الإحتفال …الثالث في مسار المؤسسة. نظمت مؤسسة صوت الشباب المغربي بهولندا حفلا فنيا بقاعة الحفلات ( أوبيرا زالن سونتروم) بمدينة لاهَاي وذلك مساء يوم السبت الموافق 12/01/2013 ، احتفاء بحلول رأس السنة الأمازيغية 2963. والمصادفة ليوم 12 يناير من سنة 2013 . ويعدّ هذا الإحتفال الثالث في مسار مؤسسة “صوت الشباب المغربي بهولندا”. والذي يأتي هذه السنة في شكل سهرات موسيقية وندوات تُعَرِّف بهذا التقليد الراسخ في ارض تامزغا ،متشبثة بذلك بالثقافة الأمازيغية وبمختلف تمظهراتها مع ما يعني ذلك من حفاظ على مميزات الهوية الأمازيغية الغنية والمتعددة الروافد. كما شكَّل هذا الإحتفال وسواء للحظور كما للمنظمين فضاء للقاء والإلتقاء حول مواضيع متنوعة مستوحاة من الحقول الفنية والأدبية منها المسرحية والسينمائية والموسيقية . موقع الحدث…أجواء توحي بالاطمئنان . موقع الاحتفال كان معداً بشكل جميل مُنظم ، بدت كل الأشياء كانها أخذت مواقعها.الكراسي المحيطة بالطاولات كانت تنتظر أصحابها بشغف .. آلات موسيقية وإليكترونية كانت هي الأخرى تنتظر لحظة الاشتعال . باب القاعة الخارجي كان مفتوحا على آخره بينما ترك الباب الداخلي على شكل نصف انفتاح تعبيرعن ترحيب ضمني بالمدعوين . في الباب كان رجال أمن تابعون للحفل يفتشون كل من يدخل . باختصار.. أجواء عامة كانت توحي بالاطمئنان . هكذا لبست “مؤسسة صوت الشباب المغربي بهولندا” ومعها قاعة ( أوبيرا زالن سونتروم) ثوب الاحتفال الأمازيغي الذي اعدته احتفاء بحلول رأس السنة الأمازيغية 2963 . وقف الجميع دون امتلاء ليضعوا اللمسات الاخيرة على الإحتفال . واقفين في شموخ يعتريهم فرح أمازيغي ، عيونهم مثبتة على الجموع ، يرصدون انعكاساتهم . مركز للولادة وسيارة إسعاف. صرح القائمون على الحفل بأن ريع هذا الحفل سيخصص جزءا منه لتغطية ما تبقى من مصاريف ونفقات سيارة إسعاف كان تم اقتتائها في وقت سابق خصيصا لبلدة قَاسِيطَا التابعة لإقليم الدريوش بالمغرب . والتي ستُرسل الى قاسيطا في شهر مارس القادم ، والباقي من المداخيل سيخصص لتجهيز مركز للولادة بنفس البلدة “قَاسِيطَا” بإقليم الدريوش . وتدخل هذه التحركات – حسب ما صرح به مصطفى بربوش – ضمن برنامج خاص سطره أعضاء المؤسسة في أجندتهم ، “يتأرجح تفعيله ما بين هُولندا ومنطقة الريف بالمغرب..آملين أن ينجحوا في تنسيقاتهم مع شركاء موضوعيّين آخرين من أجل المساهمة الفعلية في دعم عدد من المشاريع التي يرونها جادّة وتليق بحاجيات وتطلعات ساكنة الرّيف..” وهي فعلا مبادرة أعطت للإحتفال طعم خاص …طعم الانتماء والعودة للجذور والأصول. قيل : “لأسباب تقنية”. كان للأحتفال طعم خاص و زاد من حرارة اللقاء حضور مجموعة من الأسماء الملتزمة في الموسيقى والمسرح والشعر بحيث شملت برامج الحفل أنواع فنية مختلفة تنوعت بين الموسيقى والكُوميديا ، فضلا عن قراءات شعرية ولقاءات أخرى تخليدا لوجوه ثقافية . كما كان مُسطرا ايضا برمجة فقرة خاصة لسينما الأفلام القصيرة في شكل تقديم فيلمين قصيرين بعنوان “ نهار ن تراثا “ و “ فاكانسي" من توقيع المخرج والسيناريست الأستاد محمد بوزكو… ولكن الأفلام لم تُعرض ولم يُعرف السبب !!