يبدو أن تشكيل حكومة جديدة في لبنان، تخرج البلاد من الوضع المعيشي المتأزم ، أصبح أمرا مستعصيا وسط الاتهامات المتبادلة بين الرئيس ميشال عون ورئيس الوزراء المكلف سعد الحريري بعرقلة تشكيل الحكومة. وازدات حدة السجال بين الطرفين بعد الاجتماع الذي عقد أمس وهو الاجتماع ال18، والذي لم يسفر عن اتفاق على تشكيل حكومة جديدة. وبددت التصريحات التي أدلى بها الحريري عقب اجتماعه بعون ،الآمال الضئيلة للبنانيين بتشكيل حكومة جديدة قريبا تخرج البلاد من الوضع الاقتصادي والمعيشي المتدهور ، حيث أعلن الرئيس المكلف عدم الاتفاق على تشكيلة الحكومة، مشيرا إلى أن الرئيس اللبناني أصر على أن يحظى حلفاؤه السياسيون ب "أغلبية معطلة" في الحكومة،وهو ما رفضه الحريري الذي يسعى إلى تشكيل حكومة من اختصاصين. واعتبر الرئيس المكلف سعد الحريري التشكيلة الحكومية التي اقترحها الرئيس "غير دستورية"، مؤكدا أن ورقة الصيغة التي تلقاها من عون تتضمن ثلثا معطلا لفريقه السياسي وتضم 18 أو 20 أو 22 وزيرا. و"الثلث المعطل"هي تسمية تطلق على حصول فريق سياسي على ثلث الحقائب الوزارية ما يسمح له بالتحكم في التصويت على قرارتها وفي النصاب المطلوب لانعقاد اجتماعاتها. بدورها أكدت الرئاسة اللبنانية في بيان صحفي ،حرص الرئيس عون على تشكيل الحكومة الجديدة "وفقا لأحكام الدستور" موضحة أن "الأزمة حكومية ولا يجوز تحويلها إلى أزمة حكم ونظام، إلا إذا كانت هناك نية مسبقة بعدم تشكيل حكومة لأسباب غير معروفة ولن نتكهن بشأنها". وتعد الأزمة الاقتصادية أكبر تحد لاستقرار لبنان منذ انتهاء الحرب الأهلية في 1990. وتشهد لبنان أزمة سياسية خانقة منذ غشت المنصرم كلف على أثرها رئيس البلاد سعد الحريري بتشكيل حكومة جديدة في 22 أكتوبر الماضي. وأعلن الحريري أنه قدم في 9 دجنبر الماضي تشكيلة حكومية تضم 18 وزيرا من الاختصاصيين غير الحزبيين،بحسب مبادرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لإنقاذ لبنان، لكن التشكيلة قوبلت باعتراض من عون بسبب عدم الاتفاق مع الرئاسة على تسمية الوزراء. وتقوم مبادرة ماكرون على تشكيل حكومة تكنوقراط لتنفذ إصلاحات إدارية ومالية واقتصادية ملحة خلال ثلاثة أشهر، تمهيدا للحصول على دعم المجتمع الدولي، لكن القوى السياسية فشلت حتى الآن في تسهيل تشكيل الحكومة. ويعاني لبنان من أزمات سياسية واقتصادية ومالية أدت إلى تعثره في سداد ديونه السيادية مع تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019 وانهيار العملة الوطنية وتصاعد الفقر والبطالة والتضخم. وتفاقم الوضع في لبنان بفعل تداعيات تفشي مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وانفجار مرفأ بيروت الذي أوقع أكثر من 200 قتيل و6 آلاف و500 جريح، إضافة إلى تشريد نحو 300 ألف شخص وأضرار مادية ضخمة قدرت بنحو 15 مليار دولار. ويشهد لبنان منذ ثلاثة أسابيع احتجاجات شعبية بسبب تردي الأوضاع المعيشية.