لم تأتي صياغة هذا المقال من رغبة ذاتية تنقل صاحبها من القول الصادق الواعي إلى أخر تتبرأ منه العقول المنفتحة، بل هو وليد انخراط معايشة ومناقشة مختلف الفئات الاجتماعية في أماكن عمومية وفي خضم تجمعات تغيب فيها السلطة، بمختلف أشكالها، على التعبير، وبالرغم من ذلك فلم أجسد دوري كباحث، لما للبحوث من حساسية ورسمية أحيانا تجعل المبحوث ينتصر للسائد مخافة للمحتمل من حقيقة الأمور، وحتى لا يأخذنا هذا إلى موضوع واقع البحوث العلمية في البلدان غير الثقافية كالمغرب " الكل يتعامل مع التعلم بشكل براجماتي"، سوف أعرض للقارئ بكل أمانة خلاصات هذه الإشكالية وبعض التوصيات الموقعة، والتي تبدو منطقية في سياق الدولة الحديثة والمشروع الديمقراطي الحداثي. فقلما يخلو مجمع مغربي تتناول أطرافه الحديث عن القانون، من عبارة " أش من قانون كاين فهاذ لبلاد " بالرغم من الإقرار بوجود ترسانة قانونية تؤثث كل المجالات، فإن مرد هذه العبارة يعزى إلى التحرشات التي يتعرض لها المواطن المغربي إلي درجة الشطط في استعمال القانون بالتحايل على بنوده، وهذا ما تفيده مقولة أحد المتضررين من استعمال القانون " فالمغرب فوت غير الدستور ودير حتى نتا قانونك "، هذه العبارة تستفز وتثير حافظة كل المتدخلين في الشأن العام سواء منهم القائمين على تطبيق القانون أو المراقبين لهم ممن قد يشكلون سلطة من موقع معين وتنفي أدوارهم في ترسيخ الحكامة المؤسساتية، إلا أن هذا المنطق مواجه بقول:" الكل عارف الواقع والذي يستفيد لا يشتكي" والفهم المشترك لهذا القول هو أن تدبير الشؤون المحلية في كل مستوياتها يتم عبر شبكة من العلاقات محكمة بمنطق تبادل الاعتمادات: "قدي ليا نقدي ليك"، ولا أحد يناقش أو يدافع عن الإقصاء والتمييز الذي يطال فئة على حساب أخرى، والحاصل أن الأمور تؤول إلى غير أهلها، فلننتظر التأخر، والمنتظر هو أن نعترف بشكل قانوني بهذه المشاكل التي تعتبر خروقات اجتماعية وقانونية حتى تأخذ مأخذ البداهة أو نجتثها بالمعني الماركسي. وحتى لا نترك نقاشاتنا سلبية، أو نترك المجال للبعض "ليأكل بأفواهنا الثوم"عملت متخفيا استفزاز الأخوات والإخوة سؤال يعطيهم قيمة وجود واقتراح أكثر من استشارة التي تغيب حتى عند الاحاديث الرسمية التي تقول بالمقاربة التشاركية، أشنو المعمول؟، بادر أحدهم (م.د) " يجب أن نصرح جميعا بالواقع والمسكوت عنه، كاينة الدعارة والاغتصاب، كاينة الرشوة، كاينة المحسوبية والزبونية، كاين نهب الملك العام، ما كاين الشغل، ما كايناش المساواة....." وأنهي مداخلاته بجملة " ما كاين لا سائل ولا مسؤول "، والمفارقة هنا واضحة تتعدى العلاقة الجدلية بين المواطنين وممثليهم في مؤسسات الدولة إلى الساهرين في المؤسسات الرسمية على تنظيم شؤون الأمة، فكيف يتم استحضار هموم وتطلعات المواطنين في التدبير اليومي لقضاياهم وما هي معايير اعتبار مواطنة المواطن في التدبير اليومي القانوني والمؤسساتي لشؤونه؟. عبد الرحيم العكزي باحث، فاعل جمعوي، مراكش