تعيش دولة الكوت ديفوار، التي نترجمها نحن العرب إلى دولة ساحل العاج، على إيقاع مخاطر حرب أهلية مدمرة بسبب تشبث الرئيس السابق لوران كباغبو بالحكم رغم أن صناديق الاقتراع أعطت الفوز لمنافسه الحسن واتارا. وهنا نتساءل، هل جمهورية "العاج" ستتحول إلى جمهورية الحريرة، حيث سيتحرر كل شيئ تحت أقدام الجميع؟ والسؤال الآخر الذي يعود كل مرة في قارتنا، هو لماذا تستمر صناديق الاقتراع في إغلاق الأبواب أمام الديمقراطية في إفريقيا، عوض أن تكون بوابة لها؟ لماذا ما أن تنتهي الانتخابات حتى يرفض الرؤساء الخاسرون مغادرة الحكم، وكأن الانتخابات لا تجري إلا لتكرس حكم الحاكم القديم، وتجعله يخلف نفسه بطريقة "ديمقراطية" فعلا ؟ وبالفعل، مَن مِن الحكام الأفارقة الذين قبلوا مغادرة السلطة بعد فشلهم في الانتخابات؟ العدد قليلا ولا يتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، ومن بين أهم الأسماء نذكر السنغالي عبدو ضيوف الذي حكم السينغال بعد اعتزال ليبولد سيدا سانغور، لكن لما لم يحالفه الحظ الإنتخابي، غادر الحكم تاركا منصبه للرئيس الحالي عبدولاي واد، فكرمته العديد من الدول المسماة بالفرنكوفونية فمنحته رئاسة منظمتها.. لماذا تبقى الديمقراطية عملة ممنوعة من الصرف في أفريقيا؟ أمريكا اللاتينية تطورت، وأوربا الشرقية تطورت، والكثير من الدول الآسيوية تطورت أيضا، لكن قدرنا نحن في قارتنا هذه أن نبقى في طابور الانتظار! إن ما يحدث في الكوت ديفوار يسيئ للقارة الإفريقية ككل. وعلى الدول التي تحترم نفسها في هذه القارة المكلومة أن تقول كلمتها، وترفع من درجة اعتبار صناديق الاقتراع التي قالت كلمتها. في الكوت ديفوار، هناك رجل منتخب اسمه واترا .. ونحن كمغاربة وأفارقة نريد أن نرى واترا مدعوما من قبل المغرب، وبشكل واضح، لأن الدور الإفريقي للمغرب يتطلب منه أن يبرز في وضع قيادي، ولو من خارج الإتحاد الإفريقي .. ولم لا، قد يكون المغرب أقوى إفريقيا من خارج هذا الإتحاد، وسويسرا كانت أقوى دوليا بالرغم من أنها لم تنتم للأمم المتحدة، وهذا مكنها من احتضان العديد من المؤسسات الأممية ! وغدا، قد يكون للإتحاد الإفريقي مقر بالمغرب، خصوصا إذا صحح غلطة أدام كودجو الذي أقحم حركة سياسية (هي البوليساريو) في منظمة للدول، ولما فطن الجميع للخطأ لم يجدوا في قوانين المنظمة ما يسمح لهم بطرد العضو المقحوم، فأصبحوا يعيشون بحرف العلة هذا، وكأننا بإفريقيا تصيح على الدوام من عللها المتعددة .. وأي واااااااااي واااااااااااااي وعودة إلى الواقع المؤلم في الكوت ديفوار، على المجموعة الدولية أن تتصرف بحكمة من أجل جعل هذا البلد الإفريقي يتفادى حربا أهلية صارت شبه مؤكدة .. هذا هو التحدي الكبير .. تحدي الجمع بين فرض نتائج الديمقراطية وضمان سلامة الدولة.