ما زالت قضية المتابعة القضائية لمدير المستشفى الإقليمي ابن باجةبتازة مع 11 شخصا من المتهمين الآخرين، التي استأثرت باهتمام الرأي العام الوطني وليس فقط المحلي-التازي، تتفاعل نحو مزيد من التطورات؛ وهو ما تأكد بعد تقديم المعنيين أمام أنظار الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بفاس، ضمن ملف يحمل عدد 64/2023. وحسب مصدر فإن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بفاس وجهت صكوك اتهامات "ثقيلة" إلى مدير المستشفى الإقليمي ابن باجةبتازة رفقة 11 فردا من المتهمين الآخرين، قبل أن "يبيتُوا أولى لياليهم" في السجن المحلي 'بوركايز' نواحي فاس. جاء ذلك، وفق المصدر ذاته، إثر التحقيق معهم من قبل الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بفاس في ملف يتعلق ب"السرقة وخيانة الأمانة واختلاس أموال عمومية والارتشاء"، قبل أن تُحيل نتائج تحقيقاتها على الوكيل العام للملك لدى المحكمة ذاتها. وبتهم تستند إلى شبهات "التلاعب في وثائق إدارية لبيع وتفويت أجهزة ومعدات طبية عمومية تابعة للمستشفى الإقليمي ابن باجة إلى مصحات خاصة في تازة على أساس أنها متلاشيات"، ستجري متابعة المتهمين الماثلين "في حالة اعتقال" أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف (المكلفة بجرائم الأموال)، ضمن ما بات يُعرف بملف "السمسرة في تجهيزات صحية عمومية"، إلى حين بدء أولى جلسات محاكمتهم في 5 دجنبر المقبل. تفاصيل المتابعات القضائية وفق لائحة اتهام فإن المتهم الرئيسي (خ.ف)، وهو مدير مستشفى ابن باجة بمدينة تازة، يُتابع بتهمة "اختلاس وتبديد أموال عامة واستغلال النفوذ والارتشاء وأخذ منفعة من مؤسسة يتولى إدارتها والتزوير في محررات رسمية واستعمالها". أما موظفان بالمستشفى الإقليمي نفسه (م.ع) و(ج.ا) مع (ع.د.ع) موظف عمومي، فواجهتهم النيابة العامة المختصة ب"اختلاس وتبديد أموال عامة واستغلال النفوذ والارتشاء والتزوير في محررات رسمية". "المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة والتزوير في محررات رسمية وفي استعمالها" تهمة تُواجه كلا من (م.ب) ممرض رئيسي بمستشفى ابن باجة، و(ع.ك) موظف، مع (ع.ا) موظف بوزارة الصحة. أما بالنسبة لباقي المتهمين في القضية، التي أُجلت إلى جلسة 5 دجنبر 2023؛ فهُم الطبيبان (ع.ع.ل) و(ع.ه.س)، و(ك.م.ص)، و(ع.ج.ب) (تقني)، فقد توبعوا أيضا في حالة اعتقال من أجل "المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عمومية وإخفاء شيء متحصل عليه من جناية". فيما جرت تهمة "المشاركة في اختلاس وتبديد أموال عامة" مراقب حراس الأمن الخاص (ع.ق.ع) إلى "معمعة" هذا الملف، الذي تفوح منه رائحة الفساد المالي. وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس أمر بوضع مدير المستشفى الإقليمي ابن باجةبتازة و10 مشتبه فيهم آخرين، ضمنهم أطر صحية تتحمل مسؤوليات إدارية بالمستشفى ذاته، رهن تدبير الحراسة النظرية، على خلفية شبهة تحويل تجهيزات بيوطبية ومعدات ومستلزمات طبية، في ظروف غامضة، تابعة للمستشفى المذكور لفائدة مصحتين خاصتين بمدينة تازة. وكان المستشفى الإقليمي ابن باجةبتازة قد عاش، ليل الخميس-الجمعة الماضيين، حالة استنفار إثر حلول عناصر تابعة للفرقة الجهوية للشرطة القضائية بولاية أمن فاس بالمستشفى المذكور، أعقبها توقيف المشتبه فيهم في القضية المذكورة واقتيادهم إلى مقر الفرقة بولاية أمن فاس. وطيلة نهاية الأسبوع المنصرم، واصلت عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية الاستماع إلى أشخاص آخرين كانت قد أشعرتهم بضرورة البقاء رهن إشارتها على خلفية البحث الذي تجريه في الموضوع، مشيرة إلى أنه ستتم إحالة المشتبه فيهم في هذه القضية على أنظار النيابة العامة المكلفة بالبت في الجرائم المالية