… قيل :”لأسباب تقنية”. من قلب الجرح والفرح : فنانون و”منسيون” و” منكوبي أنفكو “!. الفنان أوفرين الزروالي ، القادم من قلب الريف… كان أول من إفتتح الإحتفال بأغاني جميلة . شكلٌ جديد في الأغنية الأمازيغية ، شكل “حضاري وحداثي” .. البداية كانت بأغنية جديدة كتب كلماتها محمد بوزكو “سلاك واها “. وكان الختام أجمل مع أغنية للعملاق ” الوليد ميمون “. عبد القادر أرياف من جهته حرك كعادته جنبات قاعة الإحتفال بأدائه الرائع كشكول غنائي أمازيغي جميل . تجاوب ورقص معه الجمهور وغنى أغانيه. ثم جاءت اللحظة التي إنتظرها الجميع وهي لحظة اعتلاء مجموعة تواتون “المنسيون” منصة الإحتفال ، مجموعة غنائية ملتزمة رائدة في الأغنية الريفية ، تعتبر من أقدم الفرق الغنائية بمنطقة الريف .ساهمت بشكل كبير في تطوير الأغنية الأمازيغية .. تأسست في السبعينات على يد مجموعة من شباب الريف ، أبرزهم قيدوم المجموعة “بوجمعة أزحاف” الفنان و المناضل و صاحب الصوت القوي المليء بالإصرار والتحدي وعشق الحياة والذي قدم خلال الحفل كلمة موجزة ومؤثرة جدا عن الدعم والتضامن الذي لقيه وأسرته وقت صراعه ضد مرض عضال كان قد المً به . ليعود بعد ذلك ومجموعته ليشد انتباه الحاضرين بتقديم مجموعة من أغاني المجموعة الشهيرة ، بدأها بأغنية أهداها الى ” منكوبي أنفكو ” قبل أن تنتقل المجموعة لتقديم أغاني أخرى ألهبت بها حماس الجمهور أهدتها لكل المنسيين، والمقهورين من عمال وطلبة وفلاحين ومعتقلين . ميمون زينون الذي شارك مجموعة تواتون في كل أغاني الحفل لم يدع الفرصة تمر، دون أن يضفي على اللقاء نصفه الآخر في طابعه ” الكوميدي” الإحتفالي الجميل فأضفى طابعا فكاهيا جميلا خاصا به ، قدم لوحات كوميدية جميلة نال من خلالها إعجاب الكل . هذا دون إغفال مصطفى أينض الذي كان – وكعادته- متألقا وفي الموعد وقام بتنشيط كل فقرات الحفل بطريقته الكوميدية الجميلة و”اللاسعة” في أحيان كثيرة. واختارمنظمي الحفل أن يكون ختام هذ ا العرس على إيقاعات أنغام شعبية ريفية مع الفنان ميمون أوسعيد الذي أتحف هو الآخر الجماهير الحاضرة بأروع أغانيه و ألهب على مدى ساعة تقريبا حماس الجمهور الذي امتلأت به جنبات القاعة و رقص مطولا على أغانيه الخفيفة. هذا في ما شارك بعض الشعراء الأمازيغ بقراءات شعرية ملتزمة.. نذكر منهم حميد بوسدرة الذي قرأ مقطوعات من كتابه الجديد ” رَحْرِيقْ أغِيرِينْ إي وَازْرِي أنْ وَاوَارْ ” والذي طرحه للبيع أثناء الحفل. إقبال جماهيري فاق التوقعات. حضرالإحتفال من جانب