نتذكر قبل حوالي عقدين من الزمن كيف كان ينتشر في اقليمالناظور، خلال فصل الصيف، بيع البطيخ الأحمر، الذي تُنتجه الحقول بسهل صبرة بأولاد ستوت وبالحقول البورية لرأس الماء، وهو بطيخ يتميز بلون قشرته الأخضر الداكن المائل إلى السواء. غير أن هذا الصنف من البطيخ لم يعد موجودا اليوم. البطيخ الأخضر الداكن كان يتم تسويقه في ذروة فصل الصيف بالناظور، وسط إقبال كبير من المواطنين، لما يتميز به من مذاق حلو رائع. نكهة هذا النوع من البطيخ لا مثيل لها مع مستوى حلاوة مختلف تماما وأعلى بكثير، ويتميز بلون أحمر غامق جدا ومقرمش (تقريبا نفس قوام البطيخ المعتاد) مع عدد قليل جدا من البذور. يشتهر بقشرته القاسية ذات الظل الأخضر الداكن للغاية لتظهر أحيانا سوداء ولامعة، ولم تتم زراعة هذا الصنف على نطاق واسع خارج الجهة الشرقية، ولكن البذور بدأت اليوم تتوفر خارج المغرب، خاصة بأوروبا وأميركا. وما لا يعرفه الكثيرون عن هذا النوع من البطيخ، أن لونه الداكن دليل على جودته وطعمه المميز، وتدل أيضاً على إنه غير مخزن، فكلما كانت قشرة البطيخ خضراء داكنة كلما كان طعمها أحلى. لكن وأمام كل هذا؛ ما الذي جعل البطيخ الأخضر الداكن يختفي من سوق الناظور ومن الحقول المجاورة؟ إنه ببساطة الجشع، بسعي الفلاحين وراء أصناف ذات جودة متدنية وقيمة غذائية منخفضة لكنها تحقق الأرباح الطائلة للفلاحين والباعة. يتميز البطيخ الأخضر الداكن بوزنه الذي لا يتعدى 7 كيلوغرامات للفاكهة الواحدة، في حين يتميز البطيخ المخطط بوصول وزنه ل16 كيلوغراما، وبالتالي ضمان مدخول أكبر من بيعه. وبجانب كتلته الكبيرة، يتميز البطيخ الأخضر الداكن بكونه يتأثر بالأملاح الكيميائية المضافة إليه، وبالتالي لا يكبر حجمه بهذه الأدوية الخطيرة على صحة المستهلك بل يفسد هذا النوع ويصير غير قابل للأكل، وهو ما لا يرغب فيه الفلاح الجشع الذي لا تهمه صحة الناس بقدر ما يهمه تحقيق الأرباح الطائلة. ولا يتوقف سبب عدم إنتاج البطيخ الأخضر الداكن عند ما تم ذكره، بل يتعداه إلى وجود لوبيات فلاحين كبار قتلت هذا الصنف ليخلو لها السوق من أجل تسويق منتجاتها من البطيخ، الذي صار أكله مرادفا لأمراض تصيب المعدة والأمعاء من فرط استعمال المواد الكيميائية في إنتاجه. إنه الجشع الذي أصاب الفلاحين حتى صار همهم ملء جيوبهم مالا، دون اكتراث بصحة الناس، الذين أصبحوا عرضة لمختلف أنواع الأمراض بسبب ما يستهلكونه من مواد كيميائية تتم إضافتها للمنتجات الفلاحية.