بفاس فور انتهاء مجريات البحث التمهيدي معهم. كما أفادت مصادر موضحة (حينها) أن العناصر الأمنية كانت قد باشرت، بالموازاة مع هذه التوقيفات، حملة "تفتيش قسم العمليات والممتلكات والمتلاشيات بالمستشفى المذكور للتأكد من التجهيزات والمستلزمات الطبية التي يشتبه في اختفائها من المستشفى، فضلا عن التحقق من المستندات والوثائق المتعلقة بها". مطالب بتوسيع "دائرة التحقيق" تفاعلا مع الموضوع، أشادت فعاليات مدنية عديدة مهتمة بالشأن الصحي والعمل الجمعوي بمدينة تازة بعمليات التحقيق العملية التي ساهمت فيها عناصر "ديستي". كما أفادت المديرية العامة للأمن الوطني بأن "إجراءات التفتيش المنجزة في إطار هذه القضية بمنازل المشتبه بهم ومصحاتهم الخاصة أسفرت عن حجز العشرات من الأجهزة والأدوات والمعدات الطبية، فضلا عن مجموعة من الأواني والأسرّة والشاشات والمكيفات والطابعات والحواسيب المتحصل عليها من الأنشطة الإجرامية المذكورة". وعبر فاعل جمعوي محلي متابع للشأن الصحي، طلب عدم الكشف عن هويته عن أمله في "محاكمة عادلة". وزاد: "كما نطالب بالتحقيق في أمور وصفقات أخرى؛ كالأدوية والمواد الطبية التي تُفرض على المريض (كالحديد بالنسبة لأطباء تخصص العظام)"، معتبرا أنها "قضية قد تخفي شبهات أخرى محتملة". وتابع المتحدث بأن "مطالب التحقيق، التي تعالت إثر هذه القضية، تطال وجود بعض أصحاب 'الباراميديكال' (شبه طبي) بالمستشفى وعلاقتهم بالأطباء"، مثيرا إمكانية أن "يشمل التحقيق أيضا أطرافا أخرى لها علاقة بالتحاليل الطبية وأجهزة الراديو والسكانير؛ ففي الغالب يواجه المريض بكلمة أنها 'معطلة' (ماخداماش)".. كما أن "الماموغرافي غير متوفرة أو معطلة، على الرغم من أن وزارة الصحة تقوم بحملات طبية لمحاربة سرطان الثدي وعنق الرحم لدى النساء"، وفق تعبيره. واعتبر المصدر أن ملف التحقيق في التجهيزات الطبية يثير "مشكل سيارة الإسعاف ونقل المرضى من إقليمتازة وقُراه إلى المركز الاستشفائي الجهوي بفاس، كل تكاليفه الباهظة (توفير البنزين وتكلفة الطريق السيار...)، داعيا إلى الأخذ "بيد من حديد على كل من ثبت مشاركته في هذا العمل الدنيء"، لأن "الساكنة تطالب بالمزيد من المعدات؛ لكن تُفاجأ بتحويل هذه المعدات إلى جهات أخرى أغلبها تابعة لقطاع الصحة الخصوصية". تنويه ومطالب من جهته، لم يتوان إبراهيم الوزاني، رئيس فرع "المركز المغربي للدفاع عن حقوق الإنسان" بمدينة تازة، في "الإشادة والتنويه عاليا بهذه المتابعة القضائية لملف الصحة العمومية بإقليمتازة"، مؤكدا أنها قضية تؤكد ما توصل به من معطيات عن موظف بالمندوبية الإقليمية للصحة أفاد له بتقديم معدات طبية للمستشفيات والمستوصفات العمومية؛ إلا أنه لا يظهر لها أثر فيما بعدُ (بما فيها أجهزة ضغط دموي وأجهزة مكلفة). وقال الوزاني، إنه "على الرغم من مراسلات سابقة للمندوب الإقليمي للصحة فإن الأمور لم تتغير، إلى حين سماعنا خبر اعتقال أعضاء هذه الشبكة الإجرامية التي قال إن شبهات كثيرة كانت تحوم حولها"؛ ما استدعى، حسبه، "وضع الملف والمشتبه فيهم حينها محط متابعة أمنية في المدينة، إذ كان أفراد الشبكة موضوعين تحت المراقبة الأمنية بشكل جعلها تسقُط بشكل جماعي"، وفق إفاداته. ودعا الفاعل الحقوقي المحلي إلى "مزيد من كشف خيوط شبكة "السمسرة الطبية" بمستشفى ابن تازة وما يتصل بها من تداعيات، سواء من داخل المركز الاستشفائي أو خارجه"، معتبرا أن "ذلك سيكشف عن المزيد في قادم الأيام". جدير بالذكر أن تقريرا أنجزته لجنة افتحاص مركزية تابعة لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية وقف على مجموعة من الاختلالات والتلاعبات التي شابت صفقات توريد تجهيزات بيوطبية ومستلزمات طبية للمستشفى المذكور؛ ضمنها، على الخصوص، تجهيزات تخص تصفية الدم وأمراض القصور الكلوي.