يبدو أن العلماء قد وجدوا في الأسماك ضالتهم المنشودة لتطويعها لمحاربة أي شيء يضر بالإنسان ويهدد سلامته.. فبعد أن استخدمت في مكافحة الاحتباس الحراري الذي كان السبب وراء العديد من الكوارث الإنسانية، جاء دورها مرة أخرى لتنقذ حياة الآلاف من خلال مشاركتها الفعالة في صد أى هجوم يستهدف البشر. فقد استعان علماء أمريكيون بقدرات سمكة تعيش في الوحول في غرب أفريقيا لإنتاج دروع خفيفة وشديدة المقاومة لحماية البشر من أي هجمات في المستقبل. وذكرت مجلة “نايتشر ماتيريالز” العلمية أن العلماء درسوا بتمعن سمكة “بوليبتيروس سينجالوس” التي تغطيها حراشف شبيهة بتلك التي كانت لدى الاسماك قبل ملايين السنين. وحراشف هذه السمكة التي يبلغ طولها 40 سنتيمترا تساهم في تخفيف وطاة أي هجوم تتعرض له تلك الأسماك كالعض مثلا، وتمنع أنياب الخصم من الوصول الى الانسجة الاقل صلابة، وتحد من الاضرار المحتملة التي قد تلحق بالمنطقة الواقعة قرب نقطة الاصطدام. وعمد مهندسون من معهد ماستشوسيتس للتكنولوجيا، بتمويل من البنتاجون الأمريكي، إلى تحليل حراشف أخذت من أسماك حية، واخضعت هذه الدروع الصغيرة المؤلفة من أربع طبقات مختلفة لعضات وهمية. وأشار الباحثون إلى أن وظيفة كل طبقة من هذه الطبقات والطريقة التي تتفاعل بها مع بعضها تفسران المقاومة الكبيرة لهذه الحراشف التي قالوا ان تطبيقاتها العملية واعدة. وقالت كريستين اورتيز الاستاذة في معهد ماستشوسيتس للتكنولوجيا، ان هذه الاليات الدفاعية التي تتمتع بها تلك الأسماك يمكن أن تستخدم في أنظمة متطورة لحماية البشر والحفاظ على سلامتهم. جواسيس خفية وفي نفس السياق، استعان العلماء من قبل بسمكة لا يتعدى طولها أربعة سنتمترات لكشف أي تلوث متعمد للمياه، واستخدمتها السلطات اليابانية كنظام مراقبة جديد في إطار حماية منشآتها الحيوية من أي اعتداءات إرهابية بمواد سامة أو جرثومية. وتربى هذه الأسماك التي أطلق عليها أسماك الأرز الصغيرة ذات اللون البرتقالي في أحواض الزينة في اليابان، كما أنها ستستخدم أيضاً للتحقق من سلامة المياه أيضاً ويمكن التعرف على حدوث مشكلة في المياه ما أن تطفو هذه الأسماك على السطح لإصابتها بمشكلات في التنفس أو تنفق. وأوضح ميتسويوشي هوري أحد المسؤولين عن مشروع تربية هذه الأسماك في اليابان قائلاً “إن نظام المراقبة الحي هذا للمياه مفيد لأن مرشحات “فلاتر” المياه التقليدية لا ترصد تلوث المياه إلا بعد 15 ساعة، في حين أن أسماك الأرز ستنبئنا بذلك خلال ثلاث ساعات”، وأضاف “بالطبع نحن لا نعلم مدى احتمال تعرض شبكات المياه لاعتداءات إرهابية لكن علينا أن نكون مستعدين، ولكن بالطبع إن حدث ذلك فسيكون مسألة أخرى على مستوى أوسع بكثير”. وقد بدأت مدينة شيزوكا جنوب طوكيو السنة الماضية بتجربة هذا النظام الذي سيتم تعميمه على الشبكة المركزية للمياه في المحافظة، وطورت السلطات المحلية اليابانية نظام المراقبة في إطار تعزيز التدابير لمكافحة الإرهاب، خاصة بعد اعتداءات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة. من جهة أخرى، خطط خبراء وزارة الدفاع الأمريكية لتحويل أسماك القرش إلى “جواسيس خفية” قادرة على اقتفاء أثر السفن دون رصدها، حيث كانوا يرغبون في التحكم عن بعد في هذه الأسماك من خلال زرع موصل كهربائي في أدمغتها. ويهدف هذا المشروع، الذي تم تمويله من قبل هيئة أبحاث المشروعات المتطورة بوزارة الدفاع، إلي استغلال القدرة الطبيعية لأسماك القرش في شق عباب المياه واستشعار التغيرات الكهربية وتعقب الأثر الكيميائي، كما يهدف أيضاً إلي الاستفادة من أحدث التطورات في تكنولوجيا الزرع الدماغية التي وصلت بالفعل إلى حد تمكن العلماء من السيطرة على وتوجيه حركات الأسماك والجرذان والقردة. ويتم ذلك من خلال عمليات الزرع العصبية التي تتكون من سلسلة من الموصلات الكهربية يتم زرعها في دماغ الحيوان، بحيث يمكن استخدامها في التأثير على مختلف المناطق الوظيفية فيه. لم يتوقف دور الأسماك عند هذا الحد فقد استخدمت أيضاً لمكافحة مرض الملاريا ، فقد ذكر تقرير أن هناك نوعين من الأسماك الصغيرة تساعد ولاية أوريسا بشرق الهند على مكافحة وباء الملاريا التي تؤدى بحياة مليون شخص في أنحاء العالم سنوياً بسبب المرض الطفيلي الذي ينشره البعوض.