بمناسبة حلول الذكرى والثلاثين على الربيع الأمازيغي بالجزائر، الذكرى التي تعرف أيضا بالربيع الأسود التي راح ضحيتها العديد من أبناء الوطن الذين ضحوا بحياتهم من أجل العيش الكريم، من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية بعيدا عن مفهوم الديمقراطية الذي يسيء معضم الحكام غير الشرعين لبلاد تامزغا استعماله وتوضيفه، قيم التحرر والحرية والسلام والتعدد والاختلاف تحت سقف الانسانية، سقف القيم الكونية الذي لا يفضل أحدا عن آخر، والذي لا يقصي فيها أحد أحدا آخر مهما كانت الأسباب. هذه المناسبة التي يمكن اعتباره انطلاقة شرارة النضال الامازيغي وأعلنت نهاية أكاذيب العروبيين وناشري القومية العربية باسم الإسلام، كما أنها أسست لبروز حركة عقلانية تقدمية أمازيغية زعزعت كيانات الأنظمة العروبية الافقدة للشرعية والمشروعية بعدالة قضيتها واستعمالها لأخر ما أنتجته البشرية من علوم دقيقة من اجل دحض أساطير العروبية (عصارة الفكر البشري). إن المسيرة التي خرج لتنظيمها الآلاف من الناس، من الشباب، من النساء، من الاطفال في هذا اليوم 20 أبريل 2013، توضح لكل عين اديولوجية او خلفية بأن ترى الأسباب الرئيسية الكامنة وراء هذا التخليد التاريخي الذي ينظاف إلى لائحة المناسبات التاريخية لأحداث وواقع الشعب الأمازيغي، سواء السلمية أوالدموية التي فقدت من خلالها العديد من الشعوب وقتل فيها العديد من الأطفال، واغتصبت فيها العديد من النساء والشابات، واختطف واغتيل فيها العديد من المناضلين الشرفاء للقضية المازيغية كاغتيال المناضل والشاعر والمغني معتوب لوناس، واختطاف صاحب أو دكتوراه في السانيات الأمازيغية من جامعة السربون بفرنسا بوجمعة الهباز، هذه الأحداث التي شكلت منعطفات متغيرة في حياة الانسان الأمازيغي، وعبرت عن مدى الكره والحقد الذي تكنه الأنظمة اللامشروعة-الحاكمة في بلاد ثامزغا، ومدى استعدادها للتحالف حتى مع الشيطان من أجل إقبار الصوات التقدمية، الأصوات الحرة في كل مكان، في المدارس، في الجامعات، في النقابات المهنية، وفي الشارع الذي يعتبر بمثابة بؤرة ثوران الشعوب وتعبيرها عن الرفض المطلق للممارسات الدموية، والقمع تحت غطاء وحجاب حماة الأمن القومي، أو الحفاظ على النظام. الكل على دراية وعلى علم بالسبب الذي زعزع أركان العروبة وعبر عن مدى البغض الذي يتعامل به ضد الشعب الأمازيغي، والمناطق الأمازيغوفونية، والذي يتمثل بالخصوص في قرار السلطات بولاية تيزي-وزو بالجزائر آنذاك بإلغاء محاضرة الأستاذ والمثقف مولود معمري. هذا الرجل الذي كان الجميع يكنّ له الحب والاحترام والكثير من الإعجاب، حيث فتسربت أخبار أن المحاضرة القيمة حول “الشعر الأمازيغي القديم” ألغيت، لأن السلطة حينذاك رأت في تجمع جموع الطلبة حول مدرج معمري للإصغاء إليه، قد يثير حماسة أطراف أخرى من التيارات النقابية التي بدأت تروج لمسيرة أخرى معارضة. إن النضال والفعل الأمازيغيين ببقاع ثامزغا عرفا في الآونة الأخيرة وليست الأخيرة نموا يجدس بالملموس مدى عقلانية وعدالة القضية التي تدافع في سبيلها هذه الشعوب، لأنها قضية تحرر وقضية حرية، ولنا في تونس والجزائر وليبيا