الخميس 04 أبريل 2013 إن ظهور التظيمات الجمعوية الأمازيغية والفعاليات الأمازيغية المنظوية والمحسوبة على الحركة الأمازيغية، والتي أخذت كأساس لها الاستمرار على نهج حركات التحرير والتحرر والمقاومة بشمال إفريقيا، والمغرب بوجه خاص، في أشخاص “حركة المقاومة المسلحة” و”حركة جيش التحرير”، اللتان أعادتا الاعتبار للكائن المغربي الأمازيغي المستلب والمنسلخ هوياتيا، انسلاخ واستلاب قسري (القمع وسياسة التعريب القسرية)، واستلاب لاشعوري نابع من الجهل بالهوية الحقيقية لشعوب شمال إفريقيا، نتيجة التعليم الذي كرس ثقافة التعلم-اللاتحصيل، الذي نهجته الدول الديكتاتورية (المغرب، ليبيا، تونس، الجزائر…) بهذه البقعة ذات الهوية ألأمازيغية، لكن خطاب الحركة النابع من عصارة الفكر البشري (كل ما أنتجته العقول البشرية دون استثناء) استهدف العقول قبل القلوب، استهدف ملكات التفسير والتحليل والنقاشات، قبل ملكات الانزواءات العاطفية والتأثر الديني الذي نهجته الحركات الاسلاموية. و لأن الظروف التاريخية والسياسية إبان تلك المرحلة حتمت عليها حمل السلاح والتسلح من أجل التصدي للاستعمار الامبريالي الغربي، مواجهة كل عميل داخلي يسعى إلى بيع الوطن الحبيب عبر المؤامرات والتواطؤات السرية ”معاهدة إكس ليبان” الخيانية نموذجا، لكن الحركة الأمازيغية اليوم رغم امتدادها لهذه الحركات على مستوى التصور والمبادئ والأفكار والأهداف (ترسيخ الديمقراطية والعيش الكريم، الدفاع عن الهوية الحقيقية للشعب المغربي، تكريس ثقافة ربط المسؤولية بالمحاسبة، احترام حقوق الانسان والالتزام بالاتفاقيات والعهود الموقعة من طرف الدولة المغربية على المستوى الدولي والإقليمي لحماية هذه الحقوق وتفعيلها على أرض الواقع، رفع التهميش عن المناطق النائية والمقصية…الخ)، جعلها تفكر في أدوات وآليات نضالية سلمية وعقلانية مبنية على ركائز العقلانية في التفكير والتحليل، الديمقراطية في الحوار والنقاش، الاختلاف والايمان بالآخر وقبوله والتعايش معه، النسبية في الأفكار والمواقف والآراء، الجماهيرية في اتخاذ القرارات التي تمس المصلحة العامة والمشتركة. هناك مجموعة من المقالات والكتابات لمناضلي القضية الأمازيغية التي تناولت الخطاب الأمازيغي ومرجعيته الفكرية، والذي يمكن ايجازه في كونه خطاب كوني وإنساني، بمعنى كل ما أنتجته البشرية لخدمة البشرية، خطاب يستمد قوته وصلابته وتماسكه من احترام القيم الكونية والعمل بها وتجسيدها ميدانيا، سواء على مستوى العلاقات بين أفراد هذا المجتمع، أو على مستوى تدبير الشأن العام وإشراك الكل من أجل منفعة مشتركة وعامة، بالإظافة إلى أنه خطاب يعتمد ويرتكز على الحجاج والاقناع أو ما يصطلح عليه ب”قوة الخطاب”. رغم حداثة عهدها، إلا أن الحركة الأمازيغية استطاعت أن تطور أدائها الفكري والثقافي والنضالي، عن طريق تعزيز صفوفها بعدة فعاليات وطاقات وأطر ساهمت / تساهم بشكل كبير في ملف القضية الأمازيغية، وفي بلورة وتأسيس أشكال تنظيمية ونضالية متميزة، من قبيل تنظيمات جمعوية، تنظيمات حقوقية، ولكن مع بداية الثمانينات وأواسطها وبسبب سيادة القمع والتشدد السلطوي آنذاك، فإن هذه الجمعيات والفعاليات الأمازيغية تعرضت لعدة مشاكل وعراقيل حيث تم تجميد بعض أنشطتها واعتقال بعض الفعاليات (علي صدقي أزايكو…)، ومنع جمعية الجامعة الصيفية من عقد دورتها الثانية سنة 1982، وبالرغم