بعد الخلاف الكبير الذي طفا على السطح مؤخرا بينهما، فاجأ إلياس العماري وفاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة، الجميع اليوم حين وصلا إلى مكان انعقاد المجلس معا، واضعان يدا في اليد، في إشارة إلى تذويب الخلاف بينهما. وكان الخلاف قد بدأ بين الطرفين، حين رفضت رئيسة المجلس الوطني إدراج البث في استقالة العماري من منصبه كأمين عام للحزب، خلال الدورة الثانية والعشرين للمجلس الوطني، في الوقت الذي كان يطمح فيه العماري ومساندوه استغلال لحظة البث في الاستقالة من أجل رفضها والتشبث به كأمين عام للحزب حت نهاية ولايته. هذا الخلاف تحول إلى ما يشبه "حربا بالوكالة" بين طرفين عبر وسائل الإعلام، حيث خرج محسوبون على التيارين بتصريحات تنم عن وجود خلاف كبير في كواليس الحزب، بين رافض ومساند لرفض استقالة العماري. وفي الوقت الذي كان ينتظر فيه الجميع أن تتحول حرب التصريحات إلى مواجهة مباشرة بين العماري والمنصوري خلال المجلس الوطني للحزب، يبدو أن العماري فضل تسوية الخلاف مع رئيسة المجلس الوطني قبل بداية المؤتمر، حيث حلا بقصر المؤتمرات بالصخيرات معا. وكما تُظهر الصورة التي التقطها موقع القناة الثانية، فقد كانت فاطمة الزهراء المنصوري تنظر إلى الأرض، فيما كان العماري رافعا رأسه، كما أنه طلب منها بإشارة بيده عدم فتح فمها والإدلاء بتصريح لوسائل الإعلام التي تجمعت حولهما، بينما كانا يتجهان صوب باب قصر المؤتمرات. ورغم تقديم إلياس العماري لاستقالته فإن عددا من المحسوبين عليه لم يتقبلوا ذلك، ودشنوا حملة للمطالبة برفض استقالته من طرف المجلس الوطني، الذي يبقى له حق قبول الاستقالة أو رفضها، لكن هذا المطلب اصطدم بطموحات قيادات أخرى داخل الأصالة والمعاصرة. من ضمن هذه القيادات هناك عضو المكتب السياسي للحزب، عبد اللطيف وهبي، الذي اعتبر في تصريح لموقع القناة الثانية قبل دخوله إلى قصر المؤتمرات أن استقالة العماري أصبحت نهائية، ولا حق لبرلمان الحزب في رفضها. لكن حكيم بنشماس، المحسوب على تيار المتشبثين برفض استقالة العماري، قال في تصريح لموقع القناة الثانية قبل دخوله لحضور أشغال المجلس الوطني، إن المجلس الوطني هو برلمان الحزب وهو هيئة مستقلة بذاتها، وهو من انتخب العماري أمينا عاما للحزب، ويملك الحق في مناقشة والبث في استقالة العامري. الخلاف الأساسي بين التيارين بدأ قبل انطلاق أشغال المجلس الوطني، وبالتحديد حين تم نشر جدول أعمال المجلس الوطني من طرف رئيسة المجلس فاطمة الزهراء المنصوري، إذ أنها لم تدرج البث في استقالة إلياس العماري ضمن جدول الأعمال، واكتفت بالإشارة إلى أنه سيكون هناك إخبار بهذه الاستقالة في كلمة لإلياس العماري. هذه النقطة أثارت الجدل بين مكونات الحزب، حيث كان يراهن عدد من القادة السياسيين وأعضاء الحزب على لحظة البث في الاستقالة من أجل رفضها والتشبث بالعماري إلى غاية نهاية ولايته كأمين عام للحزب. ومهما كانت حدة هذه الخلافات فينتظر أن يسفر المجلس الوطني للأصالة والمعاصرة اليوم عن مصير إلياس العماري رفقة حزب الجرار، إن كان سيرحل أم سيستمر على رأس الحزب.