[email protected] بعد أشهر من التوقف عن الكتابة لأسباب شخصية أعود مجددا لقرائي الكرام بعد أن تلقيت رسائل على بريدي الالكتروني يطالبني أصحابها بالعودة لعدة أسباب منها أن كتاباتي حسبهم كانت هادفة ومجملها يطالب بالإصلاح ومحاربة الفساد، وأيضا مطالبين بإتمام سلسلة المقالات التي كنت قد بدأتها بعنوان “حركة 20 فبراير: الرهانات، العراقيل والتجاوزات”. وتلبية لرغبات قرائي الأعزاء ها أنذا أعود إليهم على الأقل لأكمل تلك السلسلة وأقرر بعدها إن كنت سأواصل الكتابة أم لا. برز مؤخرا مشروع الجهوية الموسعة، بعد أن وجد المغرب نفسه أمام تقرير مصير الدولة بأكملها؛ فلقد عرف العقد الأخير مطالبة مجموعة من الشباب –سواء داخل أرض الوطن أو خارجه- الدولة بتمتيع المنطقة بالحكم الذاتي. ولكي يعرف من يقومون بمهاجمة هؤلاء الشباب وتسميتهم بالانفصاليين معنى الحكم الذاتي الذي يعتقدونه استقلالا تاما عن المغرب وتشكيل دولة الريف، ارتأيت أن أصحح هذه الفكرة لدى هؤلاء، خصوصا أولياء أمور الناشطين الريفيين، لكي لا يقعوا ضحية الاستغلال المخزني ويتم اللعب على أوتارهم الحساسة بإيهامهم أن الحكم الذاتي هو المطالبة بدولة مستقلة كليا عن المغرب، وأن أبناءهم معرضون للمتابعة القانونية. الحكم الذاتي هو فعلا استقلال عن السيادة المغربية، لكنه استقلال من نوع خاص، والمنطقة الخاضعة لهذا النوع من الحكم لها الحق في تشكيل برلمان وحكومة جهويين ينظران في متطلبات الجهة ويخدمان مصالح سكانها، والأهم من هذا أن الحكم الذاتي يمثل استقلالا ماليا عن الدولة، ما يعني أن أموال الريف ستبقى في المنطقة وتستثمر داخلها بدلا من تهريبها لإغناء المناطق الأخرى وتفقير الريف. وهذا هو السبب الذي يجعل هؤلاء المخزنيون يرفضون فكرة الحكم الذاتي ويصورونها على أنها انفصال وفتنة لكي يجعلوا الأميين من أولياء أمور الناشطين يضغطون على أبنائهم للعذول عن الدفاع عن الفكرة والضغط على الدولة. لكن في الأخير تبقى المنطقة الخاضعة للحكم الذاتي أمنيا وعسكريا تحت سيادة الدولة وتبقى جزءا من الدولة المغربية. وبالتالي الحكم الذاتي ليس استقلالا كما يصور له الطائفيون المخزنيون الراغبون في جعلنا دوما تحت الحذاء عبر تفقيرنا الاستفادة من أموالنا، بل هو استقلال مالي في الأساس، سيمكن من الاستفادة من أموال الريف بتحسين ظروف الريفيين المعيشية وتوفير فرص الشغل لأبناء المنطقة. وأقول للأبرياء ممن لعب المخزن الخبيث على أوتارهم وأوهمهم بالخطورة المزعومة الكاذبة للحكم الذاتي، إن كان الحكم الذاتي هو انفصال أو خطير كما يدعون، فلماذا يصر المغرب على تمتيع الصحراء بالحكم الذاتي؟ لماذا يبوسون أيادي الصحراويين لكي يقبلوا بالعرض ويتنازلوا عن طلب الاستقلال عن المغرب المقدم لدى الأمم المتحدة؟ خصوصا وقد صرح المغرب خلال أسابيع عن اكتشاف البترول بإقليمالسمارة، مما سيجعل الصحراويين أكثر إصرارا على الانفصال تأسيس الجمهورية الصحراوية للاستفادة من البترول كاملا غير منقوص. ولأن المغرب يعرف أن تمتيع الريف بالحكم الذاتي يعني خسارة البنك الذي يمده بالأموال، مما سيمكن الريفيين من العيش بكرامة، وسيعيش الريف غنيا بأمواله، فإنه اقترح فكرة الجهوية الموسعة لإبقاء الريف تحت الأجنحة وللإبقاء على أموال الريفيين كنبع لا ينضب وكنهر يمر في باطن الريف ولا تصله دلاء (جمع دلو) الريفيين للارتواء منه، وينتهي به المصب إلى مدن وجدة وفاس والصحراء… ولهذا يمكن القول إن أسوء ما جاءت به الأيام واعتبر صفعة لمنطقة الريف، رغم ادعاءات السلطة المخزنية المصالحة مع الريف وأبنائه وطي صفحة الماضي، التقسيم الجائر للجهات، ولثاني مرة، بعد أن كانت المرة الأولى للبصري الذي قسم جهة الريف تقسيما جائرا وجعل على رأس كل منطقة من الريف مدينة عبارة عن مستوطنة غير ريفية لتحكم الجهة وتستولي على مقدراتها وخيراتها. فجاء التقسيم المقترح في زمن من المفروض أنه تمت فيه المصالحة مع الماضي، ورسمت فيه الأمازيغية، ووجب بالتالي الحفاظ فيه على خصوصيات كل منطقة على حدة، جاء صفعة لمنطقة الريف بأكملها ولساكنتها. إذ بعد أن كانت الجهة الشرقية تستنزف أموال أحفاد محمد أمزيان، جادت قريحة أبناء البصري من موظفي وزارة الداخلية، وفكروا في أن أموال إقليمالناظور غير كافية لسد حاجيات أبناء أحمد عصمان، فخططوا للاستيلاء على أموال أحفاد محمد بن عبد الكريم الخطابي، عبر إضافة إقليمالحسيمة لجهة وجدة، وبالتالي يصير استيلاء أبناء وجدة على وظائف الحسيميين مشروعا لكونهم ينتمون إلى جهة يحكمونها هم ويتصرفون في مقدراتها، بعد أن شرعوا لأنفسهم أموال ووظائف الناظوريين واستباحوها لعقود (عد لقراءة مقالي: دولة الحق والقانون: أي دولة، أي حق وأي قانون؟) يبدو أن وزارة الداخلية لا تريد أن تفهم أن الخصوصيات الهوياتية، الثقافية، اللغوية، التاريخية والجغرافية تلح بضرورة جمع الناظوريينبالحسيمة وتازة وأبركان… في جهة واحدة مستقلة عن وجدة. أم أنه على عكس ما تدعي الخارجية والملك من أعلى تكريس الديموقراطية التي تعني إرادة الشعب، وكذا القول بالمصالحة مع الماضي، يقومون بفرض ما يريده الملك وحاشيته من المستفيدين من الجهة لا ما يطالب به الشعب. ساكنة الناظور تصرخ بأعلى صوتها: “لا نريد أن نكون مع وجدة في جهة واحدة. كفانا استنزافا لأموالنا… كفانا استيلاء على مناصبنا… كفانا… للأسف، تبقى هذه مجرد نافذة من النوافذ المطلة على واقعنا المر!!! للتسجيل في قائمة متتبعي مقالات رأي ابراهيم البطيوي وقراءة المقالات السابقة واللاحقة يرجى الضغط على الزر J'aime التالي