تُواصل الزيوت المغشوشة، منذ بداية موسم ترويجها في الأسواق، إحداث نقاشات جدية. الجهود الأمنية تكثفت لتفكيك مواطن إنتاجها خلال الشهور الأخيرة، وكانت آخر كمية ضبطت في بني ملال منذ أيام تناهز 3 أطنان من الزيت حسب المعطيات الرائجة؛ لكن جمعيات حماية المستهلك، إذ تثمن هذه الحملة التمشيطية، فهي تدعو صراحةَ اليوم إلى "رفع العقوبات الحبسية إلى الدرجة القصوى الممكنة، بناء على طبيعة الفعل الجرمي". الجمعيات عينها سجلت أن "هذه الزيوت المغشوشة يمكن أن تكون قاتلة"؛ وهو ما يستدعي، حسبها، "رفع حالة التأهب إلى أقصى حد لحماية المستهلك وتحصين الصحة العامة". كما أن "المواطنين المتضررين يتعين أن يراكموا الأدلة الكافية ومتابعة من مارَس عليهم النصب والاحتيال لأجل تكامل الجهود بين الجهات الأمنية والمستهلك، مع ضرورة رفع المراقبة الصحية وشروط السلامة في فضاءات عصر الزيتون"، وفق تعبير الفعاليات سالفة الذكر. تشديد العقوبة طارق البختي، رئيس المنتدى المغربي للمستهلك، قال إن "الفورة التي شهدها توزيع الزيوت المغشوشة هذه السنة تستدعي مقاربة مغايرة لحماية صحة المستهلكين؛ لأن محتويات هذه الزيوت يمكن أن تتسبب، في بعض الأحيان، في عمليات تسميم خطيرة. كما يمكن أن تضر بأسرة بأكملها وليس فقط فردا معينا"، مبرزا أن "هذا المعطى بالذات قد يجعلها عمليات قتل؛ وهو ما يستدعي تشديد العقوبة الحبسية في حق المتورطين إلى أقصى حد ممكن". وشدد البختي، على أن "من ضبط بكميات كبيرة يتوجب أن يعاقب بالسجن مباشرة؛ لأن تلك الزيوت يمكن أن تستعمل في مناسبة معينة، وبالتالي جميع من حضر تلك المناسبة مهدد بعد ذلك"، مضيفا أن "من ضُبطت لديه كميات صغيرة فيتعين مُعاقبته بغرامات مالية عالية لأجل خلق عبرة لمن سيفكر لاحقا في ترويجها مع الرفع من درجة التفتيش والمراقبة الصحية بمختلف جهات المملكة حيث تنتجُ الزيوت". وأجمل المتحدث عينه قائلا: "المُشكل أن عصر الزيوت لا يزال يتم في فضاءات غير مؤهلة وفي تعاونيات غير نظيفة، وبيع الزيوت لا يزال عشوائيا ولا يخضعُ لضوابط تنافسية معروفة؛ فهي تباع عند البقال وعند العشاب وفي الشوارع وفي كل مكان. وهذا ما يصعب التمييز بين الأصلية والمغشوشة"، مؤكدا أن "المقاربة الأمنية غير كافية، ورفع اليقظة يحتاج أن يتعزز بترتيبات قضائية لا مجال للتساهل فيها؛ لأن الصحة العمومية موضوعة على المحك بسبب الغشاشين". تأديب الغشاشين أحمد بيوض، الرئيس المؤسس لجمعية "مع المستهلكين"، سار على المنوال ذاته قائلا إن "الظرفية التي نعيشها، بحكم تصاعد حالات الغش بشكل غير مسبوق، ليس لها حل سوى تشديد المراقبة ورفع العقوبات إلى أقصى درجة ممكنة؛ بما فيها الحبس مع التنفيذ"، موضحا أن "القطاع بهذه الفوضى الذي تعمه يحتاج مثل قطاعات أخرى إلى تأهيل حتى يكون قطاعا منتجا، وأن يخضع لكافة شروط الصحة والسلامة حتى نتجنب كوارثا بهذا الخصوص". وكشف بيوض، أن "مواطنين صادفوا هذا النوع من الزيوت مرارا، والجهات الأمنية يجب ألا تتساهل إطلاقا بهذا الخصوص، وأن تقوم بإغلاق نهائي للتعاونيات أو المعصرات التي يمكن أن تتورط في هذه الفضيحة الأخلاقية والجريمة الغذائية"، مشددا على أن "الإشكال صار يسائل تقريبا العديد من لترات الزيوت التي تُروج الآن؛ لأنه ليست هناك ضمانات حقيقية للجودة، لاسيما أن التحقق من الزيوت ومدى أصالتها يعد مهمة جد مستعصية كما هو معروف". وأكد الفاعل في حماية المستهلك أن "المواطنين بدورهم لا بد من تأطيرهم كفاية للتبليغ عن أية ممارسة مشبوهة تلف هذا القطاع؛ ولكن على السلطات أن تتعامل مع الموضوع بجدية، لأن هذه العلاقة التبادلية التي يخوضها الغشاش مع المستهلك لا تخضع لأية ضوابط قانونية"، خالصا إلى أن "العقوبة السالبة للحرية مع رفعها إلى أقصى حد ممكن، تفاعلا مع طبيعة الفعل الجرمي، هي التي من الممكن أن تحاصر هذه الفوضى وهذه العشوائية".