الكاتب أحمد جزولي الجمعة, 15 أكتوبر 2010 09:17 ارتبطت الشيلي في أذهان جيلي من مواليد بداية الستينات بقصة الرئيس المطاح به يوم 11 شتنبر 1973 سالفادور أليندي. وكنا في نهاية السبعينات والثمانينات نتفاعل مع فيلم "زيد" (Z) لكوسطا غافراس عن هذا الإنقلاب، وأشعار بابلو نيرودا التي كانت تأتينا مترجمة بلسان عربي فصيح قادم من الشرق.. ويعود الفضل كل الفضل في إشاعة أشعار بابلو نيرودا إلى مجلات عربية ومغربية صنعت جيلا من المثقفين والكتاب والمهتمين. ويعود الفضل في تعميم تداول فيلم كوستا كافراس إلى الجمعية الوطنية للأندية السينمائية التي كانت تتخذ من دور الشباب مقرات لها، وجعلت من عدة قاعات سينمائية تعيش صباحات سبتية (من السبت) صاخبة بالنقاشات واللقاءات وأحيانا التطاحنات الفكرية والسجال، ودائما بروح أخلاقية عالية بحجم صفاء الحلم الكبير الذي جمع جيلا متكاملا من الفاعلين السياسيين من أجل العدل والحرية والخبز للجميع .. اليوم، من الشيلي يأتينا درس جديد، إنه درس الإبداع في إنقاذ المنجميين الذين قضوا 70 يوما تحت الأرض. من قبل، لما كانت تقع الواقعة "لم تكن لوقعتها كاذبة".. كانوا يصلون على المنجميين صلاة الجنازة .. اليوم، وعبر العالم، صار درس الشيلي في إنقاذ المنجميين من الدروس التي يمكن أن تعلم في مؤسسات الوقاية المدنية وكل فرق الإنقاذ. الدرس الأول، هو أن لاشيء يساوي حياة إنسان. إذا ما أحصينا المصاريف من أجل إنقاذ 33 شخصا، ستكون التكلفة باهضة. وبالتالي، فهذا ليس هو معيار التعامل مع الموضوع، بل أولا وأخيرا يجب إنقاذ الإنسان وبأي ثمن. الدرس الثاني، هو أن مهما كانت الكوارث مؤلمة، يمكن أن تتحول إلى عنصر تحفيز، وكما يقولون كل نقمة في طيها نعمة، والنعمة هنا، هي إبداع أشكال جديدة للإنقاذ من دون شك أن جمهورا كبيرا تتبعها عبر القنوات التلفزيونية بالخصوص. بل وكيف تطور التعامل التدريجي المتصاعد مع الموضوع: من التواصل مع الضحايا ومعرفة أنهم أحياء، إلى رؤيتهم يخرجون لحما ودما وحياة وابتسامات وشارات نصر ... كل هذا بإبداع تقني، واجتهاد ظاهر في تطويع التكنولوجيا لخدمة الإنسان. الدرس الثالث، هو سلطة مجتمع الإعلام، الذي استطاع أن يثير الموضوع ويخلق رأيا عاما عالميا متعاطفا مما جعل كبريات الشركات العالمية، وأولها تلك التي كانت تستورد منتوج المنجم من الوقوف بجانب إنجاح التجربة، بل إنها اشترطت في مرحلة ما تحويل ما بذمتها لصالح إدارة المنجم، بالعمل على إنقاذ المنجميين .. هذه وحدها ثورة في التفكير، لأن المنجميين كانوا يعتبرون أقل من العبيد من نظر هذه الشركات .. والفضل لوسائل الإعلام ! وهناك ما لا يعد ويحصى من الدروس .. دروس يمكن لكم أن تكتبوها، بل وتنفذوها عند الضرورة .. لا قدر الله !! واليوم، لا يسعني إلا أن أتوجه بتحية خاصة للمنجميين المغاربة في جرادة المنكوبة، وتوسيت، وخريبكة، وغيرها وكل الذين يحفرون تحت الأرض ولا يبالون بالمخاطر .. لأن فوق الأرض أسرا تنتظر لقمة عيش !!! وإلى صباح يوم الاثنين .. كونوا في الموعد