آخر، العديد من المهتمين بالشأن الأمازيغي وشخصيات سياسية وجماهيرغفيرة من مغاربة العالم والذين أتوا من مناطق مختلفة من العالم خاصة من دول الجوار. هو إحتفال شهد إقبالا جماهيريا كبيرا غصت بهم قاعة ( أوبيرا زالن سونتروم) في كل جنباتها . جمهور توافد بعضه منذ حلول المساء وقبل انطلاق الحفل . وفى نهاية الحفل وُزعت باقات من الورود على الفنانين وعلى كل من ساهم وتعاون لدعم هذا الحفل . كما تخلل فعاليات الحفل أيضا تناول المدعوين وجبة العشاء. سخرية ممزوجة بمرارة ورغبة جدية في التغيير . أخطاء تنظيمية وتقنية قليلة كانت بين الفينة والأخرى تطفوا على السطح!! . كانت “تنفلت” من حين لآخر بعض الأمور ، تأخذ غير مجراها العادي فكان أهل “الجهة المختصة” بالإحتفال يبتسمون وكان ” مصطفى أينض” ( منشط الحفل) يرد “بدعابة” ممزوجة بسخرية سوداء .. سخرية ممزوجة بمرارة ورغبة جدية في التغيير بأن ذلك مغموس بحبر بلادة موروثة أبعدتنا خطوات عن ركب الحداثة ، والتكنولوجيا و العولمة . كما بفعل تخندقنا المظلم في ماضٍ أبعدنا رويدا رويدا عن الوعي بالحاضر. “ناّير”معاني خاصة . في الختام عبر كل المشاركين في هذا الاحتفال عن تهانيهم الحارة ومتمنياتهم بمناسبة السنة الجديدة لكل الحظورالأمازيغي كما لباقي بلدان تامزغا والتي رغم اختلافها في بعض أشكال الإحتفالات إلا أنها تتوحد في ذكرى الإحتفال بانتصار القائد الامازيغي “شيشنق” الاول على الفراعنة في فترة حكم رمسيس الثاني . احتفال يعيشه كل أمازيغ العالم والمقدر عددهم حاليا (حسب بعض الإحصائيات الحديثة ) بأكثر من 56 مليون نسمة منها ما يقارب 14 مليون نسمة في المغرب و 32 مليون نسمة في الجزائر، والباقي موزع على دول أخرى” . ذكرى تاريخ شعب. هو احتفال يريد منه أصحابه أن يرقى الى مستواه الحقيقي بعيدا عن كونه مجرد “احتفالية عابرة” فرغم تعدد تجلياته بوصفه حدثا اجتماعيا، يحمل دلالات رمزية وتاريخية على مستويات عديدة . فهو يحمل في عمقه دلالات أخرى أكثر عمقا ، هو ليس احتفالا بمناسبة احتفالية عابرة ، أو مناسبة عادية كغيرها من المناسبات التي يحتفى بها ، بشطحات وأهازيج تصدح بها أجهزة الإعلام .إنما الإحتفال برأس السنة الأمازيغية هو احتفال بميلاد نهضة شعب انتفض وانطلق كالعاصفة يسابق الزمن ليعيد بناء “تاريخ منسي” و “أرض ” ذات حضارة وتاريخ طويل وعريق أسهم في صنع الحضارة الإنسانية . هو عيد يحمل دلالات عميقة علينا أن نرسخها في عقول الأطفال ليتشربوا من معانيها شرف الإنتماء .. هو محطة استراحة ، على الجميع وكل من موقعه أن يقيّم فيه ما تحقق ويعيد فيه حساباته ، يدرج فيه أولوياته ، ويستعد للمرحلة المقبلة بكل تطلعاته وتحدياته ، لتكملة المشوار الذي بدأ في يوم ما …بخطوة. هو.. ذكرى يجب أن لا تنسى ، ذكرى تاريخ شعب . ذكرى” ينَّاير” ( بتشديد النون) . أسكاس ذامكاس ذاماينو .