كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة شكيب بنموسى، أن الوزارة بصدد الاشتغال على نموذج تربوي واقتصادي جديد للكتاب المدرسي، تنفيذا لتوصيات رأي مجلس المنافسة، وذلك موازاة مع ورش مراجعة المناهج الدراسية للتعليم الثانوي تنزيلا لمقتضيات خارطة الطريق 2026-2022. وفي معرض جوابه على سؤال لرشيد حموني رئيس فريق التقدم والاشتراكية حول "اختلالات سوق الكتب المدرسية شكلا ومضمونا، أكد بنموسى أنه سيتم اعتماد بدائل للنموذج الحالي، بعد استشارة كافة المتدخلين من ناشرين وكتبيين وموزعين ومؤلفين وأساتذة، ناهيك عن لجنة المناهج بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين وأخذا برأي اللجنة الدائمة لتجديد وملاءمة المناهج والبرامج. وكشف تقرير حديث لمجلس المنافسة عن نتائج تحقيقه في "ممارسات احتكارية" تعرفها سوق الكتاب المدرسي بالمغرب، وحذر من نتائج عكسية بفعل تفاقم جودة الكتب والمقررات الدراسية التي تعرض للبيع بالأسواق المغربية مشيرا إلى تحكم مجموعات الناشرين الأربع الأولى "في أزيد من 53 في المائة من سوق الكتاب المدرسي". وضمن رأي أصدره حول "سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي"، لفت المجلس إلى أن سوق الكتاب المدرسي لا زالت تتسم بتركيز شديد، حيث "دور النشر تمكنت من اكتساب قوة سوقية أرخت وتستمر في الإرخاء بظلالها على النهوض بالسوق المذكورة. وهمت توصيات مجلس المنافسة، ضرورة إجراء مراجعة جذرية للنموذج الاقتصادي الذي يقوم عليه سوق الكتاب المدرسي مع مراعاة الخصوصيات الثقافية والمجتمعية للبلاد، ومراجعة الأدوار والمهام المنوطة بالوزارة ذات الصلة بالكتاب المدرسي، وتفعيل إطار قانوني وتنظيمي جديد، فضلا عن جعل إنتاج الكتب المدرسية الموجهة للسلكين الابتدائي والثانوي من اختصاص الدولة باعتباره عملا يؤسس للسيادة الوطنية. وأوضح وزير التعليم، أن تعددية الكتب المدرسية تعتبر من المبادئ التي أقرها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، لإعداد وبلورة الكتب المدرسية، حسب الدعامة السابعة الخاصة بمراجعة المناهج والبرامج والكتب المدرسية والوسائط التعليمية – المادة 108 حيث نصت على أن إنتاج الكتب المدرسية والمعينات البيداغوجية، يتم وفق مقتضيات المنافسة الشفافة بين المؤلفين والمبدعين والناشرين، على أساس دفاتر تحملات دقيقة مع اعتماد مبدأ التعددية. وأشار المسؤول الحكومي إلى أنه تم اعتماد هذه المبادئ منذ انطلاق الإصلاح في بداية العشرية الأولى سنة 2000، وتم تأطير هذه المبادئ بدفتر مساطر يتضمن طلبات العروض لإعداد الكتب المدرسية، بناء على دفتر تحملات إطار ودفاتر تحملات خاصة وعمليات للتقييم والمصادقة على أجود المنتوجات قبل التأشير عليها من طرف الوزارة. نتائج عكسية وقال مجلس المنافسة، إن "النموذج الاقتصادي الذي يقوم عليه سوق الكتاب المدرسي في المغرب يأتي بنتائج عكسية، حيث يرتكز على العرض والطلب المدعومين على نحو مصطنع من الأموال العمومية وشبه العمومية"، مؤكدا أن هذا النموذج "لا يتماشى مطلقا مع الواقع الاقتصادي لهذا السوق". وأضاف المجلس أن النموذج المذكور "لم يسمح بتطوير صناعة حقيقية لنشاط سوق الكتاب في المغرب"، مشيرا إلى أن قرابة 40 إلى 60 في المائة من الكتب المدرسية يتم طباعتها باستمرار في إسبانيا وإيطاليا ومصر. ووفق مجلس المنافسة، فإن سوق الكتاب المدرسي يعرف إنتاجا ضخما من الكتب المدرسية يتراوح ما بين 25 و 30 مليون نسخة من الكراسات مبرمجة ومصممة "لاستخدامها لمرة واحدة فقط، وهو ما يعادل استهلاكا يصل إلى 3 أو 4 كتب في المتوسط لكل تلميذ وفي كل سنة، متسببا في إهدار هائل للموارد والمواد والطاقة للمغرب. اقرأ أيضا... * دواء خطير يتجول بين النساء في المغرب؟ * فيديو: الفلاحون الأوروبيون يستعملون العنف لضمان رمضان كريم للمغاربة؟ * فرصة: السفر الى نيوزيلندا للمغاربة بدون فيزا شنغن في 2024؟ * موريتانيا تواصل سياسة اللعب على المغرب و الجزائر؟ وبحسب تقديرات المجلس، يقدر رقم المعاملات الناتجة عن هذا الإنتاج الكبير في سوق الكتب المدرسية بحوالي 400 مليون درهم سنويا.ونقل المجلس عن بعض المهنيين تأكيدهم أن هذا الرقم قد يصل إلى 1,2 مليار درهم، يمثل الكتاب المدرسي فيه أزيد من نصف رقم المعاملات المنجز. "ممارسات ريعية" ولفت مجلس المنافسة إلى أنه بالرغم من إلزامية المراقبة القبلية لهذه المقررات، لوحظ في السنوات الأخيرة أن بعض العناوين تتضمن محتويات مخالفة لمنظومة القيم الجاري بها العمل في المدرسة المغربية، اضطرت على إثره الوزارة الوصية إلى اتخاذ تدابير لتقويم الوضع. وأشار المصدر ذاته إلى أن سوق نشر الكتب المدرسية تعرضت للإغلاق في مرحلتها القبلية نتيجة تعطل آلية طلبات العروض منذ سنة 2008، موضحا أن هذا التعطل "أتاح لدور النشر ذاتها الاستفادة من "وضعية ريع حقيقية" لأزيد من عشرين سنة، مما أدى إلى تحييد الآثار النفعية للمنافسة النزيهة والشريفة". وسجل المجلس أنه "وفي غياب مشاورات جديدة، تباشر وزارة التربية الوطنية، كلما اقتضتها الضرورة، تقويمات للكتب المدرسية المصادق عليها بواسطة ملحقات عقود موجهة لناشري هذه الكراسات فقط. ويتم بموجبها تمديد صلاحية الكتب في كل مناسبة لمدة سنة واحدة. وتعد هذه الوضعية شكلا من أشكال الريع المقنع يفضي إلى إطالة أمد احتكار نفس الناشرين لسوق الكتاب المدرسي بالمغرب". وبخصوص بنية الأسعار، كشف مجلس المنافسة أن مصالح التحقيق لديه اصطدمت بغياب معطيات رسمية بشأن بنية أسعار الكتب المدرسية وأسعار تكلفتها، في الوقت التي تنظم فيه مصالح الدولة الأسعار ذاتها. وشكلت الإجراءات الكفيلة بتفعيل توصيات مجلس المنافسة في إطار رأيه حول "سير المنافسة في سوق الكتاب المدرسي"، محور اجتماع عقده، في وقت سابق وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى، مع رئيس مجلس المنافسة أحمد رحو، وعدد من أعضائه. وكشف وزير التربية الوطنية شكيب بنموسى، أن الوزارة قدمت مقترحات لتنزيل توصيات مجلس المنافسة على المستوى التشريعي والتنظيمي، حيث تم تضمين مشروع قانون التعليم المدرسي أحكاما في مواده تتعلق بالكتاب المدرسي وتم خلال هذا الاجتماع مناقشة وتبادل الآراء حول توصيات مجلس المنافسة، وعرض تصور الوزارة لنموذج يتماشى مع بعض توصيات هذا المجلس، وأيضا مع ما جاء بالالتزام الثاني لخارطة الطريق 2022-2026 الذي يتمحور حول تجويد الكتاب المرجعي، لتحقيق الأثر المنشود على المتعلمات والمتعلمين واكتساب التعلمات. وذكر بنموسى بالمجهودات التي تقوم بها الوزارة لتحسين تعلمات التلميذات والتلاميذ من خلال تنزيل خارطة الطريق 2022-2026، التي تنص ضمن التزاماتها على توفير مقررات وكتب مدرسية تركز على اكتساب الكفايات والتعلمات الأساس والتحكم في اللغات، وتوفير مقرر مدرسي ناجح يساعد على التعلمات ويحدد بكيفية واضحة، نواتج تعلم ملائمة لقدرات التلاميذ. وسجل حرص الوزارة على جعل الكتاب المدرسي في صلب اهتمامات خارطة الطريق، عبر توفير الوسائل اللازمة لاشتغال الأساتذة ونقلهم للمعارف وتحقيق أثر التعلمات على التلاميذ داخل الفصول الدراسية، مع الأخذ بعين الاعتبار برامج الدعم الاجتماعي، ولا سيما توفير كتب مدرسية تتماشى مع القدرة الشرائية للأسر. هذا، ودعا مجلس المنافسة وزارة التعليم إلى إجراء مراجعة عميقة للمناهج والبرامج المدرسية بإشراك جميع الأطراف المعنية، وتحميل الأساتذة مسؤولية اختيار كتب مدرسية أخرى من غير الكتب الرسمية، ومكافحة هدر الموارد المخصصة لإنتاج الكتاب المدرسي، وإرساء سياسة حازمة لإعادة استعمال الكتب المدرسية، بالإضافة إلى بلورة سياسة عمومية تروم تحديث الكتاب المدرسي عبر تأهيله باستمرار.