تُوّجت التطورات الإيجابية الأخيرة في العلاقة بين الرباط وبرلين، برسالة من الرئيس الألماني فرانك شتينماير إلى جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة حلول السنة الجديدة 2022، التحوّل الذي من شأنه أن يطوي صفحة الخلافات ويفتح أخرى جديدة قائمة على التعاون والشراكة الموسعة. ووفق بلاغ صادر عن الديوان الملكي أمس الأربعاء، أكّد الرئيس الألماني في رسالته على أنّ المغرب شهد إصلاحات واسعة تحت قيادة الملك محمد السادس، مذكّرا ب"دعم ألمانيا المستمر والقوي للتطور الرائع في المغرب"، كما حملت الرسالة دعوة إلى الملك للقيام بزيارة دولة إلى ألمانيا، من أجل "إرساء شراكة جديدة بين البلدين". وتأتي رسالة الرئيس الألماني في سياق تقارب ملحوظ بين المغرب وألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة، بعد قطيعة دامت لأشهر نتيجة خلافات دبلوماسية عميقة، حيث عملت وزيرة الخارجية الألمانية الجديدة منذ تعيينها على إذابة الجليد وإعادة الدفء إلى العلاقة بين البلدين، الأمر الذي رحّبت به الرباط واعتبرته "تطوّرات إيجابية ومواقف بنّاءة". في قراءته للتحولات الأخيرة في العلاقات بين البلدين، اعتبر الخبير في العلاقات الدولية عبد الفتاح الفاتحي، أن الرسالة الأخيرة تعكس رغبة ألمانيا في تجاوز حالة القطيعة السياسية والدخول في علاقات تعاونية ندية تراعي القضايا الاستراتيجية المغربية. وتابع المتحدث في تصريحه لموقع القناة الثانية أنّ ألمانيا، أحست بالحاجة الملحة إلى متعاون إقليمي موثوق فيه، لما يمتلكه من أوراق نافذة في قضايا الأمن والسلم الدوليين، غداة تزايد نفوذ الجماعات المتطرفة في المنطقة الساحل والصحراء، فضلا عن تزايد جرائم الهجرة غير الشرعية والاتجار في البشر وتهريب المهاجرين. وأبرز الخبير في العلاقات الدولية بأن ألمانيا "تستشعر أهمية التعاون مع المغرب لاستقراره الاقتصادي والسياسي والاجتماعي بما يمكن من عملية اقتصادية واستثمارية تحفظ لألمانيا فعالية كبرى في إفريقيا." وأشار المتحدث ذاته إلى أنّ ألمانيا تعمل كذلك على تجاوز الخلاف مع المملكة المغربية حول قضية الصحراء، حيث أكدت الرسالة على أن ألمانيا "تعتبر مخطط الحكم الذاتي الذي قدم في سنة 2007 بمثابة جهود جادة وذات مصداقية من قبل المغرب، وأساس جيد للتوصل الى اتفاق لهذا النزاع الاقليمي." وأشار أن التطورات المتلاحقة في ملف العلاقات بين البلدين، تشير إلى "تحول عميق في العلاقات المغربية الألمانية، ولاسيما فيما يتعلق بمواقف ألمانيا والاتحاد الأوربي من النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء"، موضحاً أنّ هذا التطور في الرؤية السياسية لألمانيا تجاه المغرب "سجل بعد إظهار المغرب صرامة قوية في التعاطي مع المواقف التي لا تراعى قضاياه الاستراتيجية، ولاسيما بعد تأكيد الاعتراف الأمريكي لمغربية الصحراء." على صعيد آخر، يبرز الفاتحي أنّ المغرب حقق تراكما اقتصاديا وتنموياً يجعل منه وجهة استثمارية رائدة، بفضل البنى التحية والأوراش الكبرى التي تجعل منه ممرا رئيسيا في العلاقات الأوربية الإفريقية، ولهذا يضيف أن المانيا تسعى الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع المملكة المغربية، وبناء شراكات جديدة وقويّة. وتوقع المتحدث في ختام تصريحه أن من الوارد جدا أن نشهد خلال القادم من الأيام توقيع اتفاقيات استثمارية واقتصادية كبيرة في مجال النطاقات المتجددة وقطاع السياحية والتعاون الأمني والقضائي بين البلدين.