حميد المهدوي خيرا فعل رفاق بنعبد الله، وزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة، في تازة حين أقدموا، مؤخرا، على تقديم إستقالة جماعية من الحزب، إحتجاجا على زعيمهم الذي فضل كرسي وزارة على شرف وسمعة حزبهم، بعدما رفض تقديم إستقالته من منصبه وفقا لما كان قد تعهد به أمام المغاربة إذا ما تكررت فاجعت سيدي فاتح بالمدينة القديمة للدار البيضاء، والتي خلفت حياة خمسة مواطنين، نهاية شهر ماي الماضي، قبل أن يودي الحادث الجديد بحياة ثلاثة مواطنين آخرين إثر انهيار منزل بمقاطعة مولاي يوسف بنفس المدينة المذكورة. وطبعا، ليس بنعبد الله الوزير الوحيد الذي نقض عهده أمام المغاربة، بل إن مصطفى الخلفي وزير الإتصال والناطق الرسمي بإسم الحكومة بدوره لم يف بعهده حين وعد المواطنين بتقديم إستقالته من منصبه الوزاري إذا فشل (أمام سميرة سيطايل !) في معركة دفاتر التحملات، فكيف للمغاربة، اليوم، أن يصدقوا مصطفى الرميد الذي وعد بتقديم إستقالته من منصبه في غضون سنتين إذا فشل في محاربة الفساد والرفع من أجور القضاة، أويصدقوا بنكيران رئيس الحكومة الذي وعد أيضا بتقديم إستقالته من منصبه الحكومي إذا تبث عليه توظيف أحد أقاربه أو عضو من حزبه في الوظيفة العمومية بدون إجراء مباراة، خاصة وأن للأخير "سوابق " عديدة في إخلاف الوعود؛ ألم يعد بفتح تحقيق قضائي في أحداث 16 ماي؟ ثم ألم يعد بمحاربة الفساد في حملته الإنتخابية قبل أن يصير رئيسا للحكومة ويختار "سياسة النعامة" أمام الفاسدين و المفسدين، خاصة إذا تعلق الأمر بالحيتان الكبيرة، رغم كل ما يتمتع به من صلاحيات دستورية!؟ عندما نرى كيف يخلف بنعبد الله و الخلفي وبنكيران ومؤكد الرميد بعد سنتين وعودهم من أجل كرسي وزارة (وسخ الدنيا) ثم نستحضر زهد رجال عظام في هذه الكراسي أمثال الشهيد محمد الديوري الذي رفض أن يكون حاكما على المنطقة الشمالية نظير إقناع أتباعه بدعم بنعرفة وتخليهم عن السلطان الشرعي محمد الخامس، ونستحضر الفقيه البصري الذي رفض حقيبة وزارية كما رفض أن يكون حاكما على المنطقة الجنوبية مقابل تخليه عن قناعاته الراديكالية، لا يسعنا إلا أن نبكي هذا الزمن السياسي الرديء و نتحسر على فقدان هؤلاء الرجال العظام. في الدول الديمقراطية، حيث يحترم الوزير نفسه وشرفه السياسي وتاريخ حزبه النضالي، يحرص أشد الحرص على أقواله ولا يعد المواطنين إلا بما في وسعه القيام به، وربما سمع العالم الرئيس الفرنسي "فرانسوا هولاند" خلال حملته الإنتخابية يقول: "أنا لا أعدكم بشيء ولكني مستعد لأي شيء"، فيما السي الخلفي والرميد وبنكيران وبنعبد الله وكل زعمائنا السياسيين الكرام يعدون بكل شيء وهم غير مستعدين لأي شيء!