محمد العونيقال محمد العوني عضو المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد إن قرارهم الأخير من الانتخابات القادمة هو قرار مقاطعة وليس قطيعة مع العمل السياسي. وعزا العوني، موقفهم إلى ما استجد في الساحة السياسية من ربيع الديمقراطية العربي وظهور فاعل ليس بجديد لكنه اليوم أكثر حضورا وهو الشارع المغربي وضغطه، علاوة على عدم تخلي الدولة عن سياسات "ديمقراطية الواجهة" وإفراغ المؤسسات من مضمونها وأدوارها واستمرار إفساد الحياة الانتخابية ضمن إفساد الحياة السياسية والاقتصادية ككل. وحول ما إذا كان دورهم قد انتهى بإقرار موقف المقاطعة أكد العوني، على نزولهم إلى الشارع كي يشرحوا للمواطنين معنى المقاطعة التي أريد بها بحسبه توفير شروط أفضل للمشاركة السياسية من أجل بناء الديمقراطية في المغرب ولاشئ غير الديمقراطي. في الحوار التالي تقف "الرهان" مع أحد أبرز قياديي الحزب الاشتراكي الموحد، الإعلامي، وعضو المجلس الوطني لحركة 20 فبراير محمد العوني، لتسليط الضوء أكثر على موقف مقاطعة الإنتخابات القادمة الذي اتخذه الحزب الاشتراكي الموحد بأغلبية شبه مطلقة في مجلسه الوطني الأخير. حاوره: حميد المهدوي قررتم مقاطعة الانتخابات القادمة والسياسة كما تعلمون تخضع لمنطق الربح والخسارة ماذا ستربحون من المقاطعة؟ بالنسبة لحساب الربح والخسارة في قرار المقاطعة ينبغي أولا التأكيد على أن هذا القرار سببه الأساسي والأول هو غياب الوعي لدى أجهزة الدولة بضرورة الانتقال إلى مرحلة جديدة في العمل الانتخابي والسياسي عامة بالنظر لما عرفه المغرب في الانتخابات السابقة، وبالنظر لربيع الديمقراطية العربي الممتدة رياحه ونسائمه عبر الجغرافية من المحيط إلى الخليج وعبر الزمن، إذ انفتح المستقبل على مرحلة جديدة سياسيا ومجتمعيا بالمنطقة ككل. فبدون الأخذ بعين الاعتبار هذين العنصرين قد تبدو خسائر مقاطعة الانتخابات اكبر من ربحها. لقد دخل المغرب لحظة الاختبار الديمقراطي الحقيقي وليس بمنطق "التوافق "المكذوب عليه والتماطل والتسويف الذي سمي بهتانا ب"الانتقال الديمقراطي"، والذي سيحتاج حسب المفترين عليه عقودا قد تصل إلى مائة سنة. والحال أنه مهما كان مستوى ومدة الفترة الانتقالية المطلوبة حقا - و قبل فوات الأوان- فمنطلقها هو حالة اليوم التي تضع البلاد بمختلف مكوناتها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية في مفترق الطرق، طريق الديمقراطية أوطريق الدوران على الذات والحلقة المفرغة التي تجعل الفساد والظلم أكثر تحكما في الوضع وفي المستقبل. إذن الربح بالنسبة لنا هو ربح المجتمع المغربي ككل الذي يقف ليضع الأسئلة، بل وليواجه الدولة بالإستفهامات المباشرة والواضحة والثقيلة من نوع : الم يحن الوقت لتتخلى الدولة عن سياسات "ديمقراطيةالواجهة" وإفراغ المؤسسات من أدوارها وصلاحياتها وإفساد العملية الانتخابية ضمن إفساد شامل للحياة العامة وخاصة منها السياسية والاقتصادية....؟ ماذا بعد المقاطعة هل ستنزلون للشارع وبأي تصور إن كان ذلك؟ اخترنا المقاطعة بمنطق المشاركة المبدئية، الحزب الاشتراكي الموحد ومنذ مدة طويلة من خلال المكونات التي اندمجت داخله اختار إستراتيجية النضال الديمقراطي، وهو ما يعني أن من الأوليات لدينا : المشاركة السياسية ليس فقط بالنسبة للحزب بل لكل مكونات المجتمع لكل فئاته وجهاته ولكافة المواطنات والمواطنين، الذين تتوفر فيهم شروط الانتماء للكتلة الناخبة، بل أكثر من ذلك نؤمن بان المشاركة السياسية هي واجب لا ينحصر في المجال الانتخابي فقط بل يمتد إلى الحياة العامة، ويستلزم المساهمة في تقدم المجتمع وتطوير البلاد لمواجهة التحديات المطروحة أمامها..... وبالتالي سننزل عند المواطنين لنتفاعل معهم ونوضح لهم معنى مقاطعتنا، فهي من اجل توفير شروط أفضل للمشاركة السياسية على طريق بناء الديمقراطية في المغرب ولا شئ اقل من الديمقراطية. لا ينبغي الخلط بين المقاطعة والقطيعة نحن لسنا في وضعية قطيعة مع الحياة السياسية بل على العكس نحن نضع أنفسنا في أفضل الحالات للتفاعل والصراع من اجل الدفع بالمكونات المحافظة والمتطرفة داخل الدولة والمجتمع والدفع بأجهزة السلطة سواء منها السياسية أو المدنية أو الاقتصادية أو الإعلامية إلى القطع مع تجارب الغش والتزوير وفبركة الخرائط وصناعة الأحزاب وتشويه وإفراغ العمل السياسي من نبله ونجاعته والتخلي عن الريع بكل أنواعه والنهب والاحتكار، والابتعاد عن خلط الأوراق وجعل كل السياسيين متماثلين وفاسدين ولا رجاء فيهم . والتخلي عن ذلك وغيره من الممارسات المرتبطة ببنيات الفساد والاستبداد كمقدمة لحوار وطني يمكن المغرب من القيام بثورة هادئة ترتكز على الفعالية والوعي والنضج وطراوة الروح الوطنية التقدمية التي عبر عنها الشباب المغربي عبر حركة عشرين فبراير. كنتم تشاركون في انتخابات تجري في ظل دساتيرغير ديمقراطية واليوم تقاطعون في ظل دستور اعتبره العديد من الفاعلين السياسيين متقدما عن الدساتير السابقة هل من توضيح ؟ الفارق هو ما أشرت إليه في البداية من أن الإطار العام لما يجري في المغرب هو الدينامية الديمقراطية الجماهيرية من أجل التغيير. لقد اضطر النظام لمراجعة الدستور وإجراء انتخابات سابقة لأوانها ....، لكن حوطها بعقلية الالتفاف والتأجيل وربح الوقت واسترجاع زمام المبادرة السياسية وهذا ما يجعل العملية كلها خارج السياق.... الإطار العام هو ربيع الديمقراطية العربي والمغاربي اليوم الذي جعل فاعلا- ليس بالجديد ببلادنا - أكثر حضورا وفعالية وضغطا وهو الشارع المغربي. لا يمكن اليوم الإجابة عن اي سؤال سياسي دون الانتباه الى حركة 20 فبراير والنهوض المجتمعي الحاصل في اتجاه تحقيق المطالب وتحصين المكاسب...لقد تأكد للجميع أن المغرب ليس استثناء ضمن زخم الربيع وأفق التغيير الذي أصبح لاريب فيه . ألا ترى أنكم بمقاطعتكم ستفسحون المجال للمفسدين كي ينتعشوا ويستفردوا بالمواطنين الشئ الذي سيعمق الأزمة اكثر خصوصا عندما يصل إلى البرلمان فقط من تصفونهم بسماسرة الانتخابات؟ أولا المواطنات والمواطنون حسموا منذ مدة مع الكائنات الانتخابية عندما قرر أغلبهم عن وعي وسبق إصرار عدم الانخراط في اللعبة الانتخابية المشوهة ببلادنا. ثانيا يمكن أن نلام على عدم المساهمة في مواجهة مفسدي الانتخابات لو كنا سنترك الساحة فارغة من دون عمل نضالي فيه الفعل ورد الفعل، نحن على العكس من ذلك نريد مواجهة الفاسدين في كافة مناحي الحياة العامة في المغرب، لان تزكية الانتخابات بشروطها الحالية إجابة سياسية خاطئة، إذ لم تستجب السلطات السياسية لمقترحات الحزب الاشتراكي الموحد الساعية إلى وضع اطار قانوني وسياسي جديد للعمليات الانتخابية ،اطار ديمقراطي حقا لتفادي حالات التزوير والتدليس وتحدي القوانين من قبل ممثلي السلطات والمفسدين ورفع يد الداخلية عن صناديق الاقتراع. و الساعية إلى تمكين فئات واسعة تعد بالملايين من الحق في المشاركة ...والقطع مع أدوات تحكم مجرمي وسماسرة الانتخابات.... وغيرها من الاقتراحات الهادفة إلى ضمان انتخابات نزيهة وسليمة وربط كل هذا بمحاربة الفاسدين والمفسدين أينما كانت مواقعهم داخل الدولة وبمختلف المؤسسات ومختلف الجهات في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية إلى جانب المستوى السياسي. و من ثمة نربط بين محاربة الفساد و مقاومة الاستبداد لأنهما صنوان احدهما يدعم الآخر، فنحن نتوجه إلى النضال من اجل تفكيك كل بنيات التسلط و"القهرة والحكرة والشفرة "التي تؤطرها منظومة الفساد والاستبداد. نناضل من اجل ذلك ونقدم البديل الحقيقي والممكن الذي يضمن الوصول إلى تغيير جذري وجوهري عنوانه "ملكية برلمانية هنا والآن" . محمد بن سعيد أو كما يطلق عليه البعض ببشيخ اليساريين المغاربة كان مع المشاركة الم يكن حري بكم ان تسمعوا لشيخ خبر الممارسة السياسة في المغرب و يجيد تقدير اللحظات السياسية وما تتطلبه من مواقف مناسبة؟ أكن كل التقدير والاحترام لقائدنا الرفيق محمد بن سعيد الذي لازال يمدنا بتجارب عميقة في النضال الديمقراطي إلا أن موقف الرفيق بن سعيد، ينبغي أن يوضع في مسار هذا الرجل الذي كافح لمدة طويلة متشبعا بروح ديمقراطية قليل من يمارسها من السياسيين. واعتقد أن هذه الروح هي ما جعلته يعبر عن موقفه لدعم المشاركة في هذه الانتخابات، لا ننسى أن الرفيق بن سعيد صنع -ضمن ما صنع- قلعة سياسية ربما هي ابرز قلاع الحزب انتخابيا بمنطقة شتوكة ايت باها حيث لنا تمثيلية برلمانية والحزب يسير بها خمس جماعات محلية، وأنا اقدر أن من بنى هذه التجربة والمكاسب عبر سنوات طويلة سيخشى عليها من الضياع بفعل قرار قد يعتبره ظرفيا. فالمسألة لا تخرج عن اختلاف في التقديرات ..وهذا التقدير السياسي من المناضل الكبير بنسعيد يفرض على الحزب- قيادة وقواعد ومناصرين-القيام بما يلزم لتحصين مواقعنا الانتخابية لتستمر ضمن امتداداتنا السياسية ،لاسيما وان الانتخابات هي مجرد أداة للسياسة وليس العكس..