في يوم من الأيام ذهب كبير من كبراء قريش وهو الوليد بن المغيرة يستطلع خبر النبي الجديد فالتقى بالنبي عليه السلام الذي أتحفه من كلام الله الذي سحره ببيانه وبلاغته فاقتنع بما لا شك فيه أنه وحي من رب العالمين. فعاد وهو يتمتم ويهمس بكلمات كأنه في عالم آخر، حتى إذا لقيه بنو حزبه لم يملك لسانَه وهو ينطلق بهذه الكلمات الخالدات : إن له لطلاوة وإن عليه لحلاوة وإن لأعلاه لمثمر وإن لأسفله لمغدق وما هو بقول بشر…. فاتهمه أصحابه باعتناق الإسلام و اتباع الدين الجديد وترك ملة الآباء والأجداد.. فحرصا على زعامته وحماية لمصالحه وبدافع من العناد والأهواء بدل من موقفه وغير من رأيه بعد أن فكر وقدر ثم نظر فعبس وبسر فقال إن هذا إلا سحر يؤثر . هذه المشاهد استحضرها ذهني الشارد والمتأمل فى عالم السياسة المتعفنة في بلادنا.. فقد تابعنا جميعا الانتخابات الجزئية في كل من طنجة ومراكش حيث اكتسح عدو التماسيح و العفاريت (العدالة والتنمية) المقاعد في الوقت الذي خرج فيه التراكتور كما دخل . هنا يأتي المشهد المثير فقد صرح كبير من كبراء الحزب أن الجرار لم يجر إلا خيبة أمل وهزيمة نكراء سببها ،على حد قوله ،الغرور والقراءات الخاطئة، من جهة وقوة الخصم من جهة ثانية . بل اعترف بمسؤوليته و باستعداده المثول أمام الدوائر التنظيمية للحزب للمساءلة والمحاسبة.. فلم تمر إلا بضع ساعات وبعد أن فكر وقدر ثم فكر وقدر ثم نظر ثم عبس وبسر فقال إن العدالة استغلت رمزية الملك ورمزية المساجد وأدخل وزير الأوقاف على الخط . فبدل أن يكون الاعتراف بقوة وشعبية الحزب الإسلامي رغم سطوة المال والإعلام الذين يسخران لقصمه وإفشاله.. فيكون ذلك موقفا حضاريا ، استمر أهل الحل والعقد لحزب الجرار يجر الغرور والعناد والبوار. موقف واحد في زمنين الأول في التاريخ السحيق والثاني في أيامنا هذه. فما أحسست إلا ولساني يردد ” سبحان معيد الأحوال ” بدل أن أقول سبحان مبدل الأحوال . ولنا.. لقاء