وضعت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية برنامجا لإحداث 10.000 وحدة جديدة للتعليم الأولي وإعادة تأهيل 5.000 وحدة حالية في المناطق القروية. هذا ما أعلنت عنه المبادرة في ورقة تقديمية للمناظرة الوطنية الأولى للتنمية البشرية التي نظمت يومي 18 و19 شتنبر 2019 بالصخيرات. واختارت المبادرة موضوع تنمية الطفولة المبكرة كموضوع للنسخة الافتتاحية من هذه المناظرة، حيث أبرزت في الورقة التقديمية أن الطفولة المبكرة تمثل فرصة سانحة لتنمية الرأسمال البشري، مشيرة في هذا السياق أن مختلف الأبحاث والاستشارات التي سبقت إطلاق المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية مكنت من التوصل إلى أن البلدان التي رفعت رهان تحقيق تنمية بشرية منصفة ومستدامة، قد استثمرت جميعها في قطاعي التعليم والصحة، وخاصة في الفئات العمرية الأولى. واعتبرت المبادرة في ورقتها التقديمية للمناظرة، المنعقدة تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، أن "الاستثمار في الطفولة المبكرة ليس مربحا على المستوى الاقتصادي فحسب، بل أيضا يمكن من الحد من حلقة الفقر وعدم المساواة الاجتماعية"، مؤكدة أن لهذه الأسباب لا بد من تنمية الطفولة المبكرة والاستفادة من هذه الفترة من الحياة لتنمية الرأسمال البشري للأجيال الصاعدة، وبالتالي إعداد البلاد لمواجهة تحديات التنمية في ظل ظروف جيدة. وفيما يتعلق بموضوع الطفولة المبكرة، حددت المبادرة موضوعي التعليم الأولي وصحة وتغذية الأم والطفل كمجالين للعمل أثناء بلورة برامج المرحلة الثالثة من المبادرة، حيث أشارت في هذا الإطار أنها تسعى إلى "المساهمة في تعميم تعليم أولي جيد في المناطق القروية والنائية، وذلك تماشيا مع التعليمات الملكية السامية المتضمنة في الرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في اليوم الوطني للتعليم الأولي في 18 يوليوز 2018، حيث أكد جلالة الملك على الأهمية القصوى للتعليم الأولي، بالقول "...فالتكفل بالأطفال في هذا السن هي الركيزة التي يجب بناء المدرسة المغربية الجديدة عليها، لأنها تشكل أساس التعليم الجيد". وأضافت المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أن المرحلة الثالثة تضع التعليم الأولي في المناطق القروية، كمحور ذي أولوية لدعم تنمية الرأسمال البشري للأجيال المقبلة، حيث ستعمل لتحقيق هذه الغاية على تحقيق ثلاثة أهداف أساسية، هي العمل على توفير التعليم الأولي في المناطق القروية والنائية، ضمان جودة العرض المتعلق بالتعليم الأولي، تقوية الوعي لدى الجهات المتدخلة بأهمية التعليم الأولي وذلك بهدف الرفع من الطلب لدى الأبوين بما في ذلك تعليم الفتيات. وفيما يخص الصحة والتغذية، أوضحت المبادرة أن المغرب حقق تقدما كبيرا في مجالي صحة وتغذية الأم والطفل على مدى العشرين سنة الماضية، مشيرة على سبيل المثال إلى انخفاض معدل وفيات الأمهات بنسبة تقارب 50 ٪ بين سنتي 2003 و 2010 وبنسبة 35 ٪ بين سنتي 2010 و 2016". ومع ذلك، سجلت المبادرة أن المعدل لا يزال مقلقا ويخفي تباينات كبيرة. كما سجلت المبادرة انخفاض معدل وفيات حديثي الولادة بنسبة 38٪ مقارنة بسنة 2011. فيما يبلغ حاليا 13.58 لكل 1.000 مولود حي. فيما انخفض معدل وفيات الرضع والأطفال بنسبة 27 ٪ بين سنتي 2011 و 2018. وتطرقت المبادرة لوجود مؤشر آخر لا يزال مرتفعا، وهو عدد الأطفال المغاربة الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات والذين يعانون من تأخر النمو، بحيث يبلغ 15 ٪، مؤكدة وجود تباينات كبيرة لأن هذا المعدل يبلغ حوالي 25 ٪ في بعض المناطق. ومع ذلك، سجلت المبادرة أن المتوسط العام انخفض بمقدار النصف تقريبا منذ نهاية الثمانينات. وأضافت المبادرة أن الدراسات الاستقصائية تظهر أن هذه الوفيات تعد نتيجة لظهور العديد من الأمراض مثل النزيف أو تسمم الحمل أو الالتهابات التي يمكن تجنبها، كما ينطبق نفس الشيء على مضاعفات الضائقة التنفسية لدى حديثي الولادة أو بعد الولادة. واعتبرت المبادرة أن الجهود المبذولة لرعاية النساء الحوامل وتلك المتعلقة باقتناء معدات المراكز الصحية يجب أن تحقق تأثيرا مباشر على هذه المعدلات، كما أن برامج مكافحة سوء التغذية، ينبغي أن يحد من تأخر النمو.