من هذا الحصار غير المبرر والاعتقالات المجانية لم تثني من عزيمة مناضلي القضية الأمازيغية لايمانهم بعدالة ومشروعية هذه القضية وضرورتها من أجل ترسيخ قيم الديمقراطية، ودولة القانون / دولة المؤسسات، حيث تلت هذه الأحداث والوقائع ميلاد وتكاثر عدة تنظيمات أمازيغية وجمعيات في مختلف مناطق ونواحي المغرب (إلماس بالناظور- تليلي بكلميمة…)، وساهم تكتل هذه التظيمات الجمعوية في توحيد التصور والمواقف والأهداف في بلورة ميثاق أكادير حول اللغة والثقافة الأمازيغيتين الموقع من طرف الجمعيات الحاضرة آنذاك والجمعيات التي ظهرت بعد تاريخ هذا البيان الصادر في 5 غشت 1991. إن تطور الفعل النضالي والعمل الأمازيغي بالمغرب، مر بعدة مراحل ساهم فيها بشكل كبير تجذر الوعي بالقضية الأمازيغية، وتنامي الوعي فيما يخص الاستبداد الممارس من طرف النظام المخزني ودكاكينه السياسوية، وأذيالهم من المطبلين لهم في أبواق هذا النظام التي تحجب دائما الحقيقة وتعتمها على الرأي العام بمكياجات مختلفة ومتنوعة إن ظهور مكون الحركة الثقافية الأمازيغية من داخل منظمة الاتحاد الوطني لطلبة المغرب من داخل الجامعة المغربية في أواخر التسعينيات من القرن الماضي، وإظافته النوعية للحركة الطلابية من أجل إخراجها من الأزمة البنيوية التي تتطالها ومازالت تتخبط فيها لحد الآن، فمقترح توحيد الصف الطلابي – الوحدة الطلابية- الرامي إلى توحيد صف نضالي ملتزم وعقلاني ، وتوقيع ميثاق شرف ضد العنف والإقصاء مع مختلف المكونات العاملة من داخل هذه المنظمة رغم الاختلافات الموجودة على مستوى المرجعيات الفكرية بهدف الايمان بالآخر وتقبل أفكاره وأرائه ومواقفه، هما السبيلان الوحيدان لرد الاعتبار لكرامة الطالب التي تنتهك يوما بعد آخر جراء المخططات الفاشلة (المخطط الاستعجالي لاصلاح التعليم…)، وكذا الحفاظ على مكتسباته والمطالبة بحقوق أخرى ومشروعة تضمن له السير العادي واللائق لمساره التعليمي الجامعي، كما أن بروزها من داخل الجامعة ساهم في تنامي الوعي بالقضية الأمازيغية في صفوف الفئة الأنتيليجنسيا (فئة الطلبة المثقفة والمفكرة). كما أن هذا الظهور صاحبه نقاشات خاضتها الحركة الثقافية الأمازيغية على المستوى الوطني وبين مختلف الفئات الطلابية من داخل الجامعات المغربية في بروز مجموعة من المواقع الجامعية الأخرى، ذات تصور فكري ومفاهيمي موحد، مما ساهم في تشكل تنظيم وطني للحركة تحت اسم ”التنسيقية الوطنية للحركة الثقافية الأمازيغية” تضمن مختلف المواقع الجامعية، مما عزز من قوة حضورها داخل الجامعة وساهمت / تساهم في تكوين أطر وفعاليات أنعشت / تنعش نوعا ما العمل الجمعوي الأمازيغي والتنموي. يجمع أغلب الفاعلين في الشأن الأمازيغي على أن العمل الثقافي وحده غير قادر على تحقيق أهداف ومطالب الشعب الأمازيغي، وبالتالي وجب البحث عن سبل أخرى والتفكير بعمق ودهاء في خلق شكل أو أشكال تنظيمية موازية ومكملة للعمل الثقافي، حتى تتحقق رغبة تجميع وتوحيد الطاقات والفعاليات الأمازيغية (مفكرين، لسانيين، مثقفين، طلبة، مغنين، فنانين، ممثلين…) في ظل الاستهدافات المتواصلة والاسترزاقات السياسوية الضيقة لبعض الدكاكين السياسوية للارث النضالي لإيمازيغن، وادعائتها بالنضال من أجل القضية الأمازيغية، فكيف لدكان سياسي يشرعن 12 قرنا من تاريخ((( المملكة المغربية))) ويسيس القضايا الاجتماعية والثقافية من أجل حماية وخدمة مصالحه وأهداف ومصالح (((المؤسسة الملكية)))، أن يدافع عن القضية الأمازيغية التي تدحض شرعية الملكية بالمغرب لأن عمق الأمازيغية في المغرب يمتد لقرون تلت، وما موقفهم أو رأيهم في الشعب الأمازيغي المستقر في هذه البلاد؟ وموقفهم من الممالك الأمازيغية التي حكمت المغرب لقرون تلت ومازالت المأثر والتراث الشفهي والمكتوب والنقوش… شاهدين على ازدهار هذه الممالك؟، واستمرار ملف المعتقلين السياسيين للقضية الأمازيغية كل من حميد أعضوش ومصطفى أسايا عالقا دون أدنى تحرك ممن تدعي الدفاع عن الحريات العامة وحرية الرأي، استمرار سياسات الدولة المغربية والمسؤولين على رأس (((حكوماتها))) المتعاقبة في تهميشها لكل القطاعات الحيوية والتي تمثل ركائز التنمية (التعليم، الصحة، الاقتصاد…)، واستمرارها في نهب الثروات الطبيعية والمنجمية (نموذج منطقة إيمضر والمناطق الأخرى التي يعتم عليها الاعلام العمومي) وسياسة نزع الأراضي تحت غطاء المصلحة العامة، مع العلم أن نسبة البطالة ترتفع بشكل رهيب سنويا. أمام هذه المعطيات و خصوصا بعد الدسترة الشكلية واللاديمقراطية للأمازيغية في الدستور الممنوح والقديم / الجديد، والتي صاحبها عدم تجاوز تدريس اللغة الأمازيغية سقفه الابتدائي، ومازالت الأسماء الأمازيغية ممنوعة، ومازالت الأمازيغية ممنوعة في المؤسسات العمومية والشبه عمومية، بالإظافة إلى وجود قناة أمازيغية واحدة مقابل سبع قنوات فرنكوفونية، لم يعد أمام فعاليات الحركة الأمازيغية، والأطر الخريجة من المدرسة العتيدة للحركة الثقافية الأمازيغية سوى التفكير في آلية وتفعيلها من أجل تنظيم وتقنين العمل الأمازيغي وحماية الارث النضالي الذي راكمته منذ ظهور النضال والفعل الأمازيغي الفعلي، وحتى يتسنى لها –الحركة الأمازيغية- ولوج المشهد السياسي وتفعيل مشاريعها، الثقافية، المجتمعية، الاقتصادية… لإعادة توزيع الثروات بشكل عادل ومشروع، من كل الذين يحاولون تقزيم العمل الأمازيغي في أشكال لا تمت بأية صلة للتصور الفكري والمفاهيمي للخطاب الأمازيغي، ومن كل الذين يضعون الأمازيغية كقنطرة عبور إلى هرم وقمة السلطة ذات الأبعاد الثلاثية، المحلية-الإقليمية، الجهوية، والوطنية، من خلال الأشكال المشبوهة والمفبركة، لأن الأمازيغية أسمى من أن تكون حرفة يسترزق عليها أو بها، كما أنه آن الآوان ربما لإعادة تقييم مسيرة الحركة الأمازيغية وصيرورتها، وذلك لإعطاء دينامية جديدة للفعل النضالي الأمازيغي. حتى وإن لم يستمر دفاعنا عن القضية الأمازيغية القضية الانسانية العادلة والمشروعة التي أزاحت الغبار عن الظلام الدامس لحقيقة المغرب، لحقيقة بلدان شمال إفريقيا، فإن الجيل الحالي والقادم بعقلانيته وفكره والزخم النضالي الذي راكمه/ يراكمه سيستمر بكل شغف وبكل أمل من أجل ترسيخ لبنات المجتمع الديمقراطي الذي كنا نسعى ومازلنا نسعى إليه، حتى تعيش الشعوب الكونية في كل ود وتآخي وإطمئنان، فالوجود الإنساني رهين بتقدير قيمة الآخر كإنسان قبل أن يكون هدفا سياسيا تسعى للاستحواذ عليه كل الأطياف والفئات السياسية. ففهمنا للأمازيغية يجب أن يكون نابع من صلب الهوية الأمازيغية والثقافة التي نعيشها، بعيدا عن كل أشكال الاستغلال السياسوي الضيق، لأن الأمازيغية أعمق من أن تكون بين يدي من يدنس الانسان والفكر الحر، فالأمازيغية أمانة في يد كل مناضل غيور وشريف يسعى إلى التحرر.