مع بداية فصل الشتاء في المغرب تتزايد المخاوف الناتجة عن تحديات الصحة العامة المرتبطة بانتشار الفيروسات الموسمية، إذ يعتبر هذا الوقت من السنة فترة حساسة تتزايد فيها الأمراض التنفسية التي تشمل الإنفلونزا ونزلات البرد بشكل ملحوظ. ويرجع الخبراء هذا التنامي إلى تجمع الناس في الأماكن المغلقة، مما يؤدي إلى تسارع انتقال العدوى، غير أن بعض الحالات تثير لدى الكثيرين مجموعة من الأسئلة، أبرزها ارتباط هذه الفيروسات بقلة التساقطات في البلاد، وإمكانية وجود علاقة بينها وبين متحور "كورونا" الجديد. في هذا السياق، يقول البروفيسور سعيد متوكل، المختص في الإنعاش وعضو اللجنة العلمية لتدبير جائحة "كورونا"، إن "الحالة الوبائية تعرف في هذا الوقت من فصل الشتاء انتشار الفيروسات كالزكام والإنفلونزا و"كوفيد" الذي لم ينقرض بعد، مما يسبب حالات مرضية تصيب الجهاز التنفسي الفوقي أو الجهاز التنفسي الداخلي في بعض الحالات القليلة". هذه الحالات المرضية والفيروسات المسبّبة لها، يضيف متوكل، "مرتبطة بشكل وثيق بانخفاض درجة الحرارة التي تُساهم في زيادة توالدها وانتشارها"، مبرزاً أن "الأعراض السريرية متشابهة في أغلب هذه الحالات". في المقابل، يؤكد البروفيسور ذاته أنه "لا يوجد لحد الآن في المغرب أي متحور جديد من هذه الفيروسات، بما فيها الإنفلونزا، حسب اليقظة الوبائية وتحليلات التسلسل الجيني المعمول به بالمغرب، فيما تبقى حالات "كوفيد" المرصودة قليلة نسبياً مع استقرار مؤشر إيجابية التحاليل الأسبوعي في حدود 5 في المائة، وغياب أي حالة وفاة خلال الأسبوع الماضي، كما أن المتحورات الجديدة هي من سلالة "أوميكرون" نفسها ذات الشراسة المتدنية". من جانبه، نفى الطيب حمضي، الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، "أي علاقة للحالات المرضية الموجودة حالياً بالمغرب بقلة التساقطات المطرية أو "كوفيد-19′′"، مشيرا إلى أن "الإنفلونزا الموسمية هي الأكثر انتشاراً في المغرب في الوقت الحالي، إذ تؤكد أرقام وزارة الصحة أنه مقابل- تقريبا- كل 6 إصابات بالإنفلونزا الموسمية هناك إصابتان بالفيروس المخليوي (Virus respiratoire syncitial) وإصابة واحدة ب"كوفيد-19′′". وأوضح حمضي، أن قلة التساقطات المطرية تتسبّب في "الأمراض المائية" التي تُصيب الجهاز الهضمي، قبل أن يستدرك قائلا: "لكن لا علاقة لها بالأمراض التنفسية التي ترفعها- في المقابل- نقص درجة الحرارة، الذي يؤدي إلى العيش المزدحم داخل الأماكن المغلقة وتغييب التهوية، مما يؤمن الظروف المثالية لانتشار الفيروسات بطريقة مباشرة"، مبرزاً أن "19 من كل 20 إصابة تنفسية فيروسية تكون داخل الأماكن المغلقة". من جانب آخر، أكد الطبيب ذاته أن "برودة الطقس تُضعف المناعة وتؤثر على الأغشية المخاطية بالأنف والحلق، التي تعتبر الدفاعات الأولى للجسم، مما يسهل دخول الفيروسات، كما تُساعد الفيروسات على البقاء مدة أطول فوق الأسطح والأشياء والتكاثر، خلافا للحرارة المرتفعة التي تقضي نسبيا على جزء من الفيروسات