شهد العرض التلفزي الرمضاني هذا الموسم والمتزامن مع جائحة كورونا ، اختفاء ابرز مكوناته الاشهارية ، حيث لم يعمد أي فاعل في قطاع الاسكان والبناء على استثمار الوصلات الاشهارية وقت الذروة ، وهو ما يعكس واقع اقتصادي حرج لأبرز قطاع نشيط في النسيج الاقتصادي المغربي ، إذ بحسب ارقام الاقتصاديين ، أوقفت الجائحة أزيد من 90٪ من المشاريع في مجال البناء والإسكان ، مما ينطوي على مخاطر كبيرة على مستقبل القطاع . ويساهم قطاع البناء والإنعاش العقاري، بأكثر من 14٪ من الناتج الداخلي الإجمالي للمغرب، ويوظف أكثر من مليون شخص ويستحوذ على حوالي 30٪ من الالتزامات البنكية ، لكن أرقام المندوبية السامية للتخطيط في آخر معطياتها اوضحت ان قطاع البناء سجل انخفاضا في مناصب الشغل ما يعادل تقريبا 170 ألف منصب. لكن تعود المندوبية لتكشف في بحث آخر إلى أن 49 بالمئة من المقاولات الصغيرة، الصغرى والمتوسطة، النشيطة ، قد تكون خفضت إنتاجها بسبب الأزمة الصحية الحالية حيث اضطر قطاع البناء في هذا البحث إلى التخفيض رغم الاستمرار في مزاولة أنشطته 62 بالمئة من مقاولات قطاع البناء . وانعكس هذا التوقف جراء الجائحة على معاملات بورصة البيضاء ايضا، حيث تراجعت أرقام أداء قطاع العقار بنسبة 48.97 في المائة، في الوقت الذي بلغت الخسائر المالية لبورصة الدارالبيضاء على مستوى الرسملة منذ بداية جائحة "كوفيد 19 ، مايقارب 125 مليار درهم ، "، في حين انخفضت الرسملة من 626 مليار درهم في أواسط شهر مارس المنصرم إلى أقل من 501 مليار درهم مع نهاية تداولات الأسبوع الماضي. تقرير آخر أعدته كلوبل روسرتش، يوضح زاوية اخرى للواقع الاقتصادي لمجال البناء والانعاش العقاري، اذ يتوقع انخفاض استهلاك الإسمنت في المغرب، بنسبة 20 في المائة على مدى العام الحالي، لينحدر إلى 10.9 ملايين طن، مقابل 13.6 مليون طن في العام الماضي.في حين يتوقع التقرير تراجع الاستهلاك بنسبة 65 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري، و24 في المائة في الربع الثالث، بعد إيقاف الإغلاق الصحي . ورغم المعطيات المظلمة التي جاء بها التقرير فضلا عن معطيات المندوبية السامية للتخطيط ، يترقب أن يرتفع استهلاك الإسمنت بنسبة 11 في المائة في الربع الأخير من العام الجاري بعد عودة نشاط الإنعاش العقاري والبناء الى ذروة نشاطه الاقتصادي . الفدرالية الوطنية للمنعشين العقاريين من جانبها عملت مع وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة على وضع الآليات المناسبة للتخفيف من آثار هذه الأزمة الاقتصادي التي يعرفها القطاع جراء فيروس كورونا . وبحسب الفدرالية تقرر رفقة السلطات الوصية اتخاذ مجموعة االتدابير والإجراءات المهمة والتي تهدف الى تخفيف ازمة القطاع ،حيث تقررعودة نشاط التوثيق، حيث قررت الوكالة الوطنية للمحافظة العقارية والمسح العقاري والخرائطية، العمل على تيسير مهام القطاع عبر الحامل الرقمي. كما تقرر معالجة الملفات المرتبطة بقطاع البناء والانعاش العقاري أمام الإدارات التابعة للوزارة التراب الوطني والتعمير بشكل رقمي، وتمكين الفاعلين في القطاع من الولوج إلى آلية التمويل “ضمان أوكسجين”، والتي يعد طوق نجاة مؤقت امام ضبابية الافق الاقتصادي للمستقبل، فضلا عن ووضع دليل صحي تحسيسي خاص بالقطاع داخل مختلف أوراش البناء. ورغم آليات الانعاش التنظيمي و الاقتصادي التي تم اعمالها من طرف الوزارة الوصية بهدف تجاوز القطاع للازمة الصحية التي تعرفها بلادنا ، أطلقت مجموعة من المتدخلين الاقتصاديين نداء استغاثة كالجامعة الوطنية للبناء والأشغال العمومية وذلك عبر مراسلة موجهة لرئيس الحكومة حول تداعيات جائحة كوفيد-19 على المقاولات العاملة في قطاع البناء والأشغال العمومية. والتي دعت من خلالها العثماني ،المساعدة على وقف انخفاض رقم معاملاتها بقطاعي البناء والأشغال العمومية ب 75 بالمئة و 60 بالمئة، على التوالي. من جانبها دعت رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين الحكومة إلى اتخاذ إجراءات مستعجلة لحماية قطاع العقار ، حيث اقترحت مخططا استعجاليا يمتد حتى نهاية سنة ،2021 تحت شعار "متضامنون لإنقاذ مناصب الشغل في قطاع العقار" يهدف إلى إعادة تشغيل القطاع الذي يمكن أن يتم بسرعة كبيرة، عبر إحياء الطلب وصناعة البناء، واتخاذ تدابير واقعية لإنعاش السكن الاقتصادي والاجتماعي. وطالبت الرابطة ، بإحياء الطلب بإجراءات مستعجلة لفائدة المشترين للعقارات، وتشجيع المنعشين العقاريين على منح تخفيضات في أسعار بيع المساكن بنسبة لا تقل عن 10 في المائة تطبق حتى نهاية عام 2021، وخاصة بالنسبة للسكن الاجتماعي والسكن المخصص للطبقة المتوسطة، وحثهم على الحفاظ على مناصب الشغل و استخدام مواد البناء المحلية. كما تدعو لإطلاق تدابير ضريبية تحفيزية انتقالية إلى غاية نهاية سنة 2021، تتمثل في تخفيض نسبة ضرائب تسجيل العقارات و رسوم المحافظة العقارية بنسبة 50 في المائة للمشترين لأول مرة. وكذا تعليق العمل مؤقتا بالنظام المرجعي للأسعار، نظرا للانخفاض المتوقع في الأسعار خلال الفترة المعتمدة. وإعفاء الفوائد البنكية المطبقة على قروض السكن الاجتماعي من الضريبة على القيمة المضافة.