اختار البوليساريو اعتقال مصطفى سلمى في خزان حارق تحت لهيب الشمس، مما يذكرنا برواية الكاتب الفلسطيني غسان كنفاني صاحب رواية "رجال تحت الشمس" والتي تروي حكاية وفاة ثلاثة أشخاص في خزان حارق لشاحنة كانت تهربهم نحو الكويت. وملخص القصة أن فلسطينيين في زمن النكبة، كانوا يغادرون نحو ملجأ بالكويت على مثن شاحنة بصهريج. وفي الحدود العراقية، اختبئوا في الخزان حتى لا يراهم حرس الحدود، وكادوا يختنقون، لكنهم نجوا في آخر لحظة. وعند الاقتراب من الحدود الكويتية، عادوا إلى الخزان، لكن موظف نقطة العبور طلب من السائق "أبو الخيزران" أن يقص عليه حكايته مع راقصة عراقية تسمى "كوكب" (!!).. وبينما الاثنان منشغلان بالقصة، مات الثلاثة اختناقا في خزان المياه بسبب تأخر "أبو الخيزران" عليهم. وربما أن "سائق" البوليساريو يلهو بالكثير من القصص تاركا مصطفى سلمى وآلاف الصحراويين كل منهم في خزان بشكل ما .. وبالرغم من اختلاف الظروف والملابسات، فإن مقترف فكرة اعتقال شخص في خزان، يعبر عن روح جهنمية قابعة في داخل صاحبها، تعود لقرون خلت حين كان التفنن في الاضطهاد مما يقرب الجلادين من الحكام، لدرجة تجعلهم أقرب إلى أذن الحاكم المستبد وغالبا ما ينطقون الأحكام باسمه دون محاكمات. من دون شك أن صاحب فكرة الخزان الذي وضع فيه مصطفى سلمى ولد سيدي مولود، صار ينعم برضا القابعين على صدور اللاجئين في تندوف.. آن لكل اللذين يبحثون في التعذيب أن يضيفوا لمعلوماتهم هذا الشكل المتوحش للاعتقال والمهين للكرامة البشرية، والمتعارض مع أبسط قيم ومبادئ حقوق الإنسان. وبما أن ممارسة التعذيب جريمة لا تتقادم، من حق أهل مصطفى سلمى مهما طال الزمن أو قصر أن يتابعوا الفاعلين في أي قضاء كان، وآنذاك سيدفع المقترفون الثمن غاليا.. وليس كما تقول الوصلة الإشهارية .. واليوم، تعتبر حياة المعتقل مصطفى في خطر كبير بالنظر لظروف الإعتقال ومضمون لغة التخوين التي يصف بها البوليساريو، بما في ذلك ممثله في أوربا، أفعال مصطفى سلمى، تخوين سابق لكل محاكمة مزعومة.. لهذا من واجب المجموعة الدولية أن تتدخل لحماية حياة شخص في خطر، وتحميل الجزائر كدولة مسؤولية ضمان السلامة الشخصية للضحية .. ثمانية أيام تمر، والرجل في خزان، وكل ذنبه أنه قرع في عمق أطروحة الانفصال التي يدعي قادة البوليساريو أن سكان المخيمات يتبنونها، فجاء مصطفى سلمى ليقوم بعمل بطولي واستثنائي، ويكشف أن للمدافعين عن الحكم الذاتي وجود بالمخيمات أيضا، ويستحقون ضمان حريتهم في التعبير.. وهذه مسؤولية دولية !!