بعد أن خطف منه ريتشارد برانسون الأضواء بالسفر أولا إلى الفضاء، يجد جيف بيزوس نفسه مرة أخرى في موقف مماثل بعد أن أصبح إيلون ماسك أول ملياردير سيحمل رواد فضاء من ناسا إلى سطح القمر. وفي تطور جديد في هذه الملحمة الفضائية التي مازالت تجذب اهتمام وسائل الإعلام الأمريكية والرأي العام، رفض مكتب المساءلة الحكومية، وهي هيئة تدقيق وتقييم وتحقيق بالكونغرس، الأسبوع الماضي، الدعوى الرسمية التي تقدم بها بيزوس، مؤسس (أمازون) ورئيس (بلو أوريجين)، للطعن في قرار (ناسا) باللجوء إلى شركة واحدة فقط لنقل روادها الفضائيين إلى القمر. ولطالما اعتبرت المنافسة الشديدة على إبرام عقود مع (ناسا)، والتي فازت بها في نهاية المطاف شركة (سبيس إكس) التي يمتلكها إيلون ماسك، معركة طاحنة بين المليارديرين، دون إيلاء أي اعتبار حقيقي لوجود شركة منافسة ثالثة، وهي (داينتيکس)، التي قدمت أيضا دعوى رسمية ضد وكالة الفضاء لدى مكتب المساءلة الحكومية، وهي الهيئة المسؤولة عن التدقيق في القرارات التعاقدية الفيدرالية. وعند الإعلان عن طلب العروض، قال مسؤولو (ناسا) إنهم يبحثون عن عدة شركات لضمان المنافسة والتوافر في حالة ما إذا واجه أحد النماذج صعوبات. بيد أن مكتب المساءلة الحكومية أكد أن (ناسا) لم تنتهك أيا من قواعدها من خلال منح عقد واحد فقط. إذ يشير الإعلان عن طلب العروض إلى أن وكالة الفضاء تحتفظ بالحق في اختيار شركة واحدة فقط، إن وجدت. وبعد أن أكدت أن وكالة (ناسا) قي مت جميع المقترحات الثلاثة بشكل منصف، على الرغم من إقرارها بأن وكالة الفضاء تنازلت دون مبرر عن شرط لفائدة (سبيس إكس)، فقد قرر المكتب أن هذا الخطأ لم يكن جسيما بما يكفي لإطلاق طلب عروض جديد. وأوضح مكتب المحاسبة الحكومية، في بيان، أن "القرار يخلص أيضا إلى أن المدعين لم يتمكنوا من إثبات أي احتمال معقول للتحيز التنافسي الناتج عن هذا الاختلاف المحدود في التقييم". ومن جهتهم، أعلن مسؤولو (ناسا)، الذين برروا قرارهم بالميزانية المحدودة المخصصة لهذا الغرض، عن إطلاق طلب عروض جديد لتصميم مركبات للهبوط على سطح القمر، مفتوح أمام (بلو أوريجين) و(داينتيکس) ووأي شركة أخرى مهتمة بهذا الطلب. وقالت وكالة الفضاء، في بيان، "جدير بالذكر أن قرار مكتب المساءلة الحكومية سيمكن (ناسا) و(سبيس إكس) من وضع جدول زمني لأول هبوط مأهول على سطح القمر منذ أكثر من 50 سنة". من جانبها، أعربت شركة (بلو أوريجين)، في بيان عقب رفض الطعن الذي تقدمت به، عن اقتناعها بوجود "مشاكل أساسية في قرار وكالة (ناسا)، لكن مكتب المساءلة الحكومية لم يتمكن من معالجتها نظرا لاختصاصاتها المحدودة. سنواصل الدفاع عن التعاقد مع شركتين بشكل فوري، لأننا نعتقد أن هذا هو الحل الصحيح". ونظرا لأن الأمر لم يكن يتعلق بطلب عروض لعقد فيدرالي نموذجي حيث تتنافس الشركات على مهمة محددة للغاية، أكد بيزوس ومسؤولو (بلو أوريجين) أن (ناسا) مازال بإمكانها منح عقود إضافية. وأرسل بيزوس أيضا رسالة مفتوحة إلى مدير (ناسا)، بيل نيلسون، يتنازل فيها عن ملياري دولار من أصل 6 ملايير دولار التي يتضمنها العرض الأولي. وعزا أغنى رجل في العالم ذلك إلى القيود التمويلية التي ذكرتها آنفا وكالة الفضاء. وماتزال العروض الحالية التي تقدمت بها (بلو أوريجين) و(داينتيکس) سارية إلى غاية 9 غشت. وقال متحدث باسم (بلو أوريجين) إن الشركة طلبت من وكالة الفضاء تمديد هذا الأجل إلى فاتح نونبر "لضمان أن تكون لدى (ناسا) كل الحظوظ للتعاقد مع شركة ثانية والحفاظ على المنافسة". ومن خلال لجوئها إلى شركات خاصة لمواكبتها في برنامجها الخاص بالهبوط على سطح القمر، والمعروف باسم (أرتميس)، تأمل (ناسا) في المراهنة على نجاح ترحيل الخدمات في مجال الشحن. ففي السابق، كانت (ناسا) تشرف على تصميم وتشغيل مركباتها الفضائية، وهي مقاربة ثبت أنها أكثر تكلفة.