقوقي، فإذا كان الهدف منه هو الإسترزاق الحقوقي لبعض الإطارات التي ربما ستأخذ يوما شعار "ما تقيش ولدي غير حويه" وكسب ود مؤسسات الدولة، فيجب أن يقال لهم بأنه عار عليكم لأنه ما وقع للأحد عشر طفلا، قد سيقع و لا محال في ذلك غدا لأولادكم وبناتكم، فإذا كان الغباء السياسي هو ما جعل النقاش يشوه ويخرج عن طريقه، فربما آن الأوان لدى البعض من أجل البناء المعرفي و السياسي لديهم. وأما إذا كان الأمر مقصودا كما قلت سلفا من أجل كسب ود ومحبة مؤسسات الدولة، فأظن أن الفضح السياسي مبدأ أساسي لدى كل مبدئي رديكالي مقتنع بسيادة القانون وحقوق الانسان وكرامته التي داس عليه كل واحد من هؤلاء "المسؤولين"، فكما قال المهدي المنجرة "…جاو دراري لعبوا بالبلاد وسرقوا فلوسها…". أما مسألة القبلات التي أثارت ردودا ميكانيكية فايسبوكية، فأظنها موجة من الموجات التي عبرت على الحيض الشبابي والفكري لدى المغاربة وفرصة للتعبر عن المكبوتات النفسية والفكرية، لأن هناك قضايا أكثر حساسية تم التغاضي عنها والتحاشي عن ذكرها وربما الهروب منها، ولم يقم أحد ولو بكتابة مقال يندد بما وقع ويقع، من قبيل إرتفاع سعر المحروقات، وإنعكاسه على المواد الغذائية الأولية، وكذا سياسة (((الحكومة))) اتجاه ملف المعطلين بالمغرب، وآلالاف الأطفال المرميين على أرصفة الشوارع دون مأوى ودون أدنى حماية تحسسهم بإنسانيتهم، والمئات من النساء يلدن يوميا في الطريق إلى أقرب المستوصفات وأخريات على أرصفة الشوارع لانعدام الرعاية الطبية داخل المستشفيات، وتفشي ظاهرة الرشوة التي غدت خيارا أوحد للوجود الانساني المهني…. إن مسلسل تراجع الحريات العامة بالمغرب ليس وليد اليوم فقط، بل كان منذ أن كانت المقاومة المسلحة بالمغرب، وسعي أفراد جيش التحرير إلى تحرير المغرب من الاستعمار الأجنبي الذي سلب كل الثروات الثمينة للبلاد واستغل كل مواطن من أجل تعبيد الطرق إلى المناجم الجبلية، بخلق ما يسمى (((بالحركة اللاوطنية))) التي كانت تتواطؤ لإقبار المقاومة المسلحة بالريف واغتيال الشهيد عباس لمساعدي، وغيرها من العديد من المناطق الصامدة، وتوقيعها للعديد من الاتفاقيات التي مازال الشعب المغربي يدفع ثمنها، دون علمه (علمنا) بمحتوى مضامينها. كشفت قضية على أنوزلا العديد من الأمور حول مسألة الحريات العامة بالمغرب، وكذا الغطاء على المهللين بالعقلانية في تحليل الأحداث السياسية وما ورائها من تواطؤات وصفقات سياسية لالهاء الشعب المغربي عن همومه الحقيقية، وكسب طاعة وولاء أذيال النظام المخزني. في حقيقة الأمر، حقوق الانسان والحريات العامة والفردية ليست للاسترزاق السياسوي الضيق الأفق، أو الركوب عليها من أجل الشهرة والمكانة الاجتماعية، لأنها جائت لضمان كرامة الانسان وحماية إنسانيته من الجانب الحيواني الشرس في ذات الغير الذي يهدد الأنا حسب تعبير الفيسلوف هايدغر. وهذا بالفعل ما نلامسه اليوم، عن طريق توظيف ما يعاني منه هذا الانسان من استلاب هوياتي وثقافي، ومعانات اقتصادية واجتماعية، وأزمات سياسية من أجل مصالح "الإطارات الحقوقية" و"الدكاكين السياسية" التي أهلكت آذان مختلف الفئات الاجتماعية بشعاراتها الرنانة المنمقة واستغباء كل عقل حر يتوق إلى التمتع ولو بجزء بسيط بحقوقه الكونية.