تشكل الفلاحة، القطاع الحيوي للاقتصاد الوطني، رافعة لا محيد عنها للتنمية الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب، والتي مكنت من تحقيق مجموعة من المكتسبات بفضل التعبئة المستمرة حول مخطط المغرب الأخضر، الذي يعتبر استراتيجية طموحة ومندمجة شكلت، على مدى عقد كامل، قلب القطاع الفلاحي المغربي النابض وقاطرته. وحقق مخطط المغرب الأخضر، الذي أطلق في أبريل 2008 بطموحات أساسية تتمثل في ضمان تحسن قوي للدخل الفلاحي وزيادة صافية للناتج الداخلي الخام الفلاحي والصادرات وذلك خلال 10 إلى 15 عاما، نتائج ملحوظة وملموسة ابتداء من تزايد الاستثمارات إلى تسريع إنتاج مختلف الفروع، مرورا بتحسين ظروف عيش الفلاح الصغير . وفي الواقع، فإن الدعامة الأولى للمخطط التي تستهدف فلاحة عصرية بقيمة مضافة مهمة، تهدف إلى تقوية وتطوير فلاحة ذات إنتاجية عالية تستجيب لمتطلبات السوق، عبر تشجيع الاستثمارات الخاصة ونماذج جديدة من التجميع العادل. ونتيجة لذلك، فقد ارتفعت قيمة صادرات القطاع الفلاحي والزراعات الغذائية بنسبة 3 في المائة في نهاية مارس 2018 لتصل إلى حوالي 17,5 مليار درهم، مدعومة بشكل خاص بالأداء الإيجابي لمبيعات صناعة الزراعات الغذائية للخارج التي ارتفعت ب 4,9 في المائة لتحقق أزيد من 9 مليار درهم. وبخصوص القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، فقد سجلت زيادة صافية ب 14,8 في المائة في 2017، وذلك راجع بالأساس لتحقيق محاصيل جيدة من الحبوب منذ إطلاق مخطط المغرب الأخضر. وإضافة إلى الظروف المناخية الجيدة، يرجع هذا الأداء الجيد للقطاع الفلاحي أيضا إلى الزيادة المهمة ب 52 في المائة في استخدام البذور المختارة للوصول إلى 1,66 مليون قنطار ، حسب المذكرة الأخيرة للظرفية التي أنجزتها مديرية الخزينة والمالية الخارجية. وفي الواقع، فإن رفع مستويات استخدام البذور المختارة إلى 45 في المائة بالنسبة للحبوب والبطاطس، و 100 في المائة بالنسبة للشمندر السكري وقصب السكر وعباد الشمس و 10 في المائة للبقوليات الغذائية، يعتبر أحد الأهداف الرئيسية لمخطط المغرب الأخضر في أفق 2020. وعمل مخطط المغرب الأخضر، الذي اعتمد مقاربة شاملة، على إدماج كافة الفاعلين في قطاع الفلاحة بالارتكاز على تقوية الاستثمارات وتحقيق اندماج أمثل لسلاسل الانتاج من المنشأ إلى الانتاج . وفي هذا السياق، ارتفع إنتاج الحوامض ب 15 في المائة في 2017، بفضل زيادة المساحات المزروعة وتجديد الأغراس في إطار أعمال مخطط المغرب الأخضر، وذلك حسب مديرية الخزينة والمالية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد و المالية. وبالمثل، فقد تحسن إنتاج البواكر ب 5 في المائة، مما ساهم في رفع صادرات المنتجات الفلاحية ب 11 في المائة، فيما سجلت الزراعات السكرية ارتفاعا ب 1,2 في المائة، وهو ما مكن من تغطية 42 في المائة من الحاجيات الوطنية من السكر . من جهته، من المتوقع أن يسجل إنتاج زيت الزيتون برسم موسم 2017-2018 رقما قياسيا يقدر ب 1,56 مليون طن، بزيادة 47,8 في المائة مقارنة مع الموسم السابق. وقد تجاوزت المساحة المخصصة للزيتون بشكل طفيف هدف مليون هكتار في مخطط المغرب الأخضر، بينها 879 ألف هكتار تساهم في الإنتاجية بشكل فعلي. وبخصوص قطاع تربية الماشية، فقد سجل بدوره تطورا بنسبة 4 في المائة على مستوى إنتاج اللحوم الحمراء، وذلك أساسا بفضل توسع مساحات الأعلاف من خلال استغلال 10 في المائة من الأراضي غير المستخدمة وتكثيف جهود التحسين الوراثي. وعلى صعيد آخر، عرف عدد الجرارات ارتفاعا ملحوظا بزائد 60 في المائة (8 جرارات لكل 1000 هكتار مقابل 5 في الألف هكتار في عام 2008)، فيما سجل معدل استخدام البذور المختارة بالنسبة للقمح ارتفاعا بزائد 35 في المائة مقابل 17,7 في المائة في 2008. أما في ما يخص الجانب المتعلق باقتصاد الماء، فقد تم تجهيز ما يقرب من 540 ألف هكتار بتقنية التنقيط الموضعي في حين يراهن المخطط على بلوغ هدف 550 ألف هكتار في 2020، مع اقتصاد في حجم الماء ب 950 مليون متر مكعب. وحسب مديرية الخزينة والمالية الخارجية التابعة لوزارة الاقتصاد و المالية فإن الجهود التي بذلت منذ إطلاق مخطط المغرب الأخضر وحتى نهاية 2017، مكنت من تعبئة 75 مليار درهم من الاستثمارات العمومية. وسمح هذا الجهد الاستثماري، الذي هم 1782 مشروعا وما يقرب من 1,18 مليون مستفيد ، بتحسين الدخل في العالم القروي بنسبة 68 في المائة وإحداث 45 مليون يوم عمل إضافي. كما مكن مخطط المغرب الأخضر، استنادا إلى رؤيته المندمجة، و عبر عملية التجميع من تحسين ادماج الفلاح الصغير في الأسواق والمبادلات بفضل تحسين الإنتاجية ودعم التحول نحو قطاعات إنتاجية مربحة. وإضافة إلى ذلك، تدعم الدعامة الثانية لمخطط المغرب الأخضر، على الخصوص، النهوض بفلاحة تضامنية وذات مردودية لفائدة المرأة القروية، من خلال مشاريع مخصصة للتعاونيات الفلاحية النسائية. وهكذا، سجل عدد التعاونيات التي تم إحداثها في إطار دينامية مخطط المغرب الأخضر في مختلف الفروع الفلاحية تقدما ملحوظا وذلك بحوالي 1779 تعاونية تضم ما يقرب من 32 ألف و126 امرأة في 2017. والواقع، أن مقاربة السلاسل الفلاحية التي اعتمدها مخطط المغرب الأخضر على مستويات التنمية، وتنظيم السلاسل والمهنيين، والتآزر بين الدولة والمهنيين عبر عقود البرامج، أضحت مفاهيم تشكل نقطة قوة النموذج الفلاحي التنموي المغربي. ومن جانبه، يخصص المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، الذي يطفئ شمعته الثالثة عشرة، مكانة مهمة لمخطط المغرب الأخضر، بالإضافة إلى تسليط الضوء على توجهاته الاستراتيجية من أجل مستقبل الفلاحة الوطنية.