عبر في هذا النضال الذي حقق نتائج جد مهمة مقارنة بالماضي الدموي الذي عاشه هذه الشعوب في عهد الطغاة معمر القادفي، وبن علي، وحسني مبارك بمصر، وطبقا للشهيد الأمازيغي محمد ابن عبد الكريم الخطابي والملقب في أدبيات إيمازيغن بمولاي موحند: لا يوجد حل وسط في قضية الحرية. إن سياسات القمع، التهجير، التهميش المهيكل والمعقلن، التفقير، نزع الأرضي، استغلال الثروات الطبيعية (مقالع الرمال)، المنجمية والبحرية (الصيد في أعالي البحار) مازالت قائمة في بلاد ثامزغا ومازال صانعوا القرار في أجهزة الدول هم المسيطرين عليها وهم المخططين لإقبار ودفن شعب هذه الرقعة الجغرافية في دوامة الفقر والأمية والجهل والاستعباد والاستغلال، والمقايضات مقابل التنازل عن مبادئه وأفكاره التحررية. بالإظافة إلى التواطؤات والخيانات والعمالة التي يقوم بها بعض هذه الأذيال من أجل تضييق الصوت الأمازيغي وتحصيره في كيانات سياسوية معينة حتى يتسنى لها الإسترازاق على ملف قضية شعب له هويته و تاريخه ولغته الغنية بلهجاتها التي تعطينها رونقا أدبيا وفنيا يميزها عن باقي اللغات الأخرى. وحتى لا ننسى الاستغلال السياسوي والحقوقي الضيق الأفق لملفات معتقليها السياسيين القابعين في سجون الديكاتوريات وسجون الدول التي تحكم بمنطق حكومة الظل أو الدولة العميقة، واضعة الحكومات الحلية كأزياء ومكياجات أمام شعوبها وأمام الدول الإقليمية والأروبية، والمصطلح عليهم ايضا بأمازيغ السربيس، لأنهم أمازيغ لا يسعون إلا لخدمة وتفعلي أجندة الأنظمة المخزنية بتامزغا وعرقلة وشرذمة نضالات المناضلين الشرفاء، ومحاولة تقييد الأمازيغية بقوانين تنظيمية تجردها من فحواها الحقيقي، وتقزمها في لافتات وأسماء للشوارع، بعيدا عن التفكير في خلق معاهد مستقلة ومؤسسات تعنى بالثقافة واللغة الأمازيغيتين، وكذا النبش في الماضي المرير لاغتيال واختطاف مناضلي القضية الأمازيغية والمؤسسين الأوائل للحركة الأمازيغية بشمال إفريقيا. والرقي بمستوى تدريس الأمازيغية من سقف الابتدائي إلى تعميمها على مستوى الثانويات والجامعات، وتكوين كفاءات وأطر قادرة على السير إلى الأمام بعجلة البحث الأمازيغي الأكاديمي. إن النضال الأمازيغي بشمال إفريقيا يغدو نحو مستوى يتطلب الدراية جيدا بالأنساق السياسية والاجتماعية والإقتصادية التي تعيشها الدول بالموازاة مع التغيرات العالمية، والمستجدات التي تعيشها الساحة الدولية، حتى يتسنى للشعب الأمازيغي والمناضلين الأمازيغيين التعامل برازنة مع الأحداث والواقع التي تصطنع في بعض الأحيان لتمويه إيمازيغن وتحريفهم عن المسار الذي يسلوكنه، والتفكير في آليات عصرية وحديثة من أجل نشر وترويج الخطاب الأمازيغي، وتكوين أطر ومناضلين قادرين على نشر الوعي القضية الأمازيغية، والقطع مع الساطير العروبية من قبيل 12 قرنا على تاريخ (((الملكة المغربية)))، فالنضال العقلاني والسلمي هم لبنة حرية القضية الأمازيغية، المسجونة في أيادي الديكتاتوريات التي تحكم باسم الدين (الاسلام السياسي) مع الفضح المستمر واليومي للدسائس الموجهة صوب المناضلين الأمازيغيين والإطارت التي تشوه وتعيق النضال الأمازيغي بتمازغا.