في هذا الحوار الذي أجرته معه جريدة "لوماتان" بالفرنسية يتحدث مصطفى القريشي، أستاذ القانون بالكلية متعددة التخصصات بالناظور، رئيس مركز الدراسات والأبحاث حول الإدارة العمومية عن الوضعية القانونية والاشكاليات العملية التي يطرحها موضوع حراس السيارات في ظل احجام اغلب الجماعات عن احداث آليات حديثة من شأنها تدبير وتنظيم مرافق وقوف العربات على الطرق العمومية. وفي هذا الصدد، تطرق الأستاذ القريشي الى المسؤوليات الملقاة على السلطات المحلية والمجالس المحلية ورؤسائها، كل في مجال اختصاصه المتصل بصلاحية تنظيم ومراقبة مجال الاحتلال المؤقت للملك العمومي والحد من تطاول بعض الأشخاص عليه بصفة غير قانونية،بشكل عام، الى جانب أدوار متدخلين أخرين بما في ذلك المشرع لتنظيم هذا المرفق. ومن جانب آخر، يقترح الأستاذ القريشي مجموعة الحلول والمقترحات الرامية الى تمكين الجماعات من تدبير مرافق وقوف العربات على الطرق العمومية، من بينها ضرورة تفعيل الآليات الحديثة للتدبير المتاحة للجماعات، عن طريق إحداث شركات للتنمية المحلية أو التدبير المفوض...وهو ما من شأنه تنظيم هذا القطاع بكيفية عقلانية، وبذلك سيتحقق الحد من تطاول بعض الأشخاص عليه بصفة غير قانونية، وفي نفس الوقت إعطاء الفرصة لتشغيل وتنظيم هؤلاء الحراس بشركات مهيكلة، ناهيك عن تمكين الجماعات من عائدات مالية مهمة من تدبيرها لهذا المرفق. فيما يلي نص الحوار: * يعد تنظيم وتدبير خدمات ركن السيارات على الطرقات والفضاءات العمومية من اختصاصات رؤساء المجالس الجماعية، حسب القانون التنظيمي 113/14 المتعلق بالجماعات. فعليا هل رؤساء المجالس الجماعية هم المخولون حصرا لتنظيم هذه الخدمات؟ حسب المواد 83 و 92 و 94 من القانون التنظيمي للجماعات 113.14، فإن رئيس الجماعة والمجلس الجماعي المسؤولان الرئيسيان عن تدبير وإحداث المرافق العمومية اللازمة لتقديم خدمات القرب ومن بين هذه المرافق مسألة تنظيم السير والجولان وتشوير الطرق العمومية ووقوف العربات. ويمكن للجماعة في احداثها او تدبيرها لهذه الخدمات استعمال أساليب التدبير الحديثة المتاحة لها، ولاسيما عن طريق التدبير المفوض أو إحداث شركات التنمية المحلية أو التعاقد مع القطاع الخاص، أو الاحتلال المؤقت للملك العام الجماعي. وهكذا فان تدبير مواقف ركن العربات هي مسؤولية رئيس الجماعة وتدخل ضمن الاختصاصات الذاتية للجماعةمن خلال مجموعة من الأساليب المحددة في القانون التنظيمي للجماعات وكذا في نصوص قانونية متفرقة ومن بينها القانون الأخير رقم 57.19 المتعلق بنظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية خاصة مواد الباب السادس من هذا القانون المتعلقة بالاحتلال المؤقت للملك العام للجماعات. * ماذا عن ادوار السلطات المحلية في هذا المجال؟ مطلوب في السلطات المحلية بمقتضى القانون أن تتدخل لمساعدة رؤساء الجماعات في تنظيم وتدبير أماكن توقف وركن السيارات وفي مراقبة التجاوزات التي يمكن أن تحدث. أما بخصوص حراس السيارات فإنه يتعين تنظيمهم وان يكونوا خاضعين لقانون الشغل، وبالتالي فانهم لا يتلقون أجورهم مباشرة من رؤساء الجماعات. * من يؤدي اذن مقابل العمل الذي سيقدمه حراس السيارات؟ يمكن لحراس السيارات أن يصيروا أجراء لدى شركات التدبير المفوض أو شركات التنمية المحلية أو باقي الأشخاص المعنوية العامة التي استفادت من رخصة احتلال الملك العام الجماعي ويكونون خاضعين لقوانين الشغل المعمول بها، وبالتالي لا يأخذون أجرتهم من رؤساء الجماعات ولا تربطهم أية صلة تنظيمية بهم. لكن في واقع الممارسة فإن الأشخاص المعنوية التي تتحصل على رخصة استغلال هذه المواقف تقوم بتأجيرها لأشخاص آخرين وهو ما يمنعه القانون سواء بشكل جزئي أو كلي، وهذا الأمر يخلق العديد من المشاكل في تدبير هذه المواقف من خلال رفع قيمة الإتاوة وكذا الوضعية الهشة وغير القانونية لحراس السيارات الذي يكونون تحت رحمة الشركات صاحبة صفقة تدبير المواقف. وبالمقابل، فقد حققت بعض الجماعات التي اختارت إحداث شركات للتنمية المحلية بغرض تدبير مرفق مواقف العربات والدراجات نتائج مهمة في مجال محاربة ظاهرة الاستغلال العشوائي لمواقف السيارات، إضافة إلى احتواء اشكال الترامي العشوائي، ومن ثم التحكم الجيد في الملك العام الجماعي بما يضمن سلاسة السير والجولان بالجماعات والرفع من مداخيل ميزانياتها. أمام هذه الهوة بين ما يقرره القانون وبين الواقع، هل يخضع هذا المجال للمراقبة الميدانية؟ يختص المجلس الجماعي ورئيسه بمراقبة وتتبع استغلال الملك العام للجماعة من خلال الشرطة الإدارية وكذلك من خلال السلطات المحلية التي لها اختصاص المحافظة على النظام العام طبقا للفصل100 من القانون التنظيمي للجماعات. وتتخذ هذه المراقبة عدة أشكال وترتبط بطريقة استغلال هذه المواقف إما بواسطة دفتر تحملات يحدد المسؤوليات وطريقة تدبير الموقف وأثمنة الاستفادة منها، أو بالمراقبة الميدانية للسلطات المحلية والشرطة الإدارية والتي غالبا ما لا تقوم بمهامها على الوجه المطلوب مما يؤدي إلى العشوائية والارتجالية في تدبير هذه المواقف. * على أي مستوى يمكن للبرلمان ان يتدخل؟ يتدخل البرلمان من خلال اسلوبين: اما بتوجيه الأسئلة الشفوية والكتابية لوزير الداخلية، واما من خلال التدخل في صياغة وتعديل القوانين الجاري بها العمل للمزيد من ضبط هذا المجال والصرامة في التعامل مع احتلال الملك العام واستغلال مواقف السيارات من قبل اشخاص لا يتوفرون في الغالب على أي سند قانوني أو ترخيص من الجماعات. وبالنتيجة، فإن الدور التشريعي للبرلمان مهم للغاية من اجل تقنين وضبط مجال تدبير مواقف السيارات، خاصة أنه مجال فيه يتميز بتعدد المتدخلين وتعدد القوانين المنظمة له وغموض بعض الفصول والبنود خاصة المادة 05 من قانون 57.19 والتي تمنع كراء وايجار الملك العام الجماعي، إضافة إلى ما ينشب بسبب هذا الواقع من نزاعات واشتباكات متكررة بين حراس السيارات والمواطنين والتي أدت في بعض الحالات لوقوع اعتداءات وجرائم. * ما هي الجزاءات التي من الممكن ان تطال حراس السيارات المزيفين؟ ان حراس السيارات الذين يزاولون هذه المهمة بدون تراخيص او دون ان يكونوا تابعين لشركات مخولة بتدبير هذا المرفق العمومي يعرضون لجزاءات زجرية ولعقوبات تتعلق بانتحال صفة والنصب طبقا لمقتضيات الفصل 129 من القانون الجنائي، وأيضا يكونون تحت طائلة أفعال تتعلق بجنحة التزوير والتزييف حسب الفصل 360 من القانون الجنائي، إضافة إلى جناية عرقلة السير بطريق عمومية، وجنحة التهديد في حالة امتناع عدد من المواطنين عن الرضوخ لابتزازهم، بالإضافة لجنحة السب العلني أو حمل السلاح أو إلحاق خسائر بالمركبات وكذا جنحة التسول، وكل هذه الأفعال مجرمة قانونا ويعاقب عنها بغرامات مالية وعقوبات حبسيةلا يقل بعضها عن سنة حبسا نافذا. لذا وجب التعامل مع هذه من الأشخاص بنوع من الصرامة؛ فالمطلوب من الضابطة القضائية بشتى أصنافهاأن تتدخل من أجل الحد من هذه الظاهرة، كما أن الشرطة الإدارية بدورها تتحمل المسؤولية في مراقبة احتلال الملك العموميووضع حد لهذه التجاوزات. * صدر في الجريدة الرسمية بتاريخ: 22 يوليوز2021 القانون 57.19 المتعلق بالممتلكات العقارية للجماعات، الى أي حد يمكن لهذا القانون أن يساهم في وضع حد لهذه الظاهرة؟ اعتقد بأن القانون 57.19 سيمكن من ضبط أكبر لاستغلال مواقف السيارات بالطرق والشوارع العامة، وفق مساطر وإجراءات قانونية مضبوطة ستحد من العشوائية في هذا المجال، مع تشديد مراقبة وتتبع طريق استغلال هذه المواقف، واتخاذ التدابير الزجرية في حق المخالفين، بما في ذلك المتعاقدين المرخص لهم الذين لا يلتزمون بدفتر التحملات. * مع حلول فصل الصيف، ما هي الرسالة التي تبلغونها للمواطنين الذين يودون ركن سياراتهم على مشارف البحر؟. رسالتي لهم هي يجب أن يعلموا أن المشرع نظم من خلال عدة نصوص قانونية كيفية استغلال مواقف للسيارات، وحدد طرق تدبيرها والرسوم المؤداة عنها، وبالتالي يحق لهم مطالبة حراس السيارات بإثبات صفتهم والرخصة التي تمكنهم من استخلاص مبالغ مالية. ويمكن لأي مواطن تقديم شكايات في حق من منعهم من ركن سياراتهم أو هددهم وفرض عليهم أداء مبالغ مالية كبيرة دون وجه حق. إضافة الى ذلك، يتعين التمييز في هذا الإطار بين مواقف السيارات الخاصة التي تكون خارج المدارات الطرقية ومنظمة من قبل شركات خاصة، وتحمل إشارات تدل عليها، وبين الطرق العامة التي تعتبر من الأملاك العامة للجماعات والتي لا يمكن استغلالها كمواقف للسيارات إلا بترخيص بالاحتلال المؤقت للملك العام، ووفق مواصفات معينة منها أن تحمل إشارات أو علامات تدل على أنها مواقف سيارات مؤدى عنها. * ترجمة الحوار من الفرنسية الى العربية: عبد الحكيم اسباعي، طالب باحث، ماستر التدبير السياسي والإداري، الكلية متعددة التخصصات بالناظور.