كشف وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، عن تفاصيل الإجراءات التي ستقوم الحكومة باتخاذها من أجل تفعيل فوري للتوجيهات الملكية السامية التي تضمنها خطاب العرش الأخير، لا سيما ما يتعلق بتعبئة موارد مالية بقيمة 120 مليار درهم لتحقيق الإقلاع الاقتصادي وتعميم التغطية الاجتماعية على جميع المغاربة في ظرف خمس سنوات. وأوضح الوزير في ندوة صحفية اليوم الثلاثاء بالرباط أن 45 مليار درهم من أصل 120 مليار درهم التي سيجري تعبئتها لتحقيق الإقلاع الاقتصادي سيتم تخصيصها لصندوق الاستثمار الاستراتيجي الذي دعا جلالة الملك إلى إحداثه في الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى 21 لعيد العرش، مشيرا إلى أن هذا الصندوق سيتدخل بشكل مباشر في تمويل المشاريع الاستثمارية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص وبشكل غير مباشر في دعم رساميل المقاولات بهدف تطويرها. وأضاف أن تعبئة 45 مليار درهم المرصدة لصندوق الاستثمار الاستراتيجي ستتم عبر المؤسسات الوطنية والدولية بقيمة 30 مليار درهم و 15 مليار درهم ستتم تعبئتها من طرف الدولة عبر قانون المالية المعدل لسنة 2020، مشيرا إلى أن المرسوم المتعلق بإحداث هذا الصندوق سيتم إحالته هذا الأسبوع على المجلس الحكومي من أجل المصادقة عليه. أما ال75 مليار درهم المتبقية، كشف الوزير أنه سيتم تخصيصها لفائدة جميع المقاولات بما في ذلك المؤسسات والمقاولات العمومية الأكثر تأثرا بأزمة كوفيد-19 وذلك على شاكلة قروض مضمونة من طرف الدولة سيتم تقديمها وفق شروط تفضيلية لفترات تتراوح بين 5 و 10 سنوات حسب القطاع، مضيفا أنه سيتم تكليف صندوق الضمان المركزي بتدبير هذا النظام للضمان، فيما سيتم تخصيص 5 ملايير درهم من صندوق كوفيد-19 من أجل تغطية مخاطر عدم قدرة الشركات المستفيدة على السداد. بخصوص تعميم التغطية الاجتماعية، أوضح الوزير أن هذا الورش يمثل إصلاحا يكرس تغطية إجتماعية شاملة من خلال تعميم التأمين الإجباري على المرض ابتداء من يناير 2021 و التعويضات العائلية لفائدة كل الأسر ابتداء من يناير 2021 والتقاعد لفائدة الساكنة النشيطة التي لا تتوفر حاليا على تغطية اجتماعية و التعويض عن فقدان الشغل لفائدة الساكنة النشيطة. وأشار الوزير أنه طبقا للتوجيهات السامية، سيتم الشروع الفوري في حوار اجتماعي بناء مع كل الشركاء، مضيفا أن تنزيل هذا الإصلاح سيتم بشكل تدريجي خلال 5 سنوات وعلى مرحلتين وفق التسلسل الزمني التالي: تفعيل التغطية الصحية الإجبارية والتعويضات العائلية خلال الفترة المتراوحة بين 2021 و 2023 وتعميم التقاعد والتعويض عن فقدان الشغل 2024 2025. وتابع أن إنجاح هذا الإصلاح يحتاج اتخاذ مجموعة من التدابير القبلية والمواكبة، والتي تتعلق على الخصوص بإصلاح الإطار القانوني والتنظيمي، وإعادة تأهيل الوحدات الصحية وتنظيم مسار العلاجات، وإصلاح الأنظمة والبرامج الاجتماعية الموجودة حاليا للرفع من تأثيرها المباشر على المستفيدين خاصة عبر تفعيل السجل الاجتماعي الموحد، وإصلاح حكامة نظام الحماية الاجتماعية، والإصلاح الجبائي المتعلق بإقرار مساهمة مهنية موحدة. وأوضح أن الإصلاح سيشمل كذلك القطاع العام الذي يعاني حسب الوزير من عدة نقاط ضعف ونواقص، مشيرا أن خطة الإصلاح تشمل إعادة هيكلة قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية عبر إسناد بعض مهام المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع غير التجاري والاجتماعي للوزارات المعنية بعد تصفية أو حل المؤسسات والمقاولات العمومية التي ليس من الضروري الحفاظ عليها. كما تشمل الخطة تجميع بعض المؤسسات والمقاولات العمومية ذات الأهمية الاستراتيجية وتصفية أو حل المؤسسات والمقاولات العمومية التي لم تعد المهمة التي أحدثت من أجلها قائمة. أما بالنسبة للمؤسسات والمقاولات العمومية ذات الطابع التجاري والمالي، فسيتم تعزيز استدامة نموذجها الاقتصادي والمالي عبر تقليص التبعية للميزانية العامة للدولة (رؤوس الأموال والضمانات)، وتحسين المساهمة في الميزانية العامة للدولة (الأرباح والاتاوات)، وتثمين الأصول، وتعزيز اللجوء للشراكة بين القطاعين العام والخاص. إلى جانب إحداث مجموعات وشركات قابضة قطاعية ومتجانسة تلبي متطلبات الحجم المثالي وعقلنة التدبير (التدفقات والخزينة والتكاليف) والجذب بالنسبة للسوق المالي، واستغلال فرص جديدة يوفرها الذكاء الاصطناعي والرقمنة والاقتصاد الدائري، فضلا عن إحداث وكالة للتدبير الاستراتيجي لمساهمات الدولة ومواكبة أداء المؤسسات